كظم الغيظ والتَّقوى فوزٌ في الدّنيا والآخرة

كظم الغيظ والتَّقوى فوزٌ في الدّنيا والآخرة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيِّد محمد حسين فضل الله(رض)، خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمام الرِّضا(ع) في بئر العبد، وذلك في 13 جمادى الثَّانية 1409هـ/ الموافق: 20/1/1989م، وبحضور حشدٍ من المؤمنين. ومما جاء في الخطبتين:

الخطبة الأولى

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[1].

السَّير في خطِّ التَّقوى

في هذه الآيات دعوة من الله سبحانه وتعالى لكلِّ عباده إلى أن يسارعوا قبل فوات الأوان للحصول على مغفرةٍ من ربهم، وعلى الجنَّة الَّتي تتَّسع حتى يكون عرضها كعرض السّماوات والأرض. والمسارعة تتحقَّق بالسَّير على خطِّ التَّقوى، الَّذي يجعل الإنسان يراقب الله في كلِّ أموره، فلا يغفل عن الله في أيَّة لحظة.. فيتذكَّر الله عندما يفكِّر ليكون تفكيره خيراً، ويراقب الله ويتَّقيه عندما يتكلَّم حتَّى لا ينطق بالكلام الَّذي يضرّ البلاد والعباد.. وإذا أراد أن يفعل، فلا بدَّ من أن يراقب الله ويتَّقيه حتى لا يكون عمله إلا خيراً.. فالله أعدَّ الجنَّة للمتَّقين في تمثّلهم التَّقوى من الأفق الواسع الَّذي يشمل كلَّ فكر الإنسان وعمله..

ويؤكِّد الله مسألة العفو عن النَّاس؛ أن تعفو عمَّن أساء إليك في مواقع العلاقات الخاصَّة أو في مواقع العلاقات العامَّة، إذا كان في ذلك مصلحة، ثمَّ يقول الله إنَّ من كظم غيظه وعفا عن النَّاس، كان محسناً، والله يحبّ المحسنين..

إنَّ الله يريد من الإنسان دائماً أن لا يتحرَّك بذهنيَّة شفاء الغيظ.. بأن يكون كلّ همّه شفاء الغيظ، حتى لو أثار ذلك له وللنَّاس أكثر من مشكلة، والّذي يفكِّر بهذه الذِّهنيَّة هو الّذي قد يقضي على نفسه وعلى غيره.. إنَّها عقليَّة الإنسان الَّذي لا يفكِّر بطريقةٍ هادئةٍ معقولة، والإنسان في الحياة ليس مجرَّد غرائز تثور وشهوات تتركَّز.

أنت لست مجرّد أعصابٍ تتحرَّك، بل المسألة لها علاقة بعقلك، فليس من حقّك إذا أثيرت أعصابك أن تتصرَّف كما تشاء، بل عليك أن تعطي أعصابك جرعةً من عقلك.. فأنت جزء من المجتمع، ولهذا كلّ تصرّفاتك سوف تنعكس على المجتمع، وليس من حقّك أن تجعل المشكلة تعيش في النَّاس من حولك، بل لا بدَّ من أن يكون عقلك هو الَّذي يحرِّك أعصابك وشهواتك وكلّ تصرّفاتك في الحياة..

وفي بعض الأحاديث: "من كظم غيظاً وهو يقدر على إمضائه، حشا الله قلبه أمناً وإيماناً يوم القيامة"[2]، وأية جائزة أعظم من هذه الجائزة!

بعض النَّاس يفكّرون في أنَّ شفاء الغيظ مصدر قوّة، وأنَّ الذي لا يفعل ذلك هو إنسان جبان وضعيف.. ولكنّ المسألة أنّ ذلك يمثِّل صرع حلمه بغضبه، لأنَّ من لم يملك غضبه لم يملك عقله..

التّحرّك بتوازنٍ وتعقّل

ونريد من خلال ذلك لكلِّ حياتنا، سواء حياتنا الفرديّة أو الاجتماعيّة، أن تكون مبنيّةً على أساس أن تكون الإنسان العاقل الهادئ المتَّزن الّذي لا يتحرَّك إلا بحساب، ولا يسكن إلا بحساب..

إنَّ مشكلة أن لا تفكِّر أو تتصرَّف بوحي الغضب والانفعال، تتجاوز الدّنيا إلى الآخرة، ففي الدّنيا حساب من خلال المشاكل السّلبيَّة في حياتك وحياة النّاس، وفي الآخرة حساب فيما يدخلك ذلك في معصية الله، لهذا لا بدَّ من أن نتعوَّد أن يكون لنا العقل البارد والطّبع البارد، وليس العقل الّذي لا ينفعل في الأحداث الكبيرة، إنما أقصد بالعقل البارد الَّذي يفكِّر من دون انفعال، حتى إذا أراد أن يدفعك إلى ثورة، فإنَّه يدفعك إلى ثورة محسوبة.

إنَّ الغضب قسمان؛ فهناك غضبٌ لا يعرف طريقه، وهناك غضبٌ لله وغضبٌ للحقّ وغضبٌ للمصير، ولذلك، حرِّك غضبك بتركيز، وأعطه طاقةً يعيش الحقّ في داخلها.. وإنّ خطورة الغضب وعقليَّة شفاء الغيظ، تكمن في أنها تمنع الإنسان من أن يكون حياديّاً، فأنت عندما تغضب ويكون هواك في جانب، فإنَّ غضبك يجعلك تفكّر بانفعاليَّة وتكون انفعاليّاً، فلا تقف وقفةً تميّز فيها بين الحق والباطل..

وهذا ما نلاحظه في كلِّ المجالات العمليَّة في حياة رسول الله(ص)، فقد كان النّاس يقولون عنه إنّه مجنون، كما يقول الكثير من النّاس عن العلماء والمصلحين بذلك، ولكنَّ القرآن علَّمه أن لا يردّ عليهم الكلمة بكلمةٍ مثلها: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}[3]، فعندما تنفصلون عن الجوِّ المحموم، سوف تعرفون أنَّ رسول الله(ص) ليس بمجنون..

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الخطبة الثانية

في الأجواء السياسيَّة والعسكريَّة المحمومة، تثور أعصاب كلِّ إنسان، والكثيرون يضعون على الزّيت ناراً.. ويحاولون أن يثيروا النّاس بطريقة انفعاليَّة. وفي هذا المجال، علَّمنا الله أن نقول للنّاس تفرَّقوا وابدأوا عمليَّة التّفكير؛ كيف قبلنا هذا الخبر؟ ومن أين أتت الإشاعة؟

لهذا، كلّ الأجهزة التي تعمل كمخابرات، سواء كانت محليّة أو إقليميّة أو دوليّة، دورها أن تخلق مشاكل وأن توتِّر الأعصاب، وعندما يعيش المجتمع بأعصابه لا بعقله، فإنَّه يستطيع أن يفعل كلَّ شيء.. ولهذا، فإنَّ الشَّعب ربما يخرِّب حياته بيده من خلال الأجواء الّتي يصنعها الآخرون.. ولا سيَّما إذا كانت ذهنيَّة شفاء الغيظ عند القيادات موجودة، بأن يكون القيادي إنساناً منفعلاً يتحرّك في المواقف تبعاً لأحقاده ولجوانب شخصيّة. هذا يمكن أن يحاصر النّاس بالفتنة، وأن يتحركوا بالكلمات الطيّبة بدلاً من الكلمات الخبيثة..

لهذا دور المجتمع كلّه في حالات الفتنة، وخصوصاً إذا لم تكن الفتنة فتنةً محدودةً في الدّوائر الضيِّقة، بل كانت على مستوى الأمّة كلّها والقضايا الكبيرة، أن يتحرّك ليكون دوره دور الإطفائي.

في هذه الفتن، النّار تمشي، والنّاس تقف على محطّة البنزين، وكلّ واحد يملأ البرميل ويرمي على النّار بنزين الكلمات والاتهامات والمواقف والبغضاء، في الوقت الّذي لا بدّ من أن يتحوّل المجتمع كلّه إلى إطفائي، لأنّ الفتنة عندما تحدث لن يسلم منها أحد..

لهذا علينا أن لا نتكلَّم إلا بالخير والكلمات الطيّبة، وحتى عندما تبيّن حقّك، حاول أن تبيّنه بطريقة معقولة ومقبولة، فتشرح حقَّك ولا تعقِّد الواقع.

الفتن في لبنان تحرق القضايا

في كلِّ الفتن الّتي نعيشها في لبنان، وعلى جميع المستويات، نلاحظ أنَّ كلَّ النّاس غير مستعدَّة لأن تفهم لمن الحقّ وعلى من، أو أنّها لا تعمل لكي تدقّق، فهي تأخذ عناوين الفتنة وتنطلق من خلالها.. فالنَّاس غالباً في كلِّ الفتن، غير مستعدَّة لتعرف لمن الحقّ إلا عندما تمسّ المسألة مصلحتها الشَّخصيَّة..

والفتن تحرق كلّ القضايا وكلّ المواقع، وربما تبدأ الفتنة من خلال وضع معيّن حتى تتجاوزه إلى وضع أكبر، لأنّه قد يستفيد منها الآخرون لمصالحهم. لهذا، لا بدَّ من أن نعمل جميعاً على تبرير الواقع، وأن لا نشجِّع الَّذين ينطلقون بالكلمات المثيرة الَّتي تثير الأحقاد. ومن يرد أن يتكلَّم في أيّ موقعٍ بالحقد والبغضاء، سواء كان عالم دين أو قياديّاً أو غير ذلك، فيجب أن يقف الجميع في وجهه، ويقولوا له إنَّ الوقت هو وقت تبرير المسألة.

لهذا، نحن دعونا الطَّرفين إلى إيقاف الحرب الإعلاميَّة، لأنَّ الَّذي يخرج من خلال هذا الإعلام، يعطي الصّورة عن المسلمين، وعن المسلمين الشّيعة بشكلٍ خاصّ، فهذا يقول عن ذاك إنَّه قام بمجازر، وذاك يقول هو الَّذي عمل ذلك، وهذا يقول هذا يزيديّ وهؤلاء كفرة. يقول الإعلام عندئذٍ من خلال ذلك، إنَّ الجميع مثل بعضهم البعض، والصّورة تشوَّه كلّها، والناس غير مستعدّة أن تفهم من القصّة قصَّة حقّ وباطل.

لهذا أعلنّا أنَّ هذه الحرب لن تؤدّي إلى نتائج إيجابيَّة، بل ستؤدّي إلى نتائج عكسيَّة، لأنها تشوّه الصّورة في المطلق. ونحن ندعو إلى وقف الحرب الكلاميَّة، لأنها توجب توتّر المشاعر من جديد، وتنشر كلّ الغسيل الوسخ على السّطوح، وتمثّل فضيحةً للمجتمع الذي لا يقف وقفة قويَّة لوقف هذا النّزف.

لوقف إطلاق النَّار

ونحن يجب أن نشعر بضرورة وقف إطلاق النَّار، وأن يكون النِّداء وقف إطلاق النَّار الإعلاميّ والعسكريّ، لأنَّ هذا قد يخلق تبريداً للسَّاحة عندما لا تفتح الجرائد ونرى كلمات السّبّ والشّتائم من هنا وهناك، ولا يكون هناك إطلاق نار يحشر النّاس في الزّاوية. وبعد ذلك، يجتمع الطّرفان في جوٍّ معقول متوازن، لأنهم إذا لم يجتمعوا الآن سوف يجتمعون بعد شهر، وإذا لم يجتمعوا بعد شهر فبعد سنة.. وهذه الفتنة ليست بأقسى من فتنة حرب المخيّمات، كانت هناك شروط وشروط مضادّة وكلمات، قالوا لا نجلس مع "أبو عمّار" والَّذين باعدوا فلسطين، وسقط مئات القتلى في السنين الأولى والثّانية والثّالثة، وجلسوا مع بعضهم البعض بعد ذلك ووقفت الحرب.

ونحن نقول لكلِّ الإخوان، في الحالة الأولى، لا بدَّ من أن يجتمعوا بعد وقف إطلاق النَّار. ثانياً، ينبغي أن لا يكون هناك شرطٌ للاجتماع مع فريقٍ مراقبٍ مخلصٍ من كلّ واحد يطلب حقّه.

والشَّيء الّذي كنت أقوله منذ أكثر من سنة، أن يجتمع الجميع، وأن يتحاوروا ويتفاوضوا، وعند ذلك، يمكن أن يطرح كلّ فريقٍ على الآخر شروط المصالحة، لأنَّ طبيعة الصّلح أن يتنازل هذا من جهة وذاك من جهة، لنصل إلى الحدِّ المعقول، لأنَّ هذا الوضع غير معقول، والحديث كلّه هو الحفاظ على قرار الجنوب وعلى الشّيعة، وهذه الحرب ستسقط كلّ ذلك. وقد أعجبني كلام أحد السياسيّين أمس، أنّه إذا استمرَّت هذه الحرب، سوف يأخذ أبو عمّار الجنوب. لهذا ينبغي أن يكون الصَّوت واحداً، في أن يجتمع الجميع بعد وقف إطلاق النار وبعد وقف الحرب الإعلامية، حتى نستطيع أن نخرج من هذه الفتنة المدمّرة.

لاحظوا أنَّ العدوَّ يعيش أفضل حالاته في هذه الأيّام، وزخارين يقول لأهل الشَّريط الحدودي في داخل الشريط وفي خارجه، إنَّ النّاس تذبح بعضها البعض، وهو يعتبر أنَّ الحرب فرصة لتقف كلّ العمليّات، وعندما تثار المسألة على المنابر وفي الصّحف، لن يفهم أحد على أحد، لكن إذا كان هذا عنده عناوين سياسيّة وذاك أيضاً، فيمكن أن يلتقي ونصغي إلى القواسم المشتركة، فالجميع قاتل إسرائيل، والجميع أبناء بلدٍ واحدٍ ودينٍ واحد، والجميع ينتظرون الحصول على حقوقهم المستقبليَّة، ولن يحصل أيّ فريقٍ على أيِّ شيءٍ إذا لم تقف هذه الحرب، وإيقاف الحرب يحتاج إلى إيقافٍ أمنيٍّ ولكن مع آليَّة، فالكلّ يقول أنا أدافع عن نفسي.

لا بدَّ من أن يجتمع الجميع ويتفاهموا لأجل القضايا الكبيرة، سواء كانت على مستوى قضايا الأمّة أو الطائفة أو البلد كلّه، وما دام الجميع يقولون نريد أن نقاتل إسرائيل ونحرّر البلد، ستجمَّد الآن كلّ الخلافات لمصلحة قتال إسرائيل، حتى نقوّي المقاومة وننظِّم وضعها، وبالحوار ينتظم كلّ وضع.

يقول الجميع إنَّ الإمام الخميني يمثِّل القيادة الإسلاميّة، فلنلتزم بخطِّ هذه القيادة التي تتحرَّك في خطٍّ رساليّ. ونحن نأمل في هذه الأيّام القليلة أن يحدث هناك شيء يطفئ النّار، ويهيّئ المجال للمصالحة، لأنّه حسب معلوماتنا، سيحدث اجتماع بين وزير خارجيّة سوريا ووزير خارجيّة الجمهوريّة الإسلاميّة، ليبحثا مع بقيّة المسؤولين في كيفيَّة إغلاق هذه الحرب الفتنة، ولتكون هناك لجنة رباعيّة.

لإغلاق ملفّ الحرب

إنّنا نشعر بأنَّ هناك في هذه المرحلة سعياً جدّياً نحو العمل لإغلاق هذا الملفّ، لأنّ هذه الحرب أصبحت تمثّل مشكلةً للجميع في البلد وفي خارجه، وكلّ ذلك هو سبب هذه الجديّة، لأنَّ المسألة عندما تصل إلى مستوى الخطورة، فسوف تنال الاهتمام ممن يشعرون بالخطورة عليهم، ونحن ننتظر من ذلك خيراً، ولا بدَّ من أن ندعو الله حتى ينجح المخلصون في ذلك، لنواجه القضايا الّتي تحيط بالبلد كلّه وبالمنطقة كلّها، لأنَّ هناك ما يسمَّى بالتحرّك العربي من خلال اللّجنة، ولا ندري ماذا ستفعل هذه اللجنة؟ هل ستوقف الحرب؟ وهل تنطلق من خلال مصلحة اللّبنانيّين، أو تعيدنا إلى المتاهات العربيّة، أو أنَّ هناك توجّهاً أميركيّاً يحاول أن يجعل الوجهة عربيَّة؟

إنّنا نتساءل: هل هذه اللّجنة جادَّة في ذلك، أو أنها تعمل على إضاعة الوقت حتى تأتي السّاعة الحاسمة في نهاية المطاف، لأنَّنا جرَّبنا كثيراً مثل هذه اللّجان التي لم تفعل شيئاً؟

وفي هذا اليوم، تنطلق الإدارة الأميركيّة الجديدة، ولا ندري كيف يفكّر الرّئيس الجديد. ومن الطبيعيّ أنَّ أميركا تعمل على أن تمسك لبنان والمنطقة، وإنّنا من خلال تجاربنا مع أميركا، ومن خلال سياستنا مع إسرائيل، ومن خلال تصريح وزير الخارجيّة الأميركيّ الجديد الَّذي اعتبر أمن إسرائيل هو كلّ شيء، وأنَّ أميركا لا تقبل بدولة فلسطينيّة، وإنما ترتّب الأوضاع لأن يكون هناك شيء ما للفلسطينيّين غير واضح، وعندما تعمل أميركا على تطويق الانتفاضة، عندما نرى ذلك، فإنَّنا لا نرى خيراً بهذه الإدارة الجديدة عندما يتحرَّك اللّبنانيّون يسبِّحون بحمد أميركا، لأنّ الكثيرين من الذين يتحركون في السّاحة، درسوا في مدرسة المخابرات الأميركيّة، لهذا لا ننتظر الخير من هؤلاء، والمسألة تنتظر الوقت الكبير حتى نجد الضّوء في داخل النّفق.


[1] [آل عمران: 133، 134].

[2] الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 110.

[3] [سبأ: 46].

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيِّد محمد حسين فضل الله(رض)، خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمام الرِّضا(ع) في بئر العبد، وذلك في 13 جمادى الثَّانية 1409هـ/ الموافق: 20/1/1989م، وبحضور حشدٍ من المؤمنين. ومما جاء في الخطبتين:

الخطبة الأولى

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[1].

السَّير في خطِّ التَّقوى

في هذه الآيات دعوة من الله سبحانه وتعالى لكلِّ عباده إلى أن يسارعوا قبل فوات الأوان للحصول على مغفرةٍ من ربهم، وعلى الجنَّة الَّتي تتَّسع حتى يكون عرضها كعرض السّماوات والأرض. والمسارعة تتحقَّق بالسَّير على خطِّ التَّقوى، الَّذي يجعل الإنسان يراقب الله في كلِّ أموره، فلا يغفل عن الله في أيَّة لحظة.. فيتذكَّر الله عندما يفكِّر ليكون تفكيره خيراً، ويراقب الله ويتَّقيه عندما يتكلَّم حتَّى لا ينطق بالكلام الَّذي يضرّ البلاد والعباد.. وإذا أراد أن يفعل، فلا بدَّ من أن يراقب الله ويتَّقيه حتى لا يكون عمله إلا خيراً.. فالله أعدَّ الجنَّة للمتَّقين في تمثّلهم التَّقوى من الأفق الواسع الَّذي يشمل كلَّ فكر الإنسان وعمله..

ويؤكِّد الله مسألة العفو عن النَّاس؛ أن تعفو عمَّن أساء إليك في مواقع العلاقات الخاصَّة أو في مواقع العلاقات العامَّة، إذا كان في ذلك مصلحة، ثمَّ يقول الله إنَّ من كظم غيظه وعفا عن النَّاس، كان محسناً، والله يحبّ المحسنين..

إنَّ الله يريد من الإنسان دائماً أن لا يتحرَّك بذهنيَّة شفاء الغيظ.. بأن يكون كلّ همّه شفاء الغيظ، حتى لو أثار ذلك له وللنَّاس أكثر من مشكلة، والّذي يفكِّر بهذه الذِّهنيَّة هو الّذي قد يقضي على نفسه وعلى غيره.. إنَّها عقليَّة الإنسان الَّذي لا يفكِّر بطريقةٍ هادئةٍ معقولة، والإنسان في الحياة ليس مجرَّد غرائز تثور وشهوات تتركَّز.

أنت لست مجرّد أعصابٍ تتحرَّك، بل المسألة لها علاقة بعقلك، فليس من حقّك إذا أثيرت أعصابك أن تتصرَّف كما تشاء، بل عليك أن تعطي أعصابك جرعةً من عقلك.. فأنت جزء من المجتمع، ولهذا كلّ تصرّفاتك سوف تنعكس على المجتمع، وليس من حقّك أن تجعل المشكلة تعيش في النَّاس من حولك، بل لا بدَّ من أن يكون عقلك هو الَّذي يحرِّك أعصابك وشهواتك وكلّ تصرّفاتك في الحياة..

وفي بعض الأحاديث: "من كظم غيظاً وهو يقدر على إمضائه، حشا الله قلبه أمناً وإيماناً يوم القيامة"[2]، وأية جائزة أعظم من هذه الجائزة!

بعض النَّاس يفكّرون في أنَّ شفاء الغيظ مصدر قوّة، وأنَّ الذي لا يفعل ذلك هو إنسان جبان وضعيف.. ولكنّ المسألة أنّ ذلك يمثِّل صرع حلمه بغضبه، لأنَّ من لم يملك غضبه لم يملك عقله..

التّحرّك بتوازنٍ وتعقّل

ونريد من خلال ذلك لكلِّ حياتنا، سواء حياتنا الفرديّة أو الاجتماعيّة، أن تكون مبنيّةً على أساس أن تكون الإنسان العاقل الهادئ المتَّزن الّذي لا يتحرَّك إلا بحساب، ولا يسكن إلا بحساب..

إنَّ مشكلة أن لا تفكِّر أو تتصرَّف بوحي الغضب والانفعال، تتجاوز الدّنيا إلى الآخرة، ففي الدّنيا حساب من خلال المشاكل السّلبيَّة في حياتك وحياة النّاس، وفي الآخرة حساب فيما يدخلك ذلك في معصية الله، لهذا لا بدَّ من أن نتعوَّد أن يكون لنا العقل البارد والطّبع البارد، وليس العقل الّذي لا ينفعل في الأحداث الكبيرة، إنما أقصد بالعقل البارد الَّذي يفكِّر من دون انفعال، حتى إذا أراد أن يدفعك إلى ثورة، فإنَّه يدفعك إلى ثورة محسوبة.

إنَّ الغضب قسمان؛ فهناك غضبٌ لا يعرف طريقه، وهناك غضبٌ لله وغضبٌ للحقّ وغضبٌ للمصير، ولذلك، حرِّك غضبك بتركيز، وأعطه طاقةً يعيش الحقّ في داخلها.. وإنّ خطورة الغضب وعقليَّة شفاء الغيظ، تكمن في أنها تمنع الإنسان من أن يكون حياديّاً، فأنت عندما تغضب ويكون هواك في جانب، فإنَّ غضبك يجعلك تفكّر بانفعاليَّة وتكون انفعاليّاً، فلا تقف وقفةً تميّز فيها بين الحق والباطل..

وهذا ما نلاحظه في كلِّ المجالات العمليَّة في حياة رسول الله(ص)، فقد كان النّاس يقولون عنه إنّه مجنون، كما يقول الكثير من النّاس عن العلماء والمصلحين بذلك، ولكنَّ القرآن علَّمه أن لا يردّ عليهم الكلمة بكلمةٍ مثلها: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}[3]، فعندما تنفصلون عن الجوِّ المحموم، سوف تعرفون أنَّ رسول الله(ص) ليس بمجنون..

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الخطبة الثانية

في الأجواء السياسيَّة والعسكريَّة المحمومة، تثور أعصاب كلِّ إنسان، والكثيرون يضعون على الزّيت ناراً.. ويحاولون أن يثيروا النّاس بطريقة انفعاليَّة. وفي هذا المجال، علَّمنا الله أن نقول للنّاس تفرَّقوا وابدأوا عمليَّة التّفكير؛ كيف قبلنا هذا الخبر؟ ومن أين أتت الإشاعة؟

لهذا، كلّ الأجهزة التي تعمل كمخابرات، سواء كانت محليّة أو إقليميّة أو دوليّة، دورها أن تخلق مشاكل وأن توتِّر الأعصاب، وعندما يعيش المجتمع بأعصابه لا بعقله، فإنَّه يستطيع أن يفعل كلَّ شيء.. ولهذا، فإنَّ الشَّعب ربما يخرِّب حياته بيده من خلال الأجواء الّتي يصنعها الآخرون.. ولا سيَّما إذا كانت ذهنيَّة شفاء الغيظ عند القيادات موجودة، بأن يكون القيادي إنساناً منفعلاً يتحرّك في المواقف تبعاً لأحقاده ولجوانب شخصيّة. هذا يمكن أن يحاصر النّاس بالفتنة، وأن يتحركوا بالكلمات الطيّبة بدلاً من الكلمات الخبيثة..

لهذا دور المجتمع كلّه في حالات الفتنة، وخصوصاً إذا لم تكن الفتنة فتنةً محدودةً في الدّوائر الضيِّقة، بل كانت على مستوى الأمّة كلّها والقضايا الكبيرة، أن يتحرّك ليكون دوره دور الإطفائي.

في هذه الفتن، النّار تمشي، والنّاس تقف على محطّة البنزين، وكلّ واحد يملأ البرميل ويرمي على النّار بنزين الكلمات والاتهامات والمواقف والبغضاء، في الوقت الّذي لا بدّ من أن يتحوّل المجتمع كلّه إلى إطفائي، لأنّ الفتنة عندما تحدث لن يسلم منها أحد..

لهذا علينا أن لا نتكلَّم إلا بالخير والكلمات الطيّبة، وحتى عندما تبيّن حقّك، حاول أن تبيّنه بطريقة معقولة ومقبولة، فتشرح حقَّك ولا تعقِّد الواقع.

الفتن في لبنان تحرق القضايا

في كلِّ الفتن الّتي نعيشها في لبنان، وعلى جميع المستويات، نلاحظ أنَّ كلَّ النّاس غير مستعدَّة لأن تفهم لمن الحقّ وعلى من، أو أنّها لا تعمل لكي تدقّق، فهي تأخذ عناوين الفتنة وتنطلق من خلالها.. فالنَّاس غالباً في كلِّ الفتن، غير مستعدَّة لتعرف لمن الحقّ إلا عندما تمسّ المسألة مصلحتها الشَّخصيَّة..

والفتن تحرق كلّ القضايا وكلّ المواقع، وربما تبدأ الفتنة من خلال وضع معيّن حتى تتجاوزه إلى وضع أكبر، لأنّه قد يستفيد منها الآخرون لمصالحهم. لهذا، لا بدَّ من أن نعمل جميعاً على تبرير الواقع، وأن لا نشجِّع الَّذين ينطلقون بالكلمات المثيرة الَّتي تثير الأحقاد. ومن يرد أن يتكلَّم في أيّ موقعٍ بالحقد والبغضاء، سواء كان عالم دين أو قياديّاً أو غير ذلك، فيجب أن يقف الجميع في وجهه، ويقولوا له إنَّ الوقت هو وقت تبرير المسألة.

لهذا، نحن دعونا الطَّرفين إلى إيقاف الحرب الإعلاميَّة، لأنَّ الَّذي يخرج من خلال هذا الإعلام، يعطي الصّورة عن المسلمين، وعن المسلمين الشّيعة بشكلٍ خاصّ، فهذا يقول عن ذاك إنَّه قام بمجازر، وذاك يقول هو الَّذي عمل ذلك، وهذا يقول هذا يزيديّ وهؤلاء كفرة. يقول الإعلام عندئذٍ من خلال ذلك، إنَّ الجميع مثل بعضهم البعض، والصّورة تشوَّه كلّها، والناس غير مستعدّة أن تفهم من القصّة قصَّة حقّ وباطل.

لهذا أعلنّا أنَّ هذه الحرب لن تؤدّي إلى نتائج إيجابيَّة، بل ستؤدّي إلى نتائج عكسيَّة، لأنها تشوّه الصّورة في المطلق. ونحن ندعو إلى وقف الحرب الكلاميَّة، لأنها توجب توتّر المشاعر من جديد، وتنشر كلّ الغسيل الوسخ على السّطوح، وتمثّل فضيحةً للمجتمع الذي لا يقف وقفة قويَّة لوقف هذا النّزف.

لوقف إطلاق النَّار

ونحن يجب أن نشعر بضرورة وقف إطلاق النَّار، وأن يكون النِّداء وقف إطلاق النَّار الإعلاميّ والعسكريّ، لأنَّ هذا قد يخلق تبريداً للسَّاحة عندما لا تفتح الجرائد ونرى كلمات السّبّ والشّتائم من هنا وهناك، ولا يكون هناك إطلاق نار يحشر النّاس في الزّاوية. وبعد ذلك، يجتمع الطّرفان في جوٍّ معقول متوازن، لأنهم إذا لم يجتمعوا الآن سوف يجتمعون بعد شهر، وإذا لم يجتمعوا بعد شهر فبعد سنة.. وهذه الفتنة ليست بأقسى من فتنة حرب المخيّمات، كانت هناك شروط وشروط مضادّة وكلمات، قالوا لا نجلس مع "أبو عمّار" والَّذين باعدوا فلسطين، وسقط مئات القتلى في السنين الأولى والثّانية والثّالثة، وجلسوا مع بعضهم البعض بعد ذلك ووقفت الحرب.

ونحن نقول لكلِّ الإخوان، في الحالة الأولى، لا بدَّ من أن يجتمعوا بعد وقف إطلاق النَّار. ثانياً، ينبغي أن لا يكون هناك شرطٌ للاجتماع مع فريقٍ مراقبٍ مخلصٍ من كلّ واحد يطلب حقّه.

والشَّيء الّذي كنت أقوله منذ أكثر من سنة، أن يجتمع الجميع، وأن يتحاوروا ويتفاوضوا، وعند ذلك، يمكن أن يطرح كلّ فريقٍ على الآخر شروط المصالحة، لأنَّ طبيعة الصّلح أن يتنازل هذا من جهة وذاك من جهة، لنصل إلى الحدِّ المعقول، لأنَّ هذا الوضع غير معقول، والحديث كلّه هو الحفاظ على قرار الجنوب وعلى الشّيعة، وهذه الحرب ستسقط كلّ ذلك. وقد أعجبني كلام أحد السياسيّين أمس، أنّه إذا استمرَّت هذه الحرب، سوف يأخذ أبو عمّار الجنوب. لهذا ينبغي أن يكون الصَّوت واحداً، في أن يجتمع الجميع بعد وقف إطلاق النار وبعد وقف الحرب الإعلامية، حتى نستطيع أن نخرج من هذه الفتنة المدمّرة.

لاحظوا أنَّ العدوَّ يعيش أفضل حالاته في هذه الأيّام، وزخارين يقول لأهل الشَّريط الحدودي في داخل الشريط وفي خارجه، إنَّ النّاس تذبح بعضها البعض، وهو يعتبر أنَّ الحرب فرصة لتقف كلّ العمليّات، وعندما تثار المسألة على المنابر وفي الصّحف، لن يفهم أحد على أحد، لكن إذا كان هذا عنده عناوين سياسيّة وذاك أيضاً، فيمكن أن يلتقي ونصغي إلى القواسم المشتركة، فالجميع قاتل إسرائيل، والجميع أبناء بلدٍ واحدٍ ودينٍ واحد، والجميع ينتظرون الحصول على حقوقهم المستقبليَّة، ولن يحصل أيّ فريقٍ على أيِّ شيءٍ إذا لم تقف هذه الحرب، وإيقاف الحرب يحتاج إلى إيقافٍ أمنيٍّ ولكن مع آليَّة، فالكلّ يقول أنا أدافع عن نفسي.

لا بدَّ من أن يجتمع الجميع ويتفاهموا لأجل القضايا الكبيرة، سواء كانت على مستوى قضايا الأمّة أو الطائفة أو البلد كلّه، وما دام الجميع يقولون نريد أن نقاتل إسرائيل ونحرّر البلد، ستجمَّد الآن كلّ الخلافات لمصلحة قتال إسرائيل، حتى نقوّي المقاومة وننظِّم وضعها، وبالحوار ينتظم كلّ وضع.

يقول الجميع إنَّ الإمام الخميني يمثِّل القيادة الإسلاميّة، فلنلتزم بخطِّ هذه القيادة التي تتحرَّك في خطٍّ رساليّ. ونحن نأمل في هذه الأيّام القليلة أن يحدث هناك شيء يطفئ النّار، ويهيّئ المجال للمصالحة، لأنّه حسب معلوماتنا، سيحدث اجتماع بين وزير خارجيّة سوريا ووزير خارجيّة الجمهوريّة الإسلاميّة، ليبحثا مع بقيّة المسؤولين في كيفيَّة إغلاق هذه الحرب الفتنة، ولتكون هناك لجنة رباعيّة.

لإغلاق ملفّ الحرب

إنّنا نشعر بأنَّ هناك في هذه المرحلة سعياً جدّياً نحو العمل لإغلاق هذا الملفّ، لأنّ هذه الحرب أصبحت تمثّل مشكلةً للجميع في البلد وفي خارجه، وكلّ ذلك هو سبب هذه الجديّة، لأنَّ المسألة عندما تصل إلى مستوى الخطورة، فسوف تنال الاهتمام ممن يشعرون بالخطورة عليهم، ونحن ننتظر من ذلك خيراً، ولا بدَّ من أن ندعو الله حتى ينجح المخلصون في ذلك، لنواجه القضايا الّتي تحيط بالبلد كلّه وبالمنطقة كلّها، لأنَّ هناك ما يسمَّى بالتحرّك العربي من خلال اللّجنة، ولا ندري ماذا ستفعل هذه اللجنة؟ هل ستوقف الحرب؟ وهل تنطلق من خلال مصلحة اللّبنانيّين، أو تعيدنا إلى المتاهات العربيّة، أو أنَّ هناك توجّهاً أميركيّاً يحاول أن يجعل الوجهة عربيَّة؟

إنّنا نتساءل: هل هذه اللّجنة جادَّة في ذلك، أو أنها تعمل على إضاعة الوقت حتى تأتي السّاعة الحاسمة في نهاية المطاف، لأنَّنا جرَّبنا كثيراً مثل هذه اللّجان التي لم تفعل شيئاً؟

وفي هذا اليوم، تنطلق الإدارة الأميركيّة الجديدة، ولا ندري كيف يفكّر الرّئيس الجديد. ومن الطبيعيّ أنَّ أميركا تعمل على أن تمسك لبنان والمنطقة، وإنّنا من خلال تجاربنا مع أميركا، ومن خلال سياستنا مع إسرائيل، ومن خلال تصريح وزير الخارجيّة الأميركيّ الجديد الَّذي اعتبر أمن إسرائيل هو كلّ شيء، وأنَّ أميركا لا تقبل بدولة فلسطينيّة، وإنما ترتّب الأوضاع لأن يكون هناك شيء ما للفلسطينيّين غير واضح، وعندما تعمل أميركا على تطويق الانتفاضة، عندما نرى ذلك، فإنَّنا لا نرى خيراً بهذه الإدارة الجديدة عندما يتحرَّك اللّبنانيّون يسبِّحون بحمد أميركا، لأنّ الكثيرين من الذين يتحركون في السّاحة، درسوا في مدرسة المخابرات الأميركيّة، لهذا لا ننتظر الخير من هؤلاء، والمسألة تنتظر الوقت الكبير حتى نجد الضّوء في داخل النّفق.


[1] [آل عمران: 133، 134].

[2] الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 110.

[3] [سبأ: 46].

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير