فضل الله: لاستيلاد عناصر الثقة الداخلية والكفّ عن نصب الكمائن السياسية

فضل الله: لاستيلاد عناصر الثقة الداخلية والكفّ عن نصب الكمائن السياسية

دعا في خطبة العاشر من محرّم إلى صناعة القوّة في الأمّة بوحدة السنّة والشيعة

فضل الله: لاستيلاد عناصر الثقة الداخلية والكفّ عن نصب الكمائن السياسية



دعا العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، من خلال عاشوراء، إلى الإستفادة من دروس عاشوراء في الجهاد والتضحية وإلى صناعة القوّة على جميع المستويات، من خلال وحدة المسلمين السنّة والشّيعة ووحدة الأمّة بكلّ مكوّناتها. وانتقد بعض الأساليب المتخلفة في إحياء مراسم عاشوراء من ضرب الرؤوس بالسيوف والظهور بالسياط ، عوضاً عن الالتزام بالأهداف النبيلة لحركة الأمام الحسين (ع) . وانتقد سماحته عدم بروز أصوات عربية وإسلامية ذات وزن تعمل لإبعاد اليمن عن لعبة الانقسامات والتمزّقات الداخليّة. وأكّد أن قيام الدولة القوية العادلة في لبنان يرتكز إلى جملةٍ من القواعد التي يمكن أن تظهر معالمها من خلال إطلاق ورشة الحوار الداخلي بصراحة وشفافية في كلّ الملفات، داعياً إلى وضع الأسس العلمية ـ داخلياً ـ لمواجهة التهديد الإسرائيلي. مشدّداً على استيلاد عناصر الثقة بين المكوّنات اللّبنانية، وكفّ هذه الجهة أو تلك عن أسلوب الكمائن السياسية عند المنعطفات السياسية في المنطقة.


جاء ذلك في خطبة العاشر من محرّم، والتي ألقاها سماحته في مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك بعد تلاوة مصرع الإمام الحسين(ع)، وجاء فيها:


عاشوراء عنوان الإصلاح


يستمر الحسين (ع) في امتداده بالزمن ، من خلال أنه يفكر بالأمة ولا يفكر بجماعة خاصة : " أريد أن أخرج لطلب الإصلاح في أمة جدي" ، كما كان جده (ص) يفكر في الإصلاح بالأمة كافة وبالأمة التي عاشت معه ، وكان جده يتحدث بأن " المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه " .


 ولذلك فإننا عندما نثير ذكرى الإمام الحسين (ع) ، فإننا نتطلع إلى هذا الواقع الذي نعيش فيه الآن وذلك في الأوضاع المأساوية التي يعيشها المسلمون ، والتي فرضت من قبل المستكبرين والكافرين وكأننا نرى الإمام الحسين (ع) يقف فيهم كما وقف في تلك الجماعة التي جاءت لتقاتله .. الخط هو الخط والواقع هو الواقع والجماعة التي تتبع ابن زياد ويزيد هي نفس الجماعة التي تتبع أمثال هؤلاء ، ولذلك فإن علينا أن نأخذ من عاشوراء الكثير من العبر ، لأنها تمثل النموذج ولا تمثل الحادثة .


أيها الأحبة ، نحن نحاول أن ننطلق من أجل أن نصحح العالم الإسلامي على أساس الإصلاح في أمة جد الحسين (ع)، وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونتحرك من أجل عزة الإسلام وأن لا يكون هناك أي إذلال للمسلمين فالشعار الحسيني كان : "هيهات منا الذلة " ، فهذا هو الدرس الذي نتعلمه من عاشوراء ، في الجهاد والتضحية والانفتاح على الإسلام ومسؤولية توحيد المسلمين على أساس مواجهة الظالم والوقوف لنصرة المظلوم .      


ما وراء اهتزاز اليمن


أيها الأحبة ، نلتقي بعاشوراء في هذا العام، وفي هذه المرحلة التي تتسع فيها الهجمة الاستكبارية على الأمّة، وتزداد الشروخ والانقسامات والحروب في مواقعها المتعددة، بدءاً من اليمن الذي دخل في أتون الحرب المتواصلة هناك في صعدة، إلى جانب المشاكل الكبرى التي يتعرّض لها في الساحات الأخرى، حيث نلمح مخطّطاً دوليّاً خطيراً تتوزّع فيه الأطراف الكثير من الأدوار التي تُبقي السّاحة اليمنيّة ساحة اهتزازٍ تجتذب أكثر من عامل خارجي، وتفسح في المجال لانقسامات وتمزّقات جديدة في الأمّة، تحاكي مواقع قريبة أو بعيدة في لعبة الصّراعات السياسيّة أو القبليّة التي يُراد لها أن تتواصل بعناوين مذهبيّة، يعمل الإعلام المغرض على تسويقها والترويج لها بعيداً عمّا هي الحقائق الميدانية، والوقائع الحقيقية.


محاولة لتقسيم السودان


وليس بعيداً من اليمن الذي لا نسمع أصواتاً عربيّةً وإسلاميّةً ذات وزن تدعو وتعمل لحماية وحدته الداخلية، نرى سعياً حثيثاً من إدارات غربية للعبث بالداخل السوداني، لإثارة الفوضى الداخلية في الساحات السودانية، ومحاصرة النظام الذي آثر الوقوف مع القضايا العربية والإسلامية ومعارضة السياسة الأمريكية، والتصدي لخطط العدوّ في القرن الإفريقي وفي السودان، فكانت النتيجة أنّ الإيحاءات الخارجيّة عملت على تغذية بعض الجهات بما يساهم في تكوين محورٍ داخليّ يستهدف تقويض النظام، وإعادة تشكيل السّودان في انقساماتٍ جديدةٍ قد تهدّد كيانه ووحدته.


مشاريع استكبارية للمنطقة


ويتكرّر المشهد عينه في الصّومال وأفغانستان وباكستان، وحتى في العراق، ولكن بأساليب مختلفة، وتتوالى الأحداث المتنوّعة التي يُراد من خلالها أن يضرب الضّعف والوهن في الجسم العربيّ والإسلاميّ لحساب العدوّ، وأن تنطلق الانقسامات السياسيّة، والحساسيات المذهبيّة، لترسيم خريطة جديدة في الأمة، حيث تتناثر مكوّناتها، وتتباعد مواقعها، وتتمزّق وحدتها الجغرافية والدينية، وتسقط عناصر القوّة فيها، بما يُتيح المجال للمشروع الصهيوني الاستكباري العودة تباعاً إلى المواقع التي خسرها أو تراجع فيها.


إننا في المرحلة التي نلمح فيها إعادة تموضع على المستوى الإقليمي، ومحاكاة للمشروع المعادي في أكثر من موقع في الأمّة، ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى وقفة استباقية لمعاكسة الخطط الدولية الحاقدة التي تستهدف الوحدة الإسلامية، وتعمل لتشتيت كلمة المسلمين، وتسعى لزرع بذور الفتنة من جديد أو التهويل بها لتمرير مخطّطات جديدة، ومشاريع جرى رسمها وفق ما تقتضيه المصالح الصهيونية في المنطقة.


دعوة لوحدة المسلمين


إنّنا مدعوون في عاشوراء إلى صناعة القوة على جميع المستويات، من خلال وحدة المسلمين السنّة والشيعة، ووحدة الأمّة بكلّ عناصرها ومكوّناتها، ومدعوّون إلى استكمال بناء القوة العسكرية والسياسية والأمنية، حتى نمنع تكرار مآسي التاريخ في واقعنا، ولنبعث برسائل حاسمة إلى المحور المعادي بأن استهداف أيّ موقع في الأمة يعني استهدافها في جميع مواقعها، الأمر الذي يُفضي إلى تحمّل الجميع مسؤوليّاتهم لردع أيّ عدوان، والالتفاف على كلّ الضغوط وآليات الحصار، سواء انطلق هذا الضغط وهذا الحصار ضد الشعب الفلسطيني أو العراقي أو الإيراني أو ما إلى ذلك، وقد أثبتت التجارب السابقة، أن الأمة باتت تستطيع أن تنهض بأعباء المواجهة، لتردّ كيد الأعداء إلى نحورهم، وبالتالي فهي قادرة على صناعة النصر في المستقبل.


الحوار الداخلي في لبنان


وأخيراً، إننا نعتقد أن قيام الدولة القوية العادلة في لبنان، يرتكز على جملة من القواعد، يمكن أن تظهر معالمها من خلال إطلاق ورشة الحوار الداخلي المشفوع بصراحة وشفافية في كلّ الملفّات، وخصوصاً تلك التي تتّصل بتهديد الكيان الصهيوني الفعلي للكيان اللّبناني، ووضع الأسس العمليّة والواقعية لمواجهة هذا التهديد الاستراتيجي الخطير، والحوار الصريح يفترض استيلاد عناصر الثقة التي كانت مفقودةً في المراحل السابقة، كما يفترض كفّ هذه الجهة أو تلك عن أسلوب الكمائن السياسيّة التي يُحسن البعض استخدامها عند المنعطفات السياسية في المنطقة.


السفراء والتدخل بالشؤون الداخلية


كما نعتقد أنّ بناء الدولة يفترض وضع حدٍّ شرعي وقانوني ومنطقي لحركة السفراء الأجانب في لبنان، لمنعهم من استباحة الوضع اللّبناني الداخليّ، وكفّ أيديهم عن العبث بقواعد العيش المشترك وتأليب الفرقاء على بعضهم البعض، والتخلّص من الوصاية المباشرة للسفيرة الأمريكيّة على وجه الخصوص، لأنّ إجبارها على سلوك الطرق الدبلوماسية المعتمَدة، ورفض تدخّلها وتدخّل غيرها من السفراء في شؤون البلد الداخلية، يمثل القاعدة الأساسية التي يمكن البناء عليها لإدخال البلد في عصر الاستقلال الحقيقي، وإخراجه من سجن الوصاية الأمريكية وغيرها.


وفي الختام ، إن الحسين (ع) كان ينادي بالإصلاح في أمة جده وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى ضوء هذا فإذا أردنا أن نعمل على الإلتزام بولايته وخطه ومحبته فإن علينا أن نحارب كل أوضاع الفساد في مجتمعنا من استخدام المخدرات والخمور والعبث بأموال الناس وسرقتهم والإعتداء عليهم، فهذا هو المنهج الذي يجب أن نسير عليه وليس المنهج أن نضرب رؤوسنا بالسيوف وظهورنا بالسياط وأن نستخدم أساليب متخلفة جديدة يستعملها بعض الناس في بعض البلدان الإسلامية .


إن الحسين (ع) قام ليجدد الإسلام الحضاري الذي جاء به رسول الله (ص) ، وأراد أن يكون عنواناً ينفتح على عمق رسالة رسول الله (ص) في قوله " حسين مني وأنا من حسين " فإذا أردنا أن نكون مع الحسين (ع) ، فعلينا أن نكون مع الإصلاح في أمة جده ومع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن نعمل على أساس أن نلتزم بكل ما يحفظ النظام العام.


والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أخت الحسين ، وعلى أخ الحسين وعلى الصفوة الطيبة من أنصار الحسين .



 

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ:  10 محرّم 1431 هـ  الموافق: 27/12/2009 م
 

دعا في خطبة العاشر من محرّم إلى صناعة القوّة في الأمّة بوحدة السنّة والشيعة

فضل الله: لاستيلاد عناصر الثقة الداخلية والكفّ عن نصب الكمائن السياسية



دعا العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، من خلال عاشوراء، إلى الإستفادة من دروس عاشوراء في الجهاد والتضحية وإلى صناعة القوّة على جميع المستويات، من خلال وحدة المسلمين السنّة والشّيعة ووحدة الأمّة بكلّ مكوّناتها. وانتقد بعض الأساليب المتخلفة في إحياء مراسم عاشوراء من ضرب الرؤوس بالسيوف والظهور بالسياط ، عوضاً عن الالتزام بالأهداف النبيلة لحركة الأمام الحسين (ع) . وانتقد سماحته عدم بروز أصوات عربية وإسلامية ذات وزن تعمل لإبعاد اليمن عن لعبة الانقسامات والتمزّقات الداخليّة. وأكّد أن قيام الدولة القوية العادلة في لبنان يرتكز إلى جملةٍ من القواعد التي يمكن أن تظهر معالمها من خلال إطلاق ورشة الحوار الداخلي بصراحة وشفافية في كلّ الملفات، داعياً إلى وضع الأسس العلمية ـ داخلياً ـ لمواجهة التهديد الإسرائيلي. مشدّداً على استيلاد عناصر الثقة بين المكوّنات اللّبنانية، وكفّ هذه الجهة أو تلك عن أسلوب الكمائن السياسية عند المنعطفات السياسية في المنطقة.


جاء ذلك في خطبة العاشر من محرّم، والتي ألقاها سماحته في مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك بعد تلاوة مصرع الإمام الحسين(ع)، وجاء فيها:


عاشوراء عنوان الإصلاح


يستمر الحسين (ع) في امتداده بالزمن ، من خلال أنه يفكر بالأمة ولا يفكر بجماعة خاصة : " أريد أن أخرج لطلب الإصلاح في أمة جدي" ، كما كان جده (ص) يفكر في الإصلاح بالأمة كافة وبالأمة التي عاشت معه ، وكان جده يتحدث بأن " المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه " .


 ولذلك فإننا عندما نثير ذكرى الإمام الحسين (ع) ، فإننا نتطلع إلى هذا الواقع الذي نعيش فيه الآن وذلك في الأوضاع المأساوية التي يعيشها المسلمون ، والتي فرضت من قبل المستكبرين والكافرين وكأننا نرى الإمام الحسين (ع) يقف فيهم كما وقف في تلك الجماعة التي جاءت لتقاتله .. الخط هو الخط والواقع هو الواقع والجماعة التي تتبع ابن زياد ويزيد هي نفس الجماعة التي تتبع أمثال هؤلاء ، ولذلك فإن علينا أن نأخذ من عاشوراء الكثير من العبر ، لأنها تمثل النموذج ولا تمثل الحادثة .


أيها الأحبة ، نحن نحاول أن ننطلق من أجل أن نصحح العالم الإسلامي على أساس الإصلاح في أمة جد الحسين (ع)، وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونتحرك من أجل عزة الإسلام وأن لا يكون هناك أي إذلال للمسلمين فالشعار الحسيني كان : "هيهات منا الذلة " ، فهذا هو الدرس الذي نتعلمه من عاشوراء ، في الجهاد والتضحية والانفتاح على الإسلام ومسؤولية توحيد المسلمين على أساس مواجهة الظالم والوقوف لنصرة المظلوم .      


ما وراء اهتزاز اليمن


أيها الأحبة ، نلتقي بعاشوراء في هذا العام، وفي هذه المرحلة التي تتسع فيها الهجمة الاستكبارية على الأمّة، وتزداد الشروخ والانقسامات والحروب في مواقعها المتعددة، بدءاً من اليمن الذي دخل في أتون الحرب المتواصلة هناك في صعدة، إلى جانب المشاكل الكبرى التي يتعرّض لها في الساحات الأخرى، حيث نلمح مخطّطاً دوليّاً خطيراً تتوزّع فيه الأطراف الكثير من الأدوار التي تُبقي السّاحة اليمنيّة ساحة اهتزازٍ تجتذب أكثر من عامل خارجي، وتفسح في المجال لانقسامات وتمزّقات جديدة في الأمّة، تحاكي مواقع قريبة أو بعيدة في لعبة الصّراعات السياسيّة أو القبليّة التي يُراد لها أن تتواصل بعناوين مذهبيّة، يعمل الإعلام المغرض على تسويقها والترويج لها بعيداً عمّا هي الحقائق الميدانية، والوقائع الحقيقية.


محاولة لتقسيم السودان


وليس بعيداً من اليمن الذي لا نسمع أصواتاً عربيّةً وإسلاميّةً ذات وزن تدعو وتعمل لحماية وحدته الداخلية، نرى سعياً حثيثاً من إدارات غربية للعبث بالداخل السوداني، لإثارة الفوضى الداخلية في الساحات السودانية، ومحاصرة النظام الذي آثر الوقوف مع القضايا العربية والإسلامية ومعارضة السياسة الأمريكية، والتصدي لخطط العدوّ في القرن الإفريقي وفي السودان، فكانت النتيجة أنّ الإيحاءات الخارجيّة عملت على تغذية بعض الجهات بما يساهم في تكوين محورٍ داخليّ يستهدف تقويض النظام، وإعادة تشكيل السّودان في انقساماتٍ جديدةٍ قد تهدّد كيانه ووحدته.


مشاريع استكبارية للمنطقة


ويتكرّر المشهد عينه في الصّومال وأفغانستان وباكستان، وحتى في العراق، ولكن بأساليب مختلفة، وتتوالى الأحداث المتنوّعة التي يُراد من خلالها أن يضرب الضّعف والوهن في الجسم العربيّ والإسلاميّ لحساب العدوّ، وأن تنطلق الانقسامات السياسيّة، والحساسيات المذهبيّة، لترسيم خريطة جديدة في الأمة، حيث تتناثر مكوّناتها، وتتباعد مواقعها، وتتمزّق وحدتها الجغرافية والدينية، وتسقط عناصر القوّة فيها، بما يُتيح المجال للمشروع الصهيوني الاستكباري العودة تباعاً إلى المواقع التي خسرها أو تراجع فيها.


إننا في المرحلة التي نلمح فيها إعادة تموضع على المستوى الإقليمي، ومحاكاة للمشروع المعادي في أكثر من موقع في الأمّة، ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى وقفة استباقية لمعاكسة الخطط الدولية الحاقدة التي تستهدف الوحدة الإسلامية، وتعمل لتشتيت كلمة المسلمين، وتسعى لزرع بذور الفتنة من جديد أو التهويل بها لتمرير مخطّطات جديدة، ومشاريع جرى رسمها وفق ما تقتضيه المصالح الصهيونية في المنطقة.


دعوة لوحدة المسلمين


إنّنا مدعوون في عاشوراء إلى صناعة القوة على جميع المستويات، من خلال وحدة المسلمين السنّة والشيعة، ووحدة الأمّة بكلّ عناصرها ومكوّناتها، ومدعوّون إلى استكمال بناء القوة العسكرية والسياسية والأمنية، حتى نمنع تكرار مآسي التاريخ في واقعنا، ولنبعث برسائل حاسمة إلى المحور المعادي بأن استهداف أيّ موقع في الأمة يعني استهدافها في جميع مواقعها، الأمر الذي يُفضي إلى تحمّل الجميع مسؤوليّاتهم لردع أيّ عدوان، والالتفاف على كلّ الضغوط وآليات الحصار، سواء انطلق هذا الضغط وهذا الحصار ضد الشعب الفلسطيني أو العراقي أو الإيراني أو ما إلى ذلك، وقد أثبتت التجارب السابقة، أن الأمة باتت تستطيع أن تنهض بأعباء المواجهة، لتردّ كيد الأعداء إلى نحورهم، وبالتالي فهي قادرة على صناعة النصر في المستقبل.


الحوار الداخلي في لبنان


وأخيراً، إننا نعتقد أن قيام الدولة القوية العادلة في لبنان، يرتكز على جملة من القواعد، يمكن أن تظهر معالمها من خلال إطلاق ورشة الحوار الداخلي المشفوع بصراحة وشفافية في كلّ الملفّات، وخصوصاً تلك التي تتّصل بتهديد الكيان الصهيوني الفعلي للكيان اللّبناني، ووضع الأسس العمليّة والواقعية لمواجهة هذا التهديد الاستراتيجي الخطير، والحوار الصريح يفترض استيلاد عناصر الثقة التي كانت مفقودةً في المراحل السابقة، كما يفترض كفّ هذه الجهة أو تلك عن أسلوب الكمائن السياسيّة التي يُحسن البعض استخدامها عند المنعطفات السياسية في المنطقة.


السفراء والتدخل بالشؤون الداخلية


كما نعتقد أنّ بناء الدولة يفترض وضع حدٍّ شرعي وقانوني ومنطقي لحركة السفراء الأجانب في لبنان، لمنعهم من استباحة الوضع اللّبناني الداخليّ، وكفّ أيديهم عن العبث بقواعد العيش المشترك وتأليب الفرقاء على بعضهم البعض، والتخلّص من الوصاية المباشرة للسفيرة الأمريكيّة على وجه الخصوص، لأنّ إجبارها على سلوك الطرق الدبلوماسية المعتمَدة، ورفض تدخّلها وتدخّل غيرها من السفراء في شؤون البلد الداخلية، يمثل القاعدة الأساسية التي يمكن البناء عليها لإدخال البلد في عصر الاستقلال الحقيقي، وإخراجه من سجن الوصاية الأمريكية وغيرها.


وفي الختام ، إن الحسين (ع) كان ينادي بالإصلاح في أمة جده وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى ضوء هذا فإذا أردنا أن نعمل على الإلتزام بولايته وخطه ومحبته فإن علينا أن نحارب كل أوضاع الفساد في مجتمعنا من استخدام المخدرات والخمور والعبث بأموال الناس وسرقتهم والإعتداء عليهم، فهذا هو المنهج الذي يجب أن نسير عليه وليس المنهج أن نضرب رؤوسنا بالسيوف وظهورنا بالسياط وأن نستخدم أساليب متخلفة جديدة يستعملها بعض الناس في بعض البلدان الإسلامية .


إن الحسين (ع) قام ليجدد الإسلام الحضاري الذي جاء به رسول الله (ص) ، وأراد أن يكون عنواناً ينفتح على عمق رسالة رسول الله (ص) في قوله " حسين مني وأنا من حسين " فإذا أردنا أن نكون مع الحسين (ع) ، فعلينا أن نكون مع الإصلاح في أمة جده ومع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن نعمل على أساس أن نلتزم بكل ما يحفظ النظام العام.


والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أخت الحسين ، وعلى أخ الحسين وعلى الصفوة الطيبة من أنصار الحسين .



 

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ:  10 محرّم 1431 هـ  الموافق: 27/12/2009 م
 
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير