الإمامُ الحسنُ (ع): في أحضانِ الرِّسالةِ حتَّى الشَّهادةِ

الإمامُ الحسنُ (ع): في أحضانِ الرِّسالةِ حتَّى الشَّهادةِ

ولد الإمام الحسن بن عليّ (ع) في بداية عهد الهجرة، وكان أوَّل وليد لعليّ (ع) وفاطمة (ع)، وكان قرّة عين رسول الله (ص) الَّذي فقد ابنه الوحيد. وانضمَّ إليه أخوه الحسين (ع) بعد وقت قصير، ودرجا معاً بين أحضان رسول الله (ص)، وانفتحا معاً على كلماته، وحدَّقا معاً في عينيه، لأنَّ الطّفل عادةً ما يحدِّق بالعينين اللّتين يجد فيهما سكينته وفرحه وابتسامته وروحيَّته. وقد وجدا ملاعبهما في السَّاحة التي كانا يتحرّكان فيها مع رسول الله (ص)، من خلال هذه الطفولة الرائعة، بكلّ ما حشدته في عيني الحسنين (ع) وفي روحيهما وعقليهما وقلبيهما، من كلّ معاني الروحانية والطهر والصفاء الَّتي كانا يختزنانها في داخل شخصيَّتهما التي كانت تنمو بين يدي رسول الله (ص) وبين أحضان عليّ (ع) وفاطمة (ع).

ونحن نعرف ما معنى أنّ شخصين يكون رسول الله (ص) أستاذهما الأوَّل، ومسألة الأستاذية التي تميّزت بها هذه التجربة الحسنية – الحسينية لم تكن مجرّد كلمة يسمعانها، ولكنَّها كانت كلّ شيء بالنّسبة إليهما... ولقد كانت أستاذيَّة رسول الله (ص) لهما كأستاذيَّته لأبيهما ولأمِّهما. وكان عليّ (ع) تلميذ رسول الله (ص) الأوَّل... فالتجربة نفسها التي عاشها الإمام عليّ(ع) مع رسول الله (ص)، عاشها الحسنان (ع).

وإذا كنَّا نعرف أنَّ الزَّهراء (ع) عاشت روحانيَّة رسول الله (ص) فيما أفاض عليها من روحانيَّته، وعاشت عقله فيما أعطاها من عقله، وعاشت خلقه فيما أعطاها من خلقه في طفولتها الأولى بعد وفاة أمّها، نعرف كيف أنّ الحسنين (ع) جمعا ذلك كلّه، فلقد جمعا ما اكتسبه الأب والأمّ، وجمعا مـا تـحدَّث بـه رسـول الله (ص) بشكل مباشر.

وغاب رسول الله (ص)، ودرج الحسنان (ع) – كما كانا يدرجان في حياته – في أحضان أمّهما الطاهرة التي أذهب الله عنها الرِّجس وطهَّرها تطهيراً، وفي أحضان أبيهما الَّذي عاش العصمة كلّها والطهارة كلّها والنقاء كلّه...

وعاش الإمام الحسن (ع) بعد أبيه مرحلة ولا أصعب، وتجربة ولا أقسى، فلم يكن لديه جيش يحمل الرِّسالة، ولكنّه كان يملك جيشاً تتوزّعه الأهواء التي توزّعته في أواخر حياة أبيه، وكان ما كان، وكان الحسين (ع) معه. فالصّلح الحسنيّ هو صلح حسينيّ أيضاً، ولم يكن لأحدهما مزاج يختلف عن الآخر، فلقد كان مزاجهما مزاج الإسلام، وكانا يتحرّكان حيث يريان أنَّ مصلحة الإسلام في هذه الحركة سلماً أو حرباً. وكانا كأبيهما (ع)، وربما لم يقل الإمام الحسن (ع) تلك الكلمة، ولم يقلها الإمام الحسين (ع)، ولكنهما كانا يعيشانها في التجربة: "لأُسْلِمنَّ مَا سَلِمَتْ أُمورُ المسلمين، ولم يكنْ فيها جورٌ إلَّا عليَّ خاصَّةً"1.

وتحمَّلا الجور، وكانت نهاية المطاف الشَّهادة، ولم يرد الإمام الحسن (ع) أن يهرق في أمره ملء محجمة دماً، ولذلك أوصى الإمامَ الحسين (ع) وأهلَ بيته أن يغمدوا سيوفهم، لأنَّ مصلحة المسلمين كانت همّه كلّه...

*من كتاب "النَّدوة"، ج 7.

[1]نهج البلاغة، من خطبة له (ع) لمّا عزموا على بيعة عثمان.

ولد الإمام الحسن بن عليّ (ع) في بداية عهد الهجرة، وكان أوَّل وليد لعليّ (ع) وفاطمة (ع)، وكان قرّة عين رسول الله (ص) الَّذي فقد ابنه الوحيد. وانضمَّ إليه أخوه الحسين (ع) بعد وقت قصير، ودرجا معاً بين أحضان رسول الله (ص)، وانفتحا معاً على كلماته، وحدَّقا معاً في عينيه، لأنَّ الطّفل عادةً ما يحدِّق بالعينين اللّتين يجد فيهما سكينته وفرحه وابتسامته وروحيَّته. وقد وجدا ملاعبهما في السَّاحة التي كانا يتحرّكان فيها مع رسول الله (ص)، من خلال هذه الطفولة الرائعة، بكلّ ما حشدته في عيني الحسنين (ع) وفي روحيهما وعقليهما وقلبيهما، من كلّ معاني الروحانية والطهر والصفاء الَّتي كانا يختزنانها في داخل شخصيَّتهما التي كانت تنمو بين يدي رسول الله (ص) وبين أحضان عليّ (ع) وفاطمة (ع).

ونحن نعرف ما معنى أنّ شخصين يكون رسول الله (ص) أستاذهما الأوَّل، ومسألة الأستاذية التي تميّزت بها هذه التجربة الحسنية – الحسينية لم تكن مجرّد كلمة يسمعانها، ولكنَّها كانت كلّ شيء بالنّسبة إليهما... ولقد كانت أستاذيَّة رسول الله (ص) لهما كأستاذيَّته لأبيهما ولأمِّهما. وكان عليّ (ع) تلميذ رسول الله (ص) الأوَّل... فالتجربة نفسها التي عاشها الإمام عليّ(ع) مع رسول الله (ص)، عاشها الحسنان (ع).

وإذا كنَّا نعرف أنَّ الزَّهراء (ع) عاشت روحانيَّة رسول الله (ص) فيما أفاض عليها من روحانيَّته، وعاشت عقله فيما أعطاها من عقله، وعاشت خلقه فيما أعطاها من خلقه في طفولتها الأولى بعد وفاة أمّها، نعرف كيف أنّ الحسنين (ع) جمعا ذلك كلّه، فلقد جمعا ما اكتسبه الأب والأمّ، وجمعا مـا تـحدَّث بـه رسـول الله (ص) بشكل مباشر.

وغاب رسول الله (ص)، ودرج الحسنان (ع) – كما كانا يدرجان في حياته – في أحضان أمّهما الطاهرة التي أذهب الله عنها الرِّجس وطهَّرها تطهيراً، وفي أحضان أبيهما الَّذي عاش العصمة كلّها والطهارة كلّها والنقاء كلّه...

وعاش الإمام الحسن (ع) بعد أبيه مرحلة ولا أصعب، وتجربة ولا أقسى، فلم يكن لديه جيش يحمل الرِّسالة، ولكنّه كان يملك جيشاً تتوزّعه الأهواء التي توزّعته في أواخر حياة أبيه، وكان ما كان، وكان الحسين (ع) معه. فالصّلح الحسنيّ هو صلح حسينيّ أيضاً، ولم يكن لأحدهما مزاج يختلف عن الآخر، فلقد كان مزاجهما مزاج الإسلام، وكانا يتحرّكان حيث يريان أنَّ مصلحة الإسلام في هذه الحركة سلماً أو حرباً. وكانا كأبيهما (ع)، وربما لم يقل الإمام الحسن (ع) تلك الكلمة، ولم يقلها الإمام الحسين (ع)، ولكنهما كانا يعيشانها في التجربة: "لأُسْلِمنَّ مَا سَلِمَتْ أُمورُ المسلمين، ولم يكنْ فيها جورٌ إلَّا عليَّ خاصَّةً"1.

وتحمَّلا الجور، وكانت نهاية المطاف الشَّهادة، ولم يرد الإمام الحسن (ع) أن يهرق في أمره ملء محجمة دماً، ولذلك أوصى الإمامَ الحسين (ع) وأهلَ بيته أن يغمدوا سيوفهم، لأنَّ مصلحة المسلمين كانت همّه كلّه...

*من كتاب "النَّدوة"، ج 7.

[1]نهج البلاغة، من خطبة له (ع) لمّا عزموا على بيعة عثمان.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير