الأسرة المسلمة في المجتمع الغربي أمام التحدّيات

الأسرة المسلمة في المجتمع الغربي أمام التحدّيات
تحتلّ الأسرة في التشريع الإسلامي موقع الخلية الاجتماعية الأولى، التي تمثل المحضن الإنساني المتميِّز بالعنصر العاطفي الحميم، الذي يشدّ الإنسان إلى زوجه وإلى ولده وإلى أبيه وأمه وأخوته، ليكون ذلك وسيلةً من وسائل بناء الشخصية الإنسانية، على أساس متحرك من الحنان الروحي، الذي يغذّي الإنسان، فيملأ عقله وقلبه بالأمن والطمأنينة، من خلال هذا النوع من التداخل، الذي يجعل الروح منفتحة على الروح، بحيث يتحسس الجو العاطفي الذي يغمره ويحيط به، في أسلوب إنساني يعيش فيه كل المفردات النفسية والروحية والفكرية، بطريقة لا تثقل ذاته، ولا تسيء إلى طفولته، لأنها تجعله يتنفس بإحساسه، وبكل عفوية، مشاعر الحب والعطف.

المسؤولية الإسلامية تجاه الأسرة
وفي ضوء ذلك، تنطلق المسؤولية الإسلامية في رعاية الأسرة، على أساس من التخطيط الفكري والنفسي، الذي يحقق لأفرادها الانفتاح على المفاهيم الإسلامية فكراً وعاطفة ومنهجاً للحياة، بحيث يبدأ الإنسان حركته من القاعدة الإسلامية، التي يرتكز عليها البناء العقلي والعاطفي والحركي، ليكون الإنسان المسلم الذي يواجه ـ منذ طفولته ـ الواقع المضاد، بقوّةٍ وثبات، فلا يكون ريشةً في مهب الريح، أو خشبةً في مجرى التيار، لأن ذلك هو الذي يدفع بالجيل الإسلامي إلى الساحة العامة، التي تختلف فيها العقائد والخطوط والاتجاهات، ليتخذ موقعه فيها على أساس التوازن الذي يحميه من كل الاهتزازات العنيفة في أجواء التحديات.

إنّ القضية التي تفرض نفسها على واقع المسؤولية في الأسرة، هي قضية تنشئة الفرد في داخلها، ليكون إنسان الله في عبوديته له، وإخلاصه له، وارتباطه به، من خلال الخط العقيدي والعملي والشعوري الذي يعيش فيه الإنسان معنى الحب لله والخوف منه، بحيث يجد في حياته الفرصة للحصول على رضوانه، والدخول في ساحة قدسه، والبعد عن مواقع غضبه وجحيم ناره.
وهذا ما أكدته الآية الكريمة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم: 6].

فإننا نلاحظ ـ في هذه الآية ـ أن الله سبحانه يستثير الجانب العاطفي، ليندفع الإنسان في طريق التخطيط، لتحقيق العنصر الوقائي الداخلي والخارجي من الوقوع في النار الكبرى، التي تتميز بهذه القسوة في طبيعتها، وبقسوة القائمين عليها، تماماً كما لو كان الأب أو الزوج أو الأم في الدنيا، في الموقف الذي يواجه فيه الإنسان الآخر ـ الزوجة أو الولد ـ الحريق في النار، ليستثير عمق اللهفة والنفسية في التحرك، لإنقاذه من هذا المصير المحتوم.

ونجد في الجانب الآخر الآية الأخرى في قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} .
إننا نجد في هذه الآية الجوّ الأسري في الجنة، حيث يجتمع الصالحون من الآباء والأزواج والذرية، ويلتقون من جديد في مواقع رضوان الله، من خلال صلاحهم العقيدي والعملي، وذلك بعد أن استقاموا في خط التوحيد والطاعة لله.
إن هاتين الصورتين يقدمهما القرآن للناس، من أجل أن يثير فيهم العزيمة، لتجاوز الصورة الأولى إلى الصورة الثانية، في النهايات السعيدة التي يريدها الإنسان لنفسه ولأهله، ما يجعل من المسألة مسألة تتصل بالمصير، لا بالحالة الطارئة التي تتحرك في حياته بين وقت وآخر.

وفي ضوء ذلك، فإنَّ المسألة تحتاج إلى جهد جماعي، إضافةً إلى الجهد الفردي، من أجل تهيئة الأجواء والظروف العامة التي تمثل البيئة التي تنمو فيها الأسرة، وتحقق لأفرادها ـ من خلالها ـ الضمانة لتحقيق المناعة الذاتية ضد الانحراف والسقوط، وذلك بتحضير الوسائل المتنوعة من المدارس والمحاضن والبرامج المختلفة، التي تملأُ النفس بحاجاتها، في الدراسة واللهو البريء والتنمية الروحية، التي تحقق للفرد الشروط الضرورية لحياته الطبيعية.

تحديات الأسرة المسلمة
ولعلّ المسؤولية تتجاوز الأهل في تجمعاتهم العائلية أو المحلية، إلى العاملين في الحقل الإسلامي، من المرجعيات الإسلامية إلى الحركات الفاعلة والفئة المثقفة، من المفكرين والدعاة والمبلّغين، الذين يتحركون في اتجاه التكامل في إيجاد الخطة الحكيمة نحو جيل إسلامي منفتح على الإسلام والعصر، بحيث يكون قوة فاعلة في انطلاقة الإسلام المعاصر نحو العالم، لأن القضية ليست من القضايا المتصلة بالجانب الذاتي الذي يتصل بالآباء والأمهات تجاه أولادهم، كلٌ في نطاق أسرته، بل تتصل بالجيل الإسلامي الجديد في تطلعاته العامة وفي ساحته المفتوحة، وفي حركة الصراع التي تتحداه في معارك الإسلام والكفر.

وإذا كانت المسؤولية كبيرةً وشاملة في الواقع الاجتماعي في داخل البلاد الإسلامية، فإنها تتمثل بشكل أقوى وأكبر في بلاد الكفر، عندما يضطر المسلمون إلى الهجرة إليها والإقامة فيها، فقد يلتقون هناك بالواقع الذي لا يمثل أرضاً يتجذرون فيها، وجواً لا يملكون الانفتاح عليه، وعالماً يشعرون بالغربة فيه، من خلال مفاهيمه وعاداته وتقاليده المختلفة عن كل ما اختزنوه من أفكار ومن عاداتٍ وتقاليد.

وإذا كان الكبار من الرجال والنساء، قد انطلقوا من جذورٍ عميقة في انتماءاتهم الإسلامية من موقع الفكر والممارسة، فإن الصغار من الجيل الناشئ لم يختزن هذه العناصر في ذاته، لأن ما يحمله منها، لا يمثل إلا بعض الكلمات الطائرة، والمفاهيم الضبابية التي لا تلامس أعماقهم إذا كانت قد لامست بعض سلوكياتهم، وربما تكمن الخطورة في المدرسة الغربية، التي يتعلم فيها الأطفال المسلمون، حيث يتنفسون أجواء الغرب في كل مشاعره وأوضاعه وتطلعاته، كما لو كانت شيئاً طبيعياً يتحركون في داخله تماماً كما هي الأشياء الطبيعية لدى رفاقهم في الملعب وفي الصف، وربما يستغربون تعليقات آبائهم وأمهاتهم بالطريقة السلبية، كما لو كان الأمر خارجاً عن المألوف، وقد يواجهون الموقف بالمزيد من الرفض الخفي المعقد من موقف الأسرة، فيحملون في قلوبهم وعلى ألسنتهم تساؤل طفولي مرير عنوانه: لماذا يحرمونهم من الرقص مع زميلاتهم، أو السباحة المشتركة، أو العلاقات الحميمة الحرة ونحو ذلك؟
إن المشكلة الصعبة في هذا الواقع، هي أن الجيل الجديد الناشئ، لا يملك المفاهيم الواضحة العميقة في شخصيته، ليحمي نفسه من المؤثرات المتحركة في الجو الذي أقحم فيه، والساحة التي وضع فيها. لذا، يعيش بشكلٍ ضبابي تلك الأفكار المتصلة بالله وعلاقته بالإنسان، وموقف الإنسان منه، وما هو مفهوم الحرية الشخصية لديه، وما هي قصةُ الأخلاق في ذلك كله؟
قد تنفذ بعض التعاليم إلى وعيه الشعوري، وقد تتضارب الأشياء لديه، فيعيش في حيرة عميقة بين قديمه الذي تلقاه من الأسرة، وجديده الذي تلقاه من المدرسة أو من الجو المحيط به. وربما لم يستطع أن يواجه الموقف بطريقة متوازنة تفسح المجال للأجوبة عن علامات الاستفهام الحائرة لديه، ما قد يؤدّي إلى تحطّمه من الناحية النفسية، إذا لم يصل إلى مستوى التحطّم الوجداني.

بين ثبات الأخلاق وحركيتها
إن الطفل الذي يعيش في الغرب قد انغرس في غير أرضه، ولذلك، كان نموّه بعيداً عن العناصر الطبيعية، التي تمنحه حالة النموّ الطبيعي، الأمر الذي يفرض علاجه في نطاق خطةٍ مدروسة واقعية واعية. وفي هذا المجال، يمكن تلمّس النقاط الآتية:

1 ـ الانطلاق من الكلمة المأثورة عن الإمام علي(ع): "لا تخلقوا أولادكم بأخلاقكم، فإنهم خُلقوا لزمانٍ غير زمانكم". فقد نستوحي من هذه الكلمة ضرورة لحاظ اختلاف الزمن، لأن المسألة لم تنطلق من الزمن في ذاتياته، بل هي ـ في إيحاءاتها الفكرية ـ تعني أن التقاليد والآداب أو ما نسميه الأخلاق المتحركة تخضع للظروف المتنوعة، فقد تتغير لتنوعها في خصوصياتها الحيوية، كما نلاحظه في اختلاف الأخلاق المنفتحة على قواعد السلوك في اللياقات الاجتماعية، وفي طريقة الطعام والشراب واللباس والأساليب المختلفة في التعبير، وفي الحركة الاجتماعية، وفي وسائل اللهو ونحو ذلك، فقد يكون للمكان دور فيه لاختلاف المجتمعات في عاداتها وتقاليدها، وقد يكون للزمان دور فيه.
ولهذا، فلا بد من دراسة الواقع الذي يعيشه الطفل في الغرب، للدخول في مقارنة بين الأخلاق الثابتة التي تمتد في الزمان والمكان، باعتبار أنها أخلاق الإنسان في معنى إنسانيته، ما يمثل الحقيقة التي ترتفع فوق الزمان والمكان، والأخلاق المتحركة التي لا علاقة لها بالقيمة، بل هي منطلقة من الظروف والأوضاع المحيطة بالإنسان والواقع، لنعرف كيف نطلق حريته في هذا ونخطط لتنظيم حركته وتوجيهها في ذاك، لأن المشكلة هي أن بعض الآباء والأمهات يعملون على أن يكون أولادهم صورةً عنهم، من دون دراسة للظروف التي صنعت صورتهم في أبعادها الفكرية والعملية، وللظروف الجديدة التي قد تفرض صورة أخرى من خلال أبعادٍ جديدة.
وقد يخلط الناس ـ في كثير من الحالات ـ بين ما هو التقليد، وما هو الالتزام الديني، كنتيجة لارتباك المفاهيم الأخلاقية لدى الناس، حتى المتدينين منهم، من خلال عدم وجود وعي إسلامي ديني لتفاصيل الأخلاق الإسلامية الأصيلة في القاعدة الفكرية، التي تنفتح على حركة الانتماء في سلوكياته.

إننا لا ندعو إلى انقلاب فكري أخلاقي، بل ندعو إلى إعادة النظر في الخطوط الأخلاقية، بما فيها الخطوط الشرعية في الفتاوى، التي تمنع الإنسان المسلم من كل لهو، حتى إذا كان بريئاً، فنجد هناك فتوى تحرم التصفيق بطريقة معينة، وتمنع اللّهو بقول مطلق، إلا ما خرج بالدليل، بحيث كانت القاعدة حرمة اللهو، ما يجعل بعض الوسائل استثناءً، وربما يستوحي الإنسان في هذه الأجواء، بأن هناك ذهنية تعتبر الفرح في عمق حركته في الذات أمراً مكروهاً شرعاً، لأن الإنسان لا بد له من أن يعيش الإحساس بالمشاعر الباكية، التي تربطه بالموت وهو في قلب الحياة.

إننا لا نريد من هذه الإشارة إلى هذا النوع من الذهنية الفقهية في النظرة إلى سلوك الإنسان، أن نتحدث ـ عن الموضوع ـ بأسلوب السلبية الرافضة بالطريقة الحاسمة، لأن المسألة لا بد من أن تخضع في الرفض أو القبول، للبحث العلمي الذي اختلف الفقهاء في نتائجه، ولكننا نريد ـ من خلال ذلك ـ الإشارة إلى أن بعض الآراء الفقهية في التحريم والتحليل، ربما تكون خاضعة للمؤثرات البيئية التي عاشها هذا الفقيه أو ذاك، بحيث تنعكس على طريقة فهمه للنص أو للمرتكزات الشرعية في ذهن المتشرعة أو غير ذلك.

إننا لا نريد أن نتجاوز المنهج الفقهي ـ كما أشرنا ـ لمجرد أن هناك واقعاً جديداً لا بد من أن ننفتح عليه، أو أن هناك تطوراً فكرياً لا بد من أن نواجهه، بل نريد أن ندرس الواقع في عناوينه الشرعية، من خلال اجتهاد موضوعي منفتح على الخطوط القرآنية العامة في تفاصيل الأحكام الجزئية في الحياة العامة أو الخاصة.

أفكار في مواجهة التحديات
2 ـ وعلى هذا الخط، لا بد من العمل على فتح مدارس علمية إسلامية معاصرة، ليتنفس فيها الجيل الجديد في مراحله التربوية الأولى أجواء الإسلام الروحية والأخلاقية والاجتماعية، فإن ذلك قد يساهم مساهمة كبيرة، في تحصين النشء المسلم من عوامل الانحراف الروحي والأخلاقي والتعقيدات النفسية البالغة، ولعلّنا نستطيع التأكيد أن مشروع المدرسة في بلاد الغرب، أكثر أهمية من المسجد أو الحسينية، لأننا قد نملك استخدام المدرسة في الأغراض المسجدية والحسينية، دون العكس، ولعلّ تنفيذ هذا الموضوع هو الذي يبيح للمسلمين البقاء في تلك البلاد، لأن النتائج السلبية المنعكسة على الجيل الجديد من الناحية الإسلامية، قد يؤدي إلى وجوب الهجرة منها، لأنه لا يجوز البقاء في بلاد يضعف فيها الدين لنفسه أو لأهله.

3 ـ ومن أجل تحصين هذا الواقع، يُفترض تأسيس النوادي الرياضية والاجتماعية والشبابية للجيل المسلم الناشئ، بحيث يجد فيها متنفساً طبيعياً، للخروج من الاختناق النفسي والتعب اليومي، الذي قد يحصل له من جراء الالتزامات الدراسية أو العملية، والقيام بإيجاد ندوات حوارية للنشء المسلم، بالأسلوب الذي نكتشف فيه أفكاره، ونتعرف فيه نظرته إلى العناصر الحيوية في العقيدة والسلوك، ونلتقي فيه بالمفاهيم والمشاعر الجديدة التي اكتسبها، في محاولة للانفتاح عليه من الداخل، من أجل إصلاح ما فسد منه، وتقويم ما انحرف فيه، بطريقة لا يشعر فيها بالضغط النفسي الذي قد يخلق لديه ردّ فعل عكسي، ولا سيما إذا صاحبه ضغط جسدي.

4 ـ أما على صعيد بناء الشخصية الإسلامية، فإن المطلوب تهيئة الأجواء العبادية المنفتحة على العناصر المتحركة في الحركة الروحية الدينية، بالخروج من الرتابة المملة في أسلوب الممارسة العبادية، وذلك من أجل إيجاد الرغبة للنشء في التواجد هناك، والانسجام مع روحانية الصلاة وحركية الدعاء، هذا من جهة. أما من الجهة الأخرى، فلا بد لنا من أن نساهم في إيجاد الأجواء الاجتماعية الدينية، في محاولة إثارة الذكريات الإسلامية في نفوس هذا الجيل، والعمل على تجديد وسائلها وأساليبها، بما يتناسب مع الذهنيات المتنوعة لدى الشباب، بحيث يعيشون الانفتاح عليها، بالدرجة التي يشعرون فيها بالعلاقة القوية الحميمة بالشخصيات المتمثلة فيها، والأحداث التي تتحدث عنها، وذلك من خلال التخطيط لإعطاء الصورة المشرقة، التي تجعلهم يختزنون في وجدانهم ملامحها الروحية، وعناصرها الأخلاقية، وأسرار العظمة الإنسانية فيها.

الاستفادة من التجارب

إننا نثير بعض الأفكار العامة في إيجاد بعض التجارب الملائمة للواقع الجديد، من أجل إثارة المزيد من الأفكار، والدخول في الكثير من التجارب في عملية دراسة ومقارنة، لنصل ـ في نهاية المطاف ـ إلى التكامل في معالجة المشكلة الصعبة.

إننا نعتقد أن مسؤولية البقاء في بلاد الغرب، تفرض علينا مسؤولية تهيئة كل الوسائل للمحافظة على هويتنا الإسلامية، وأصالتنا الأخلاقية والتزامنا الشرعي، فلا نفقد أنفسنا تحت تأثير الأجواء المنحرفة، ولا نفقد أولادنا من خلال التربية الضالة أو الكافرة.

ربما لا نستطيع الوصول إلى الكمال في مستوى النظرية والتطبيق، فقد تتحرّك بعض التجارب في ظروف لا تتناسب مع حجم الحاجة، فعلينا أن نقبل بذلك، كوسيلة من وسائل تحريك التجارب في عملية تواصل وتكامل، حتى نصل إلى الواقع الأفضل.

إنَّ الأسرة المسلمة في الغرب، كما في كلّ بلد من بلاد الكفر، تعيش مشكلة من أصعب المشاكل، ومسوؤليتنا الكبرى أن نعمل من أجل إيجاد الحلول الملائمة، ولا سيما أن طموحنا الكبير هو الانطلاق بالدعوة الإسلامية من أجل أسلمة العالم، فلا يجوز أن نفقد أنفسنا وأهلنا في الطريق إلى ربح الآخرين.

جريدة الرياض السعودية.
تحتلّ الأسرة في التشريع الإسلامي موقع الخلية الاجتماعية الأولى، التي تمثل المحضن الإنساني المتميِّز بالعنصر العاطفي الحميم، الذي يشدّ الإنسان إلى زوجه وإلى ولده وإلى أبيه وأمه وأخوته، ليكون ذلك وسيلةً من وسائل بناء الشخصية الإنسانية، على أساس متحرك من الحنان الروحي، الذي يغذّي الإنسان، فيملأ عقله وقلبه بالأمن والطمأنينة، من خلال هذا النوع من التداخل، الذي يجعل الروح منفتحة على الروح، بحيث يتحسس الجو العاطفي الذي يغمره ويحيط به، في أسلوب إنساني يعيش فيه كل المفردات النفسية والروحية والفكرية، بطريقة لا تثقل ذاته، ولا تسيء إلى طفولته، لأنها تجعله يتنفس بإحساسه، وبكل عفوية، مشاعر الحب والعطف.

المسؤولية الإسلامية تجاه الأسرة
وفي ضوء ذلك، تنطلق المسؤولية الإسلامية في رعاية الأسرة، على أساس من التخطيط الفكري والنفسي، الذي يحقق لأفرادها الانفتاح على المفاهيم الإسلامية فكراً وعاطفة ومنهجاً للحياة، بحيث يبدأ الإنسان حركته من القاعدة الإسلامية، التي يرتكز عليها البناء العقلي والعاطفي والحركي، ليكون الإنسان المسلم الذي يواجه ـ منذ طفولته ـ الواقع المضاد، بقوّةٍ وثبات، فلا يكون ريشةً في مهب الريح، أو خشبةً في مجرى التيار، لأن ذلك هو الذي يدفع بالجيل الإسلامي إلى الساحة العامة، التي تختلف فيها العقائد والخطوط والاتجاهات، ليتخذ موقعه فيها على أساس التوازن الذي يحميه من كل الاهتزازات العنيفة في أجواء التحديات.

إنّ القضية التي تفرض نفسها على واقع المسؤولية في الأسرة، هي قضية تنشئة الفرد في داخلها، ليكون إنسان الله في عبوديته له، وإخلاصه له، وارتباطه به، من خلال الخط العقيدي والعملي والشعوري الذي يعيش فيه الإنسان معنى الحب لله والخوف منه، بحيث يجد في حياته الفرصة للحصول على رضوانه، والدخول في ساحة قدسه، والبعد عن مواقع غضبه وجحيم ناره.
وهذا ما أكدته الآية الكريمة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم: 6].

فإننا نلاحظ ـ في هذه الآية ـ أن الله سبحانه يستثير الجانب العاطفي، ليندفع الإنسان في طريق التخطيط، لتحقيق العنصر الوقائي الداخلي والخارجي من الوقوع في النار الكبرى، التي تتميز بهذه القسوة في طبيعتها، وبقسوة القائمين عليها، تماماً كما لو كان الأب أو الزوج أو الأم في الدنيا، في الموقف الذي يواجه فيه الإنسان الآخر ـ الزوجة أو الولد ـ الحريق في النار، ليستثير عمق اللهفة والنفسية في التحرك، لإنقاذه من هذا المصير المحتوم.

ونجد في الجانب الآخر الآية الأخرى في قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} .
إننا نجد في هذه الآية الجوّ الأسري في الجنة، حيث يجتمع الصالحون من الآباء والأزواج والذرية، ويلتقون من جديد في مواقع رضوان الله، من خلال صلاحهم العقيدي والعملي، وذلك بعد أن استقاموا في خط التوحيد والطاعة لله.
إن هاتين الصورتين يقدمهما القرآن للناس، من أجل أن يثير فيهم العزيمة، لتجاوز الصورة الأولى إلى الصورة الثانية، في النهايات السعيدة التي يريدها الإنسان لنفسه ولأهله، ما يجعل من المسألة مسألة تتصل بالمصير، لا بالحالة الطارئة التي تتحرك في حياته بين وقت وآخر.

وفي ضوء ذلك، فإنَّ المسألة تحتاج إلى جهد جماعي، إضافةً إلى الجهد الفردي، من أجل تهيئة الأجواء والظروف العامة التي تمثل البيئة التي تنمو فيها الأسرة، وتحقق لأفرادها ـ من خلالها ـ الضمانة لتحقيق المناعة الذاتية ضد الانحراف والسقوط، وذلك بتحضير الوسائل المتنوعة من المدارس والمحاضن والبرامج المختلفة، التي تملأُ النفس بحاجاتها، في الدراسة واللهو البريء والتنمية الروحية، التي تحقق للفرد الشروط الضرورية لحياته الطبيعية.

تحديات الأسرة المسلمة
ولعلّ المسؤولية تتجاوز الأهل في تجمعاتهم العائلية أو المحلية، إلى العاملين في الحقل الإسلامي، من المرجعيات الإسلامية إلى الحركات الفاعلة والفئة المثقفة، من المفكرين والدعاة والمبلّغين، الذين يتحركون في اتجاه التكامل في إيجاد الخطة الحكيمة نحو جيل إسلامي منفتح على الإسلام والعصر، بحيث يكون قوة فاعلة في انطلاقة الإسلام المعاصر نحو العالم، لأن القضية ليست من القضايا المتصلة بالجانب الذاتي الذي يتصل بالآباء والأمهات تجاه أولادهم، كلٌ في نطاق أسرته، بل تتصل بالجيل الإسلامي الجديد في تطلعاته العامة وفي ساحته المفتوحة، وفي حركة الصراع التي تتحداه في معارك الإسلام والكفر.

وإذا كانت المسؤولية كبيرةً وشاملة في الواقع الاجتماعي في داخل البلاد الإسلامية، فإنها تتمثل بشكل أقوى وأكبر في بلاد الكفر، عندما يضطر المسلمون إلى الهجرة إليها والإقامة فيها، فقد يلتقون هناك بالواقع الذي لا يمثل أرضاً يتجذرون فيها، وجواً لا يملكون الانفتاح عليه، وعالماً يشعرون بالغربة فيه، من خلال مفاهيمه وعاداته وتقاليده المختلفة عن كل ما اختزنوه من أفكار ومن عاداتٍ وتقاليد.

وإذا كان الكبار من الرجال والنساء، قد انطلقوا من جذورٍ عميقة في انتماءاتهم الإسلامية من موقع الفكر والممارسة، فإن الصغار من الجيل الناشئ لم يختزن هذه العناصر في ذاته، لأن ما يحمله منها، لا يمثل إلا بعض الكلمات الطائرة، والمفاهيم الضبابية التي لا تلامس أعماقهم إذا كانت قد لامست بعض سلوكياتهم، وربما تكمن الخطورة في المدرسة الغربية، التي يتعلم فيها الأطفال المسلمون، حيث يتنفسون أجواء الغرب في كل مشاعره وأوضاعه وتطلعاته، كما لو كانت شيئاً طبيعياً يتحركون في داخله تماماً كما هي الأشياء الطبيعية لدى رفاقهم في الملعب وفي الصف، وربما يستغربون تعليقات آبائهم وأمهاتهم بالطريقة السلبية، كما لو كان الأمر خارجاً عن المألوف، وقد يواجهون الموقف بالمزيد من الرفض الخفي المعقد من موقف الأسرة، فيحملون في قلوبهم وعلى ألسنتهم تساؤل طفولي مرير عنوانه: لماذا يحرمونهم من الرقص مع زميلاتهم، أو السباحة المشتركة، أو العلاقات الحميمة الحرة ونحو ذلك؟
إن المشكلة الصعبة في هذا الواقع، هي أن الجيل الجديد الناشئ، لا يملك المفاهيم الواضحة العميقة في شخصيته، ليحمي نفسه من المؤثرات المتحركة في الجو الذي أقحم فيه، والساحة التي وضع فيها. لذا، يعيش بشكلٍ ضبابي تلك الأفكار المتصلة بالله وعلاقته بالإنسان، وموقف الإنسان منه، وما هو مفهوم الحرية الشخصية لديه، وما هي قصةُ الأخلاق في ذلك كله؟
قد تنفذ بعض التعاليم إلى وعيه الشعوري، وقد تتضارب الأشياء لديه، فيعيش في حيرة عميقة بين قديمه الذي تلقاه من الأسرة، وجديده الذي تلقاه من المدرسة أو من الجو المحيط به. وربما لم يستطع أن يواجه الموقف بطريقة متوازنة تفسح المجال للأجوبة عن علامات الاستفهام الحائرة لديه، ما قد يؤدّي إلى تحطّمه من الناحية النفسية، إذا لم يصل إلى مستوى التحطّم الوجداني.

بين ثبات الأخلاق وحركيتها
إن الطفل الذي يعيش في الغرب قد انغرس في غير أرضه، ولذلك، كان نموّه بعيداً عن العناصر الطبيعية، التي تمنحه حالة النموّ الطبيعي، الأمر الذي يفرض علاجه في نطاق خطةٍ مدروسة واقعية واعية. وفي هذا المجال، يمكن تلمّس النقاط الآتية:

1 ـ الانطلاق من الكلمة المأثورة عن الإمام علي(ع): "لا تخلقوا أولادكم بأخلاقكم، فإنهم خُلقوا لزمانٍ غير زمانكم". فقد نستوحي من هذه الكلمة ضرورة لحاظ اختلاف الزمن، لأن المسألة لم تنطلق من الزمن في ذاتياته، بل هي ـ في إيحاءاتها الفكرية ـ تعني أن التقاليد والآداب أو ما نسميه الأخلاق المتحركة تخضع للظروف المتنوعة، فقد تتغير لتنوعها في خصوصياتها الحيوية، كما نلاحظه في اختلاف الأخلاق المنفتحة على قواعد السلوك في اللياقات الاجتماعية، وفي طريقة الطعام والشراب واللباس والأساليب المختلفة في التعبير، وفي الحركة الاجتماعية، وفي وسائل اللهو ونحو ذلك، فقد يكون للمكان دور فيه لاختلاف المجتمعات في عاداتها وتقاليدها، وقد يكون للزمان دور فيه.
ولهذا، فلا بد من دراسة الواقع الذي يعيشه الطفل في الغرب، للدخول في مقارنة بين الأخلاق الثابتة التي تمتد في الزمان والمكان، باعتبار أنها أخلاق الإنسان في معنى إنسانيته، ما يمثل الحقيقة التي ترتفع فوق الزمان والمكان، والأخلاق المتحركة التي لا علاقة لها بالقيمة، بل هي منطلقة من الظروف والأوضاع المحيطة بالإنسان والواقع، لنعرف كيف نطلق حريته في هذا ونخطط لتنظيم حركته وتوجيهها في ذاك، لأن المشكلة هي أن بعض الآباء والأمهات يعملون على أن يكون أولادهم صورةً عنهم، من دون دراسة للظروف التي صنعت صورتهم في أبعادها الفكرية والعملية، وللظروف الجديدة التي قد تفرض صورة أخرى من خلال أبعادٍ جديدة.
وقد يخلط الناس ـ في كثير من الحالات ـ بين ما هو التقليد، وما هو الالتزام الديني، كنتيجة لارتباك المفاهيم الأخلاقية لدى الناس، حتى المتدينين منهم، من خلال عدم وجود وعي إسلامي ديني لتفاصيل الأخلاق الإسلامية الأصيلة في القاعدة الفكرية، التي تنفتح على حركة الانتماء في سلوكياته.

إننا لا ندعو إلى انقلاب فكري أخلاقي، بل ندعو إلى إعادة النظر في الخطوط الأخلاقية، بما فيها الخطوط الشرعية في الفتاوى، التي تمنع الإنسان المسلم من كل لهو، حتى إذا كان بريئاً، فنجد هناك فتوى تحرم التصفيق بطريقة معينة، وتمنع اللّهو بقول مطلق، إلا ما خرج بالدليل، بحيث كانت القاعدة حرمة اللهو، ما يجعل بعض الوسائل استثناءً، وربما يستوحي الإنسان في هذه الأجواء، بأن هناك ذهنية تعتبر الفرح في عمق حركته في الذات أمراً مكروهاً شرعاً، لأن الإنسان لا بد له من أن يعيش الإحساس بالمشاعر الباكية، التي تربطه بالموت وهو في قلب الحياة.

إننا لا نريد من هذه الإشارة إلى هذا النوع من الذهنية الفقهية في النظرة إلى سلوك الإنسان، أن نتحدث ـ عن الموضوع ـ بأسلوب السلبية الرافضة بالطريقة الحاسمة، لأن المسألة لا بد من أن تخضع في الرفض أو القبول، للبحث العلمي الذي اختلف الفقهاء في نتائجه، ولكننا نريد ـ من خلال ذلك ـ الإشارة إلى أن بعض الآراء الفقهية في التحريم والتحليل، ربما تكون خاضعة للمؤثرات البيئية التي عاشها هذا الفقيه أو ذاك، بحيث تنعكس على طريقة فهمه للنص أو للمرتكزات الشرعية في ذهن المتشرعة أو غير ذلك.

إننا لا نريد أن نتجاوز المنهج الفقهي ـ كما أشرنا ـ لمجرد أن هناك واقعاً جديداً لا بد من أن ننفتح عليه، أو أن هناك تطوراً فكرياً لا بد من أن نواجهه، بل نريد أن ندرس الواقع في عناوينه الشرعية، من خلال اجتهاد موضوعي منفتح على الخطوط القرآنية العامة في تفاصيل الأحكام الجزئية في الحياة العامة أو الخاصة.

أفكار في مواجهة التحديات
2 ـ وعلى هذا الخط، لا بد من العمل على فتح مدارس علمية إسلامية معاصرة، ليتنفس فيها الجيل الجديد في مراحله التربوية الأولى أجواء الإسلام الروحية والأخلاقية والاجتماعية، فإن ذلك قد يساهم مساهمة كبيرة، في تحصين النشء المسلم من عوامل الانحراف الروحي والأخلاقي والتعقيدات النفسية البالغة، ولعلّنا نستطيع التأكيد أن مشروع المدرسة في بلاد الغرب، أكثر أهمية من المسجد أو الحسينية، لأننا قد نملك استخدام المدرسة في الأغراض المسجدية والحسينية، دون العكس، ولعلّ تنفيذ هذا الموضوع هو الذي يبيح للمسلمين البقاء في تلك البلاد، لأن النتائج السلبية المنعكسة على الجيل الجديد من الناحية الإسلامية، قد يؤدي إلى وجوب الهجرة منها، لأنه لا يجوز البقاء في بلاد يضعف فيها الدين لنفسه أو لأهله.

3 ـ ومن أجل تحصين هذا الواقع، يُفترض تأسيس النوادي الرياضية والاجتماعية والشبابية للجيل المسلم الناشئ، بحيث يجد فيها متنفساً طبيعياً، للخروج من الاختناق النفسي والتعب اليومي، الذي قد يحصل له من جراء الالتزامات الدراسية أو العملية، والقيام بإيجاد ندوات حوارية للنشء المسلم، بالأسلوب الذي نكتشف فيه أفكاره، ونتعرف فيه نظرته إلى العناصر الحيوية في العقيدة والسلوك، ونلتقي فيه بالمفاهيم والمشاعر الجديدة التي اكتسبها، في محاولة للانفتاح عليه من الداخل، من أجل إصلاح ما فسد منه، وتقويم ما انحرف فيه، بطريقة لا يشعر فيها بالضغط النفسي الذي قد يخلق لديه ردّ فعل عكسي، ولا سيما إذا صاحبه ضغط جسدي.

4 ـ أما على صعيد بناء الشخصية الإسلامية، فإن المطلوب تهيئة الأجواء العبادية المنفتحة على العناصر المتحركة في الحركة الروحية الدينية، بالخروج من الرتابة المملة في أسلوب الممارسة العبادية، وذلك من أجل إيجاد الرغبة للنشء في التواجد هناك، والانسجام مع روحانية الصلاة وحركية الدعاء، هذا من جهة. أما من الجهة الأخرى، فلا بد لنا من أن نساهم في إيجاد الأجواء الاجتماعية الدينية، في محاولة إثارة الذكريات الإسلامية في نفوس هذا الجيل، والعمل على تجديد وسائلها وأساليبها، بما يتناسب مع الذهنيات المتنوعة لدى الشباب، بحيث يعيشون الانفتاح عليها، بالدرجة التي يشعرون فيها بالعلاقة القوية الحميمة بالشخصيات المتمثلة فيها، والأحداث التي تتحدث عنها، وذلك من خلال التخطيط لإعطاء الصورة المشرقة، التي تجعلهم يختزنون في وجدانهم ملامحها الروحية، وعناصرها الأخلاقية، وأسرار العظمة الإنسانية فيها.

الاستفادة من التجارب

إننا نثير بعض الأفكار العامة في إيجاد بعض التجارب الملائمة للواقع الجديد، من أجل إثارة المزيد من الأفكار، والدخول في الكثير من التجارب في عملية دراسة ومقارنة، لنصل ـ في نهاية المطاف ـ إلى التكامل في معالجة المشكلة الصعبة.

إننا نعتقد أن مسؤولية البقاء في بلاد الغرب، تفرض علينا مسؤولية تهيئة كل الوسائل للمحافظة على هويتنا الإسلامية، وأصالتنا الأخلاقية والتزامنا الشرعي، فلا نفقد أنفسنا تحت تأثير الأجواء المنحرفة، ولا نفقد أولادنا من خلال التربية الضالة أو الكافرة.

ربما لا نستطيع الوصول إلى الكمال في مستوى النظرية والتطبيق، فقد تتحرّك بعض التجارب في ظروف لا تتناسب مع حجم الحاجة، فعلينا أن نقبل بذلك، كوسيلة من وسائل تحريك التجارب في عملية تواصل وتكامل، حتى نصل إلى الواقع الأفضل.

إنَّ الأسرة المسلمة في الغرب، كما في كلّ بلد من بلاد الكفر، تعيش مشكلة من أصعب المشاكل، ومسوؤليتنا الكبرى أن نعمل من أجل إيجاد الحلول الملائمة، ولا سيما أن طموحنا الكبير هو الانطلاق بالدعوة الإسلامية من أجل أسلمة العالم، فلا يجوز أن نفقد أنفسنا وأهلنا في الطريق إلى ربح الآخرين.

جريدة الرياض السعودية.
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير