الاقتداء بسيرة الإمام

الاقتداء بسيرة الإمام
ألقى سماحة آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

 

 الخطبة الأولىالإمام الحسن(ع): القدوة والمِثال


الاقتداء بسيرة الإمام
في هذا اليوم، السّابع من صفر، نلتقي بذكرى وفاة الإمام الحسن بن عليّ(ع)، وهو الّذي قال النبيّ(ص) عنه وعن أخيه: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة»، وقال عنهما إنّهما «إمامان قاما أو قعدا»، وقال وهو يشير إليهما: «اللّهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما»؛ ليُدخلَ رسول الله الحسن والحسين في وجدان المسلمين، من أجل أن يعيشوا الاقتداء بسيرتهما والالتزام بخطّهما الّذي هو خطّ الإسلام.

وهذا هو معنى إمامة أهل البيت(ع)؛ أن نلتزم بالإسلام الذي جسّدوه في أقوالهم وأفعالهم في كلّ مجالات الحياة. فإذا تحدّثنا عن أفراحهم وأحزانهم، فإنّ علينا أن نتحدّث عن علاقة أفراحهم بأفراح الإسلام، وعن علاقة أحزانهم بأحزان الإسلام. إنّ أهل البيت كانوا للإسلام كلّه وللإنسان كلّه، وعلينا أن ننقل كلّ حياتهم وأفكارهم ومبادئهم إلى الإنسان في هذا العصر؛ لنغتني في واقعنا المعاصر من خلال إمامتهم، بدلاً من أن نحبسهم في زوايا عصبيّاتنا وتعقيداتنا.

ملامح من شخصيته (ع) وحكمه:
ولننْظرْ إلى صورة موجزة عن الإمام الحسن(ع) بما يتحدّث به الإمام زين العابدين(ع)، يقول(ع):

«كان أعبدَ النّاس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم. كان إذا حجّ حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنّشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصّراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله شهق شهقةً يُخشى عليه منها. وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنّار اضطرب اضطراب السّليم وسأل اللهَ الجنّة وتعوّذ به من النّار. وكان لا يقرأ من كتاب الله عزّ وجلّ {يا أيّها الذين آمنوا} إلا قال: لبّيك اللّهمّ لبّيك، ولم يُرَ في شيء من أحواله إلا ذاكراً لله سبحانه».

وكان الإمام الحسن(ع) يعظ النّاس فيقول: «يا بن آدم، عُفَّ عن محارم الله تكن عابداً، وارضَ بما قسم الله تكن غنيّاً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب النّاس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عادلاً. إنّه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيراً ويبنون مشيداً ويأملون بعيداً؛ أصبح جمعهم بوراً وعملهم غروراً ومساكنهم قبوراً. يا بن آدم، لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك، فخذ ممّا في يدك لما بين يديك».

أيّها الأحبّة، هؤلاء هم أئمّتنا، وهم قدوتنا، ومن خلالهم نتعرّف إلى الإسلام أكثر، والسّلام على إمامنا الحسن المجتبى يوم ولد ويوم انتقل إلى رحاب الله ويوم يُبعث حيّاً.

بسم الله الرّحمن الرّحيم الخطبة الثّانية


فلسطين المحتلّة: الحصار المستمرّ
في فلسطين المحتلّة، تتنوّع الكوارث التي يُسبّبها الاحتلال الصّهيوني: من الحصار المستمرّ، إلى الاغتصاب للمزيد من الأرض، إلى الاعتقالات المتنقّلة، وصولاً إلى فتح قنوات المياه على أهالي غزّة بما قد يُنذر بكارثة إنسانيّة.

ومع استمرار حملات الاستيطان، تحاول الإدارة الأمريكيّة أن تلعب لعبتها الجديدة، لتقول للفلسطينيّين إنّ الأمور مرهونة بقراراتكم، فإذا عدتم إلى المفاوضات أمكننا مساعدتكم، وبدلاً من أن تضغط على العدوّ لوقف الاستيطان، أصبحت تردّد الكلام الإسرائيليّ نفسه حول التفاوض من دون شروط مسبقة.

ونحن في الوقت الذي لا نرى شرعيّةً للعدوّ في احتلاله لفلسطين كلّها، نحذّر السّلطة الفلسطينيّة من الانخراط في لعبة التفاوض مجدّداً تحت عنوان التّبادل بالأراضي، لأنّ هذا المشروع يمثّل خطيئةً كبرى على المستوى القانوني والسياسي والجغرافي، فضلاً عن كونه يمثّل خيانةً للأجيال الفلسطينيّة وللأمّة كلّها.

التّقارب الألماني الصّهيوني
وإلى جانب ذلك، شاهدنا هذا الأسبوع لقاءً على مستوى الحكومتين الألمانيّة والصّهيونيّة وصفه رئيس وزراء العدوّ بأنّه "لحظة تاريخية". ولعلّ من اللافت أنّ رئيس وزراء العدوّ طلب من المستشارة الألمانيّة الإبقاء على قوات البحريّة الألمانية قبالة السّواحل اللّبنانية، في الوقت الذي يرسل العدوّ تهديداته إلى لبنان في كلّ الاتجاهات، ومع ذلك، تحرص ألمانيا على تزويد العدوّ بغوّاصات متطوّرة، ما يمكّنه من توسيع دائرة عدوانه وتجسّسه. والسّؤال هنا: هل تريد الدّول الأوروبّية أن تضع نفسها في موقع الشّراكة مع هذا العدوّ في أيّ مغامرة مستقبليّة يعتدي فيها على لبنان أو المنطقة؟!

وإنّنا، أمام ذلك، ندعو الأوروبّيين إلى أخذ العبرة من مجريات الأحداث في السنين الأخيرة، والكفّ عن سياسة الكيل بمكيالين في مسألة العدالة، وأن لا يقعوا فيما وقعت فيه الولايات المتّحدة الأمريكيّة من منـزلقاتٍ في احتلالها وسياساتها تجاه شعوب المنطقة، في الوقت الذي نتوجّه إلى الواقع العربي والإسلامي بالتوقّف عن الظهور بمظهر الضعيف الذي يُغري الآخرين بقهره وإذلاله أكثر.

لبنان: الغرق في لعبة التّحاصص
ونصل إلى لبنان، لنجده غارقاً في لعبة التعيينات التي لا بد من أن تأخذ مزيداً من الوقت حتى يتدبَّر كلّ مسؤول وضعه، ويطمئن إلى حصّته، أو في الانتخابات البلدية التي قد تتحوّل إلى ملهاة سياسيّة جديدة، تأخذ عنوان التّمديد القسريّ لأسبابٍ من هنا وهناك، لندخل في الغيبوبة السياسيّة المحلّية التي تنتظر جلاء الموقف في مسرح المنطقة الواسع المفتوح على أكثر من احتمال.

ألقى سماحة آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

 

 الخطبة الأولىالإمام الحسن(ع): القدوة والمِثال


الاقتداء بسيرة الإمام
في هذا اليوم، السّابع من صفر، نلتقي بذكرى وفاة الإمام الحسن بن عليّ(ع)، وهو الّذي قال النبيّ(ص) عنه وعن أخيه: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة»، وقال عنهما إنّهما «إمامان قاما أو قعدا»، وقال وهو يشير إليهما: «اللّهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما»؛ ليُدخلَ رسول الله الحسن والحسين في وجدان المسلمين، من أجل أن يعيشوا الاقتداء بسيرتهما والالتزام بخطّهما الّذي هو خطّ الإسلام.

وهذا هو معنى إمامة أهل البيت(ع)؛ أن نلتزم بالإسلام الذي جسّدوه في أقوالهم وأفعالهم في كلّ مجالات الحياة. فإذا تحدّثنا عن أفراحهم وأحزانهم، فإنّ علينا أن نتحدّث عن علاقة أفراحهم بأفراح الإسلام، وعن علاقة أحزانهم بأحزان الإسلام. إنّ أهل البيت كانوا للإسلام كلّه وللإنسان كلّه، وعلينا أن ننقل كلّ حياتهم وأفكارهم ومبادئهم إلى الإنسان في هذا العصر؛ لنغتني في واقعنا المعاصر من خلال إمامتهم، بدلاً من أن نحبسهم في زوايا عصبيّاتنا وتعقيداتنا.

ملامح من شخصيته (ع) وحكمه:
ولننْظرْ إلى صورة موجزة عن الإمام الحسن(ع) بما يتحدّث به الإمام زين العابدين(ع)، يقول(ع):

«كان أعبدَ النّاس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم. كان إذا حجّ حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنّشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصّراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله شهق شهقةً يُخشى عليه منها. وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنّار اضطرب اضطراب السّليم وسأل اللهَ الجنّة وتعوّذ به من النّار. وكان لا يقرأ من كتاب الله عزّ وجلّ {يا أيّها الذين آمنوا} إلا قال: لبّيك اللّهمّ لبّيك، ولم يُرَ في شيء من أحواله إلا ذاكراً لله سبحانه».

وكان الإمام الحسن(ع) يعظ النّاس فيقول: «يا بن آدم، عُفَّ عن محارم الله تكن عابداً، وارضَ بما قسم الله تكن غنيّاً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب النّاس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عادلاً. إنّه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيراً ويبنون مشيداً ويأملون بعيداً؛ أصبح جمعهم بوراً وعملهم غروراً ومساكنهم قبوراً. يا بن آدم، لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك، فخذ ممّا في يدك لما بين يديك».

أيّها الأحبّة، هؤلاء هم أئمّتنا، وهم قدوتنا، ومن خلالهم نتعرّف إلى الإسلام أكثر، والسّلام على إمامنا الحسن المجتبى يوم ولد ويوم انتقل إلى رحاب الله ويوم يُبعث حيّاً.

بسم الله الرّحمن الرّحيم الخطبة الثّانية


فلسطين المحتلّة: الحصار المستمرّ
في فلسطين المحتلّة، تتنوّع الكوارث التي يُسبّبها الاحتلال الصّهيوني: من الحصار المستمرّ، إلى الاغتصاب للمزيد من الأرض، إلى الاعتقالات المتنقّلة، وصولاً إلى فتح قنوات المياه على أهالي غزّة بما قد يُنذر بكارثة إنسانيّة.

ومع استمرار حملات الاستيطان، تحاول الإدارة الأمريكيّة أن تلعب لعبتها الجديدة، لتقول للفلسطينيّين إنّ الأمور مرهونة بقراراتكم، فإذا عدتم إلى المفاوضات أمكننا مساعدتكم، وبدلاً من أن تضغط على العدوّ لوقف الاستيطان، أصبحت تردّد الكلام الإسرائيليّ نفسه حول التفاوض من دون شروط مسبقة.

ونحن في الوقت الذي لا نرى شرعيّةً للعدوّ في احتلاله لفلسطين كلّها، نحذّر السّلطة الفلسطينيّة من الانخراط في لعبة التفاوض مجدّداً تحت عنوان التّبادل بالأراضي، لأنّ هذا المشروع يمثّل خطيئةً كبرى على المستوى القانوني والسياسي والجغرافي، فضلاً عن كونه يمثّل خيانةً للأجيال الفلسطينيّة وللأمّة كلّها.

التّقارب الألماني الصّهيوني
وإلى جانب ذلك، شاهدنا هذا الأسبوع لقاءً على مستوى الحكومتين الألمانيّة والصّهيونيّة وصفه رئيس وزراء العدوّ بأنّه "لحظة تاريخية". ولعلّ من اللافت أنّ رئيس وزراء العدوّ طلب من المستشارة الألمانيّة الإبقاء على قوات البحريّة الألمانية قبالة السّواحل اللّبنانية، في الوقت الذي يرسل العدوّ تهديداته إلى لبنان في كلّ الاتجاهات، ومع ذلك، تحرص ألمانيا على تزويد العدوّ بغوّاصات متطوّرة، ما يمكّنه من توسيع دائرة عدوانه وتجسّسه. والسّؤال هنا: هل تريد الدّول الأوروبّية أن تضع نفسها في موقع الشّراكة مع هذا العدوّ في أيّ مغامرة مستقبليّة يعتدي فيها على لبنان أو المنطقة؟!

وإنّنا، أمام ذلك، ندعو الأوروبّيين إلى أخذ العبرة من مجريات الأحداث في السنين الأخيرة، والكفّ عن سياسة الكيل بمكيالين في مسألة العدالة، وأن لا يقعوا فيما وقعت فيه الولايات المتّحدة الأمريكيّة من منـزلقاتٍ في احتلالها وسياساتها تجاه شعوب المنطقة، في الوقت الذي نتوجّه إلى الواقع العربي والإسلامي بالتوقّف عن الظهور بمظهر الضعيف الذي يُغري الآخرين بقهره وإذلاله أكثر.

لبنان: الغرق في لعبة التّحاصص
ونصل إلى لبنان، لنجده غارقاً في لعبة التعيينات التي لا بد من أن تأخذ مزيداً من الوقت حتى يتدبَّر كلّ مسؤول وضعه، ويطمئن إلى حصّته، أو في الانتخابات البلدية التي قد تتحوّل إلى ملهاة سياسيّة جديدة، تأخذ عنوان التّمديد القسريّ لأسبابٍ من هنا وهناك، لندخل في الغيبوبة السياسيّة المحلّية التي تنتظر جلاء الموقف في مسرح المنطقة الواسع المفتوح على أكثر من احتمال.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير