يفتي بحقّ المرأة في الدفاع عن نفسها ضدّ عنف الزوج

يفتي بحقّ المرأة في الدفاع عن نفسها ضدّ عنف الزوج

في حديث "للعربية.نت"، العلامة فضل الله

يفتي بحقّ المرأة في الدفاع عن نفسها ضدّ عنف الزوج


أصدر المرجع الشيعي آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً شرعياً، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، أفتى فيه بحق المرأة في أن تبادل عنف زوجها بعنف مثله دفاعاً عن النفس، وأنه إذا مارس الرجل "العنف الحقوقي" ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيّة، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد.


مراسل موقع "العربية.نت" تحدّث مع سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، مستوضحاً الأبعاد الشرعية لهذه الفتوى، مع وجود آراء شرعية معارضة لها.


وقد أكّد سماحته، أن هذه الفتوى ليست للشيعة فقط، بل إنها "تعالج المسألة الإسلامية في بعدها الإنساني". وقال إن "الأساس الشرعي لهذه الفتوى ينطلق من القاعدة الشرعية العامة التي تشمل كل مسلم ومسلمة، وهي أن من حق الإنسان المعتدَى عليه أن يدافع عن نفسه، ونعتقد أنه ليس هناك أي أساس شرعي يسمح للزوج أو للأب أو للأخ أو لأي شخص آخر له صلة بالمرأة بأن يضربها، ولاسيما إذا كان الضرب عنيفاً، فمن حقها أن تدافع عن نفسها، بأن تواجه هذا العنف ضربة بضربة، وحركة بحركة، فإن ذلك من حقها في هذا المجال".


وأما بخصوص قوله إن "قوامة الرجل على المرأة لا تعني سيادته عليها"، فقد أوضح سماحته ذلك بقوله: "عندما ندرس المسألة القرآنية في هذا المجال، فإنّنا لا نجد أن العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة سيد وعبد، لكنها علاقة مسؤولية، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: {الرجال قوَّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} (النساء:34)، باعتبار أن الرجل يتحمل المسؤولية الاقتصادية للمرأة والعائلة، فله الحق في الإشراف على البيت من خلال ذلك، كما أن ظروف الرجل قد توفّر له الفرصة في أن يقوم بإدارة شؤون البيت، في مقابل ظروف المرأة التي قد تُبتلى ببعض الأمور الخاصة، كالحمل والإرضاع، ممّا يفقدها بعضاً من قدرتها على إدارة البيت". وأضاف: "عندما ندرس العقد الزوجي، نرى أنّه لا يلزم المرأة بأي التزامات داخل البيت الزوجي. وحسب رأي الكثير من الفقهاء، أنه لا يجب على المرأة القيام بخدمات البيت، حتى إن الله ذكر في القرآن أنّ لها الحق في أن تأخذ الأجرة على إرضاع ولدها. وهذا يدل على أنّ القوامة لا تقتضي أن يفرض الزوج على زوجته القيام بكل شؤون البيت، بل تقتضي أن ينفق على زوجته بأن يهيّىء لها المسكن والغذاء والدواء. لكن الله أراد للمرأة أن تعيش إنسانيتها في البيت الزوجي، وأن تتطوّع وتتبرّع بالقيام بهذه الخدمات، انطلاقاً من أن العلاقة الزوجية تنطلق على أساس المودة والرحمة".


وأشار سماحته إلى إمكانية أن تهجر الزوجة زوجها، حيث قال: "إذا مارس الرجل العنف الحقوقي ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيّة، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد".


وأوضح سماحته أنّ "ما يحكم الزوجين هو العقد الزوجي، وعلينا أن ندرس معنى أن تقول زوّجتك نفسي، ويقول هو قبلت الزواج بك. فهذا يدلّ على أنّ عليها أن تبقى ملتزمةً حدود الله، لكن يمكنها أن تحفظ حقها بأن تمنع زوجها حقه إذا منعها حقها، لأن الحقوق متبادلة بينهما في الجانب الشرعي.


وتابع: "الجانب الجنسي يمثل شيئاً أساسياً في العلاقة الزوجية، فلا يجوز للزوجة أن تمنع نفسها من زوجها جنسياً، إلا إذا كانت هناك موانع صحية ونفسية واجتماعية".


واستطرد: "الله سبحانه جعل القوامة على الزوجة في مقابل الإنفاق في المال، ولو امتنع الزوج من الإنفاق على زوجته في ما تحتاجه في حياتها المنزلية المادية، فإن لها الحق، بناءً على الرّبط والإنفاق، أن تمنعه حقّه. ورأينا الشرعي أن الجنس هو حق للمرأة كما هو حق للرجل، فلا يجوز للمرأة أن تمنع الرجل حقه الجنسي إذا كان في حاجة إليه، كما لا يجوز للرجل أن يمنع المرأة حقها الجنسي إذا كانت في حاجة إليه، لأن الله أراد للحياة الزوجية أن تحصن المرأة والرجل في الجانب الجنسي، ولو تُرِكت للمرأة الحرية في أن تمتنع حيث شاءت، أو للرجل في أن يمتنع حيث يشاء، فإنّ ذلك سيؤدي إلى الانحراف، فلا يحقق الزواج الإحصان الجنسي".


وحول رأيه في أنه لا ولاية لأحدٍ على المرأة إذا كانت بالغةً رشيدةً مستقلّة في إدارة شؤون نفسها، أوضح سماحته أنّ: "المرأة البالغة الرشيدة هي كالرجل البالغ الرشيد، فكل واحد منهما هو شخصية قانونية على المستوى المالي أو الحياتي. ونحن لنا رأي فقهي قد يخالفنا فيه بعض الفقهاء، وهو أن المرأة البالغة تستقل بزواجها عن أبيها وجدها وأخيها، كما يستقل البالغ الرشيد بذلك. أما استشارة الأب فمسألة استحبابية، وليست إلزامية".


هذه الفتوى لسماحة السيّد فضل الله، عارضها أحد العلماء في مجمع الفقه الإسلامي في السعودية، الذي قال لـ"العربية.نت": "يحقُّ للمرأة أن تدافع عن نفسها إذا هاجمها زوجها ليعتدي عليها ويقتلها، لأنّه بذلك يخالف التوجيه القرآني، لأنّه لا يضربها ليؤدبها التأديب الشرعي الذي ورد ذكره في القرآن. أما هي، فليس لها الحق في أن تضرب زوجها كما هو حق الرجل الذي أعطاه إياه القرآن، أي لا يحق لها أن تؤدبه بالضرب كما يفعل هو". وتابع: "هناك ضرب تأديبي شرعي، وهو ضرب خفيف، وهذا ليس حقاً للمرأة وإنما هو حقٌ للرجل، ولكن إذا اعتدى عليها ليكسرها، يحق لها حينها أن تدافع عن نفسها، ولا يحق لها أن ترد على التأديب".


وبخصوص قول السيد فضل الله " إذا مارس الرجل العنف الحقوقي ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيّة، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد"، علّق العالِم: "هذا صحيح، فإذا لم ينفق عليها فإنّ لها الحق في أن تمتنع عنه وتطلب فسخ النكاح، وإذا استخدم العنف في ممارسة الجنس معها، فلها الحق في أن تمتنع وترفع عليه دعوى، لأنه لا يجوز له ذلك. وأما غير ذلك في موضوع الامتناع عن الزوج، فلا أعلم له أصلاً". وإزاء قول السيد فضل الله إن "المرأة البالغة تستقل بزواجها عن أبيها وجدها وأخيها"، أي لا ولاية لهم عليها، قال العالِم: "ليس صحيحاً، لا بد من الولي، وحتى إن الحنفيين القائلين بعدم اشتراط الولي، يروون أن من تزوّجت شخصاً غير كفؤٍ، جاز للولي أن يعترض على هذا الزواج، والولي لا بد منه".


دبي ـ حيان نيوف



مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)

التاريخ: 18 ذو القعدة 1428 هـ  الموافق: 28/11/2007 م

في حديث "للعربية.نت"، العلامة فضل الله

يفتي بحقّ المرأة في الدفاع عن نفسها ضدّ عنف الزوج


أصدر المرجع الشيعي آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً شرعياً، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، أفتى فيه بحق المرأة في أن تبادل عنف زوجها بعنف مثله دفاعاً عن النفس، وأنه إذا مارس الرجل "العنف الحقوقي" ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيّة، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد.


مراسل موقع "العربية.نت" تحدّث مع سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، مستوضحاً الأبعاد الشرعية لهذه الفتوى، مع وجود آراء شرعية معارضة لها.


وقد أكّد سماحته، أن هذه الفتوى ليست للشيعة فقط، بل إنها "تعالج المسألة الإسلامية في بعدها الإنساني". وقال إن "الأساس الشرعي لهذه الفتوى ينطلق من القاعدة الشرعية العامة التي تشمل كل مسلم ومسلمة، وهي أن من حق الإنسان المعتدَى عليه أن يدافع عن نفسه، ونعتقد أنه ليس هناك أي أساس شرعي يسمح للزوج أو للأب أو للأخ أو لأي شخص آخر له صلة بالمرأة بأن يضربها، ولاسيما إذا كان الضرب عنيفاً، فمن حقها أن تدافع عن نفسها، بأن تواجه هذا العنف ضربة بضربة، وحركة بحركة، فإن ذلك من حقها في هذا المجال".


وأما بخصوص قوله إن "قوامة الرجل على المرأة لا تعني سيادته عليها"، فقد أوضح سماحته ذلك بقوله: "عندما ندرس المسألة القرآنية في هذا المجال، فإنّنا لا نجد أن العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة سيد وعبد، لكنها علاقة مسؤولية، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: {الرجال قوَّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} (النساء:34)، باعتبار أن الرجل يتحمل المسؤولية الاقتصادية للمرأة والعائلة، فله الحق في الإشراف على البيت من خلال ذلك، كما أن ظروف الرجل قد توفّر له الفرصة في أن يقوم بإدارة شؤون البيت، في مقابل ظروف المرأة التي قد تُبتلى ببعض الأمور الخاصة، كالحمل والإرضاع، ممّا يفقدها بعضاً من قدرتها على إدارة البيت". وأضاف: "عندما ندرس العقد الزوجي، نرى أنّه لا يلزم المرأة بأي التزامات داخل البيت الزوجي. وحسب رأي الكثير من الفقهاء، أنه لا يجب على المرأة القيام بخدمات البيت، حتى إن الله ذكر في القرآن أنّ لها الحق في أن تأخذ الأجرة على إرضاع ولدها. وهذا يدل على أنّ القوامة لا تقتضي أن يفرض الزوج على زوجته القيام بكل شؤون البيت، بل تقتضي أن ينفق على زوجته بأن يهيّىء لها المسكن والغذاء والدواء. لكن الله أراد للمرأة أن تعيش إنسانيتها في البيت الزوجي، وأن تتطوّع وتتبرّع بالقيام بهذه الخدمات، انطلاقاً من أن العلاقة الزوجية تنطلق على أساس المودة والرحمة".


وأشار سماحته إلى إمكانية أن تهجر الزوجة زوجها، حيث قال: "إذا مارس الرجل العنف الحقوقي ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيّة، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد".


وأوضح سماحته أنّ "ما يحكم الزوجين هو العقد الزوجي، وعلينا أن ندرس معنى أن تقول زوّجتك نفسي، ويقول هو قبلت الزواج بك. فهذا يدلّ على أنّ عليها أن تبقى ملتزمةً حدود الله، لكن يمكنها أن تحفظ حقها بأن تمنع زوجها حقه إذا منعها حقها، لأن الحقوق متبادلة بينهما في الجانب الشرعي.


وتابع: "الجانب الجنسي يمثل شيئاً أساسياً في العلاقة الزوجية، فلا يجوز للزوجة أن تمنع نفسها من زوجها جنسياً، إلا إذا كانت هناك موانع صحية ونفسية واجتماعية".


واستطرد: "الله سبحانه جعل القوامة على الزوجة في مقابل الإنفاق في المال، ولو امتنع الزوج من الإنفاق على زوجته في ما تحتاجه في حياتها المنزلية المادية، فإن لها الحق، بناءً على الرّبط والإنفاق، أن تمنعه حقّه. ورأينا الشرعي أن الجنس هو حق للمرأة كما هو حق للرجل، فلا يجوز للمرأة أن تمنع الرجل حقه الجنسي إذا كان في حاجة إليه، كما لا يجوز للرجل أن يمنع المرأة حقها الجنسي إذا كانت في حاجة إليه، لأن الله أراد للحياة الزوجية أن تحصن المرأة والرجل في الجانب الجنسي، ولو تُرِكت للمرأة الحرية في أن تمتنع حيث شاءت، أو للرجل في أن يمتنع حيث يشاء، فإنّ ذلك سيؤدي إلى الانحراف، فلا يحقق الزواج الإحصان الجنسي".


وحول رأيه في أنه لا ولاية لأحدٍ على المرأة إذا كانت بالغةً رشيدةً مستقلّة في إدارة شؤون نفسها، أوضح سماحته أنّ: "المرأة البالغة الرشيدة هي كالرجل البالغ الرشيد، فكل واحد منهما هو شخصية قانونية على المستوى المالي أو الحياتي. ونحن لنا رأي فقهي قد يخالفنا فيه بعض الفقهاء، وهو أن المرأة البالغة تستقل بزواجها عن أبيها وجدها وأخيها، كما يستقل البالغ الرشيد بذلك. أما استشارة الأب فمسألة استحبابية، وليست إلزامية".


هذه الفتوى لسماحة السيّد فضل الله، عارضها أحد العلماء في مجمع الفقه الإسلامي في السعودية، الذي قال لـ"العربية.نت": "يحقُّ للمرأة أن تدافع عن نفسها إذا هاجمها زوجها ليعتدي عليها ويقتلها، لأنّه بذلك يخالف التوجيه القرآني، لأنّه لا يضربها ليؤدبها التأديب الشرعي الذي ورد ذكره في القرآن. أما هي، فليس لها الحق في أن تضرب زوجها كما هو حق الرجل الذي أعطاه إياه القرآن، أي لا يحق لها أن تؤدبه بالضرب كما يفعل هو". وتابع: "هناك ضرب تأديبي شرعي، وهو ضرب خفيف، وهذا ليس حقاً للمرأة وإنما هو حقٌ للرجل، ولكن إذا اعتدى عليها ليكسرها، يحق لها حينها أن تدافع عن نفسها، ولا يحق لها أن ترد على التأديب".


وبخصوص قول السيد فضل الله " إذا مارس الرجل العنف الحقوقي ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيّة، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد"، علّق العالِم: "هذا صحيح، فإذا لم ينفق عليها فإنّ لها الحق في أن تمتنع عنه وتطلب فسخ النكاح، وإذا استخدم العنف في ممارسة الجنس معها، فلها الحق في أن تمتنع وترفع عليه دعوى، لأنه لا يجوز له ذلك. وأما غير ذلك في موضوع الامتناع عن الزوج، فلا أعلم له أصلاً". وإزاء قول السيد فضل الله إن "المرأة البالغة تستقل بزواجها عن أبيها وجدها وأخيها"، أي لا ولاية لهم عليها، قال العالِم: "ليس صحيحاً، لا بد من الولي، وحتى إن الحنفيين القائلين بعدم اشتراط الولي، يروون أن من تزوّجت شخصاً غير كفؤٍ، جاز للولي أن يعترض على هذا الزواج، والولي لا بد منه".


دبي ـ حيان نيوف



مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)

التاريخ: 18 ذو القعدة 1428 هـ  الموافق: 28/11/2007 م
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير