مقابلات
01/07/2012

ميشال إدّه: نفتقد شخصيّة روحيّة وإنسانيّة ومرجعيّة مرموقة

ميشال ادة

تحدّث الوزير اللّبنانيّ السّابق، الأستاذ ميشال إدّه، لموقع بيّنات، عن سماحة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله(رض)، وعن الأثر الفكريّ والسياسيّ الّذي خلّفه غيابه في لبنان والمنطقة، فقال:

لقد افتقد لبنان والعالمان العربيّ والإسلاميّ، بغياب سماحة السيد محمَّد حسين فضل الله(ره)، شخصيَّة مرجعيَّة مرموقة، عالية القامة والشأن على مستوى شواغل الدّين والدّنيا معاً، بل إنّنا افتقدنا حقّاً تجربة إيمانيَّة ودنيويَّة رائدة بصفاء الإيمان المنزّه عن التعصّب والعصبويَّة الفئويَّة الضيّقة، وبالانفتاح في النّظر إلى شواغل الدّنيا ومسائلها في حركة تطوّر المجتمعات والأزمنة. فالإيمان عنده ومعه ليس تقوقعاً ولا انغلاقاً على الآخر، بل هو انفتاح عليه واغتناء به، مثلما أنَّه خيار حرّ للفرد، بل لا يصحّ إلا إذا كان حرّاً، وليس مفروضاً لا بالتّرهيب ولا بالتّرغيب.

ومن هذا المنطلق، جسّد الرّاحل الكبير خلاصةً ثمينةً حقّاً في الوطنيَّة اللّبنانيَّة، وفي الانفتاح على التعدّد الفكريّ والثّقافيّ فيه، وفي صون هذا الوطن بهذه الحقيقة المجتمعيَّة، وحمايته من العدائيَّة العنصريَّة الصّهيونيَّة الّتي لم يسعها إلا أن تعتبر الصّيغة اللّبنانيَّة عدوّها الدّائم، لأنها بتنوّعها، نقيض دائم لأحاديَّة إسرائيل الدّينيَّة العنصريَّة، فاضحة لعنصريّتها، مهدّدة أبداً لاستراتيجيتها الدّائمة القائمة على تبرير كيانها، من خلال سعيها المستمرّ للبرهنة على استحالة قيام دولة متنوّعة الأديان في هذه المنطقة.

لقد كان هذا العلامة، المفكّر، الفقيه، مثالاً فذاً في الانسجام التام بين فكره والعمل، بين الإيمان الروحي وتجسيداته الدنيويَّة في النّظر إلى الأمور والمسائل المجتمعيّة، وفي التصدّي الخيّر لمعالجتها.

أمّا انتماؤه العربي، كما انتماؤه الإسلاميّ، فقد اتّسم بنظرةٍ شموليَّة، وبإحاطة متبصّرة دقيقة لم تنحرف يوماً عن رؤية التّرابط العضويّ بين الخاصّ والعام، في النَّظر وفي العمل على حدّ سواء.

ولنا في جوهر الدّراسات الَّتي خلّفها، وفي جوهر المواقف ووجهات النّظر، والاجتهادات النيّرة الَّتي افترعها، خير مثال على الانتباه الرّياديّ، من موقع رجل الدّين البعيد النظر، وعلى التّفاعل الحيّ مع سمات العصر وتبدّلات العالم، وهو التّفاعل النقديّ فعلاً الّذي لا يضحّي بالحقوق المشروعة للشعوب ابتغاء مرضاة سلطان أو لصالح هيمنة.

كان الإسلام في العصر الحاليّ موضع تأمّله وتبصّره وعنايته الدّائمة، وهو ما حمله على الإلحاح الدّائم على ضرورة توفير الشّروط اللازمة لحضورنا اللّبنانيّ العربيّ في قلب العالم القائم، على أساس احترام التنوّع والخصوصيّات، وليس قطعاً على أساس فرض المجانسة والأحاديّة، أياً تكن طبيعتها ومجالاتها، والّتي يُراد لها أن تسود بمحو الخصوصيّات وبقمع التنوّع.

إنَّ التراث الفكريّ والفقهيّ والعلمائيّ الَّذي خلّفه السيّد محمَّد حسين فضل الله، ليس مَعيناً لا ينضب للبنان وللّبنانيّين فحسب، ولا لإخواننا اللّبنانيّين الشّيعة فقط من دون سائر المواطنين اللّبنانيّين الآخرين؛ إنّه تراث لنا جميعاً، وسيظلّ حاضراً متحرّكاً فاعلاً ولافتاً، إنّه تراث للفكر العربيّ وللفكر الدّينيّ الإسلاميّ؛ تراث ملهم كذلك في النَّظر إلى متغيّرات العالم الرّاهن بأسره...

الجوهر الإنسانيّ الشّامل الَّذي ينطلق منه أصلاً تراث هذه المرجعيَّة، إنّما غايته ومجاله الرّحب الإنسانيّة جمعاء، وهذا ما يجعله تراثاً خلاقاً ملهماً، وحاضراً طبعاً في حوار الأديان، وفي تفكّر مسائل تطوّر مجتمعاتنا والمجتمعات الأخرى، وفيما بينها كذلك.

أحسب أنّه يتعيّن عليّ أيضاً أن أنوّه هنا بخاصّة، بهذا الجوهر الإنسانيّ العميق ذي الجذوة المتوهّجة في إبداعات الرّاحل الكبير الشعريّة، والّتي تكثّف في الحقيقة حضور هذه القامة الكبرى في تاريخنا الفكريّ الحضاريّ الإنسانيّ وهمومها وتطلّعاتها وإيمانها وأحلامها.

تحدّث الوزير اللّبنانيّ السّابق، الأستاذ ميشال إدّه، لموقع بيّنات، عن سماحة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله(رض)، وعن الأثر الفكريّ والسياسيّ الّذي خلّفه غيابه في لبنان والمنطقة، فقال:

لقد افتقد لبنان والعالمان العربيّ والإسلاميّ، بغياب سماحة السيد محمَّد حسين فضل الله(ره)، شخصيَّة مرجعيَّة مرموقة، عالية القامة والشأن على مستوى شواغل الدّين والدّنيا معاً، بل إنّنا افتقدنا حقّاً تجربة إيمانيَّة ودنيويَّة رائدة بصفاء الإيمان المنزّه عن التعصّب والعصبويَّة الفئويَّة الضيّقة، وبالانفتاح في النّظر إلى شواغل الدّنيا ومسائلها في حركة تطوّر المجتمعات والأزمنة. فالإيمان عنده ومعه ليس تقوقعاً ولا انغلاقاً على الآخر، بل هو انفتاح عليه واغتناء به، مثلما أنَّه خيار حرّ للفرد، بل لا يصحّ إلا إذا كان حرّاً، وليس مفروضاً لا بالتّرهيب ولا بالتّرغيب.

ومن هذا المنطلق، جسّد الرّاحل الكبير خلاصةً ثمينةً حقّاً في الوطنيَّة اللّبنانيَّة، وفي الانفتاح على التعدّد الفكريّ والثّقافيّ فيه، وفي صون هذا الوطن بهذه الحقيقة المجتمعيَّة، وحمايته من العدائيَّة العنصريَّة الصّهيونيَّة الّتي لم يسعها إلا أن تعتبر الصّيغة اللّبنانيَّة عدوّها الدّائم، لأنها بتنوّعها، نقيض دائم لأحاديَّة إسرائيل الدّينيَّة العنصريَّة، فاضحة لعنصريّتها، مهدّدة أبداً لاستراتيجيتها الدّائمة القائمة على تبرير كيانها، من خلال سعيها المستمرّ للبرهنة على استحالة قيام دولة متنوّعة الأديان في هذه المنطقة.

لقد كان هذا العلامة، المفكّر، الفقيه، مثالاً فذاً في الانسجام التام بين فكره والعمل، بين الإيمان الروحي وتجسيداته الدنيويَّة في النّظر إلى الأمور والمسائل المجتمعيّة، وفي التصدّي الخيّر لمعالجتها.

أمّا انتماؤه العربي، كما انتماؤه الإسلاميّ، فقد اتّسم بنظرةٍ شموليَّة، وبإحاطة متبصّرة دقيقة لم تنحرف يوماً عن رؤية التّرابط العضويّ بين الخاصّ والعام، في النَّظر وفي العمل على حدّ سواء.

ولنا في جوهر الدّراسات الَّتي خلّفها، وفي جوهر المواقف ووجهات النّظر، والاجتهادات النيّرة الَّتي افترعها، خير مثال على الانتباه الرّياديّ، من موقع رجل الدّين البعيد النظر، وعلى التّفاعل الحيّ مع سمات العصر وتبدّلات العالم، وهو التّفاعل النقديّ فعلاً الّذي لا يضحّي بالحقوق المشروعة للشعوب ابتغاء مرضاة سلطان أو لصالح هيمنة.

كان الإسلام في العصر الحاليّ موضع تأمّله وتبصّره وعنايته الدّائمة، وهو ما حمله على الإلحاح الدّائم على ضرورة توفير الشّروط اللازمة لحضورنا اللّبنانيّ العربيّ في قلب العالم القائم، على أساس احترام التنوّع والخصوصيّات، وليس قطعاً على أساس فرض المجانسة والأحاديّة، أياً تكن طبيعتها ومجالاتها، والّتي يُراد لها أن تسود بمحو الخصوصيّات وبقمع التنوّع.

إنَّ التراث الفكريّ والفقهيّ والعلمائيّ الَّذي خلّفه السيّد محمَّد حسين فضل الله، ليس مَعيناً لا ينضب للبنان وللّبنانيّين فحسب، ولا لإخواننا اللّبنانيّين الشّيعة فقط من دون سائر المواطنين اللّبنانيّين الآخرين؛ إنّه تراث لنا جميعاً، وسيظلّ حاضراً متحرّكاً فاعلاً ولافتاً، إنّه تراث للفكر العربيّ وللفكر الدّينيّ الإسلاميّ؛ تراث ملهم كذلك في النَّظر إلى متغيّرات العالم الرّاهن بأسره...

الجوهر الإنسانيّ الشّامل الَّذي ينطلق منه أصلاً تراث هذه المرجعيَّة، إنّما غايته ومجاله الرّحب الإنسانيّة جمعاء، وهذا ما يجعله تراثاً خلاقاً ملهماً، وحاضراً طبعاً في حوار الأديان، وفي تفكّر مسائل تطوّر مجتمعاتنا والمجتمعات الأخرى، وفيما بينها كذلك.

أحسب أنّه يتعيّن عليّ أيضاً أن أنوّه هنا بخاصّة، بهذا الجوهر الإنسانيّ العميق ذي الجذوة المتوهّجة في إبداعات الرّاحل الكبير الشعريّة، والّتي تكثّف في الحقيقة حضور هذه القامة الكبرى في تاريخنا الفكريّ الحضاريّ الإنسانيّ وهمومها وتطلّعاتها وإيمانها وأحلامها.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير