الزّهراء(ع) القمَّة الإسلاميَّة الشَّامخة

الزّهراء(ع) القمَّة الإسلاميَّة الشَّامخة

ألقى سماحة العلامة السيِّد محمد حسين فضل الله خطبة الجمعة من على منبر مسجد الإمام الرّضا(ع) في بئر العبد، بتاريخ 20/6/1409هـ/ الموافق: 27 كانون الثّاني1989م، وذلك بحضور حشدٍ من المؤمنين. ومما جاء فيها:

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[1]، ويقول رسول الله(ص): "إنّي تارك فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"[2].

الخطُّ الأصيل للإسلام

ونحن عندما نلتزم أهل البيت(ع) في خطِّ الولاية الَّتي أكَّدها رسول الله(ص): "من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه"[3]، وركَّزها كخطٍّ في حياتنا فيما هو الفكر وفيما هو العمل، وعندما يؤكِّد الله طهارة أهل البيت من خلال إرادته، وذهاب الرّجس عنهم من خلال مشئيته، وعندما يؤكِّد لنا رسول الله ذلك من خلال أنَّه جعل الكتاب بأيدينا ليهدينا سواء السَّبيل، وجعل أهل البيت أئمّةً وقادةً في مسيرتنا، من أجل أن يعرّفونا كيف نفهم الكتاب، وكيف نعيش معه فيما يمكن أن يختلف النّاس فيه من تفسير الكتاب..

عندما نلتزم بذلك، ندرك أنَّ رسول الله(ص) لم ينطلق في هذا الخطِّ من أنَّه يريد لأهل بيته أن يكونوا القادة من موقع الوراثة أو القرابة، بل لأنَّه وجدهم في الخطِّ الأصيل للإسلام، فأراد للنّاس أن يسيروا مع الإسلام عندما يسيرون معهم.. ولهذا فهو عندما تحدَّث عن عليّ(ع)، لم يتحدَّث عنه بصفته ابن عمّه أو صهره، وإنما تحدَّث عن عليّ(ع) بصفته مع الحقّ: "عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، يدور معه حيثما دار"[4].

وهكذا كانت مسألة عليّ، أنّه كان مع الحقّ، فإذا سار النّاس معه، فإنّهم لا يسيرون مع عليّ الشّخص، بل مع عليّ الرّسالة.. وكأنَّ رسول الله(ص) يريد أن يقول: كونوا مع الحقّ تكونوا مع عليّ، أمّا إذا أردتم أن تكونوا مع الباطل، فلن تقتربوا من عليّ، لأنَّ عليّاً لا يكون مع مشاريع الباطل وخطوات الباطل..

وهكذا نفهم أنَّ الولاية لعليّ ولاية للإسلام، ونفهم أنَّ الإخلاص لعليّ إخلاص للإسلام، فمن التزم عليّاً بالطائفيَّة والحزبيَّة ولم يلتزمه بالإسلاميَّة، فإنَّه لم يلتزم بعليّ.. فالإسلام وعليّ خطَّان ملتصقان لا ينفصلان عن بعضهما البعض، ولهذا فإنَّ عليّاً يرفض الذين ينحرفون عن خطّ الإسلام ولكنّهم يتعصّبون له، لأنَّ عليّاً لو كان يريد أناساً يتعصّبون له تعصّب الطائفيّة، لحصل على ذلك الكثير، ولجامل النّاس، ولكنَّ عليّاً كان مع الحقّ كلّه، حتى قال:"ما ترك لي الحقّ من صديق".

ولهذا اكتشفوا عليّاً، فحيث يكون الحقّ في العقيدة فهناك عليّ، واكتشفوا عليَّاً عندما تتحركون في كلّ شرائع الإسلام وأحكامه، فقد انطلق عليّ ليكون الإسلام شريعة الحياة وقانون الناس.

لهذا، لا تجعلكم الطائفيَّة العشائريّة تحسبون أنَّ هناك انفصالاً بين الالتزام بعليٍّ والالتزام بالإسلام، فقد قالها حفيد عليّ(ع) الإمام الباقر(ع):"والله ما شيعتنا إلا من أطاع الله"[5]، و"من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع"[6].

التشيّع ليس مجرّد عاطفة تختزن فيها الحبّ هنا والبغض هناك، ولكنَّه حركة في خطِّ الإسلام على أساس المفاهيم الأساسيّة للإسلام.

الزّهراء القدوة

من هذا الجوّ نلتقي اليوم بأهل البيت، بفاطمة الزهراء(ع).. القمة الإٍسلاميّة الشّامخة التي عاشت كلّ حياتها القصيرة للإسلام، وكانت الطّفلة الواعية المنفتحة، والزوجة الإسلامية الملتزمة، والبنت المنفتحة على أبيها انفتاح أبيها على الله..

فهذا اليوم العشرون من جمادى الثانية هو مولدها، وهذا اليوم هو الَّذي جعله الإمام الخميني (حفظه الله)، يوم المرأة المسلمة ويوم المرأة كلِّها، حتى تنطلق المرأة في كلّ حياتها من خلال هذه الشخصيّة الإسلاميّة، لتكون القدوة لكلّ امرأة في عملها وإيمانها وصدقها وعفَّتها وانفتاحها على الله، لأنَّ الإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأة، كما يحتاج إلى الفكرة، يحتاج إلى القدوة، لكي تتعمَّق الفكرة في وجدانه وتتحرّك على الأرض.. ولهذا قال الله لنا: لا يكفي أن تقرأوا القرآن، بل لا بدّ لكم من أن تسيروا مع القرآن النّاطق، وهو رسول الله(ص)، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[7].. فكأنَّ النّاس يقرأون الآية في القرآن ويتطلَّعون إلى رسول الله، فإذا هو يجسِّد الآية في عمله.. ولهذا كانت مسألة القدوة كبيرةً جدّاً، بأن ينظر النّاس إلى الأشخاص الَّذين يعطون من سلوكهم وعملهم الصّدق والحقّ والإخلاص لله، لأنَّ المسألة في النّاس ليست مسألة (كلام)، فما أسهل أن تقدّم الكلام للنّاس! لكنّ المسألة هي مسألة الموقف، هل تكون كلمتك مطابقةً لفعلك، فتكون القدوة للنّاس!؟ أمّا إذا كنت غير ذلك، فالله يقول لك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}[8].

وهكذا كانت الزّهراء القدوة، لأنها كانت مجمعاً لكلّ الفضائل التي تشكّل أساس الإسلام وانطلاقته.. وهكذا رأينا أنها بعد هجرة رسول الله(ص) إلى المدينة، كانت تعيش معه حتى بعد أن تزوَّجت عليّاً، وقيل آنذاك، لو لم يكن هناك عليّ(ع)، لم يكن هناك كفء لفاطمة.

ولهذا رأينا أنَّ عليّاً وفاطمة عاشا حياتهما من دون أن تحدث أيّة مشكلة بينهما، لأنّ المسألة كانت انسجاماً في كلّ شيءٍ وانفتاحاً على الله، بالرّغم من قسوة حياتهما، فقد كانا من أفقر النّاس في المدينة..

وهكذا عندما دنت من رسول الله الوفاة، جاءت إليه، فضمَّها إلى صدره فبكت، ثم ضمّها إلى صدره فضحكت... فقالوا لها: لماذا بكيت أوّلاً وضحكت ثانياً؟ وبعد أن انتقل رسول الله(ص) إلى الرفيق الأعلى، قالت: حدَّثني في المرة الأولى أنه يوشك أن يدعى فيجيب.. ثم حدّثني مرة ثانية بأنني أوّل أهل بيته لحوقاً به.. ولو أنّ أيّ إنسان وأيّة امرأة قال لها أبوها إنها ستموت بعده بأشهر، فهل يمكن أن تشعر بالسّرور؟! إنّ الإنسان يحبّ الحياة، حتى لو مات كلّ القريبين إليه.

ولكنّ هذه العلاقة الروحيَّة بين فاطمة وأبيها جعلها تشعر بالسّعادة، وهي الشابّة والزوجة والأمّ، لأنّها لن تفارق رسول الله طويلاً..

تحمّل مسؤوليّة الدّعوة

إنها أم أبيها.. وهكذا رأينا في الشخصيّة الثّانية لفاطمة أنها كانت الزّوجة الّتي تحترم عمل البيت، ولم تكن تتعقَّد من ذلك، وأنَّ ذلك وإن لم يكن واجباً عليها، فإنّه يقرّبها من الله أكثر.. وعلى هذا الأساس، كانت فاطمة(ع) تعي أنها عندما تخدم أولادها وزوجها وترعى بيتها، تتعبَّد إلى الله في ذلك..

وكانت الزهراء(ع) تعيش المسؤوليَّة في حياتها تجاه الإسلام، كانت تجمع نساء المهاجرين والأنصار لتعظهنّ وترشدهنّ، ومع أنّها كانت تقوم بأشغال البيت، إلا أنّها كانت تشعر بأنها مسؤولة عن أن تعطي من علمها للنّاس.. وهذا يعلّمنا دور المرأة في المجتمع.. فالله حمّل المرأة مسؤوليّة الدّعوة إلى الله كما حمّلها للرجل..

وعلى هذا الأساس، فإنَّ على المرأة المسلمة أن تشعر بأنها مسؤولة في حجم طاقاتها، كما أنَّ الرجل مسؤول.

الحذر من الفتنة

في تلك الفتنة العمياء الّتي لا تزال آثارها تفتك بالواقع الإسلاميّ من خلال الخلاف حول الخلافة، كان عليّ صاحب الحقّ ـ فيما نعتقد ـ وجاء إليه ممن يريدون منه أن يقاتل، ولكنّه كان يرى أنَّ مصلحة الإسلام والمسلمين لا تسمح بذلك، ولهذا قال: "فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم..."[9].

وقال لبعض النَّاس: "لأسلمنَّ ما سلمت أمور المسلمين"[10].. كان يفكِّر في المصالح العامَّة للمسلمين.. وكان يعاون الخلفاء ويعطي الرأي... وقد قدم التّنازلات من أجل مصلحة المسلمين، وعندما اقتضت مصلحة المسلمين أن لا يقدِّم تنازلاً، وقف ورفض ذلك..

وهذا ما نريد أن نعيشه أمام الفتنة العمياء الّتي نعيشها كأقصى ما عشناه من فتنٍ في هذا البلد، إنَّ علينا أن ننطلق على أساس أن نواجه أمور المسلمين كلَّها.. وأن نعرف أنَّ إسرائيل الّتي دخلت على الخطّ، تستفيد من خلافاتنا وتوظّفها لمصلحتها..  

إنَّ هناك أكثر من جهة في المنطقة تريد أن تستفيد من هذه الفتنة، وقد أصبحت هذه الفتنة من الفتن الّتي تتحرَّك فيها كلّ قضايا المنطقة... ولهذا أصبح هناك متحمّسون لهذه الحرب، وهذا ما يفسّر التعقيدات التي تحصل، وأصبح الإعلام يتحرّك بطريقة لا يحاول أن يبحث فيها عن الدقّة في الأمور، بل عن طريقة الشّحن والانفعال.

ولهذا نقول: أسقطوا سلاحكم، ونقول للّذين يتحركون لإغلاق هذا الملفّ: لا تفرضوا على بعضكم البعض شروطاً للاجتماع، فهل تريدون أن تتفاوضوا كما لو كنتم تتحاربون؟! نقول لكلّ الذين يرفضون الاجتماع: اجتمعوا وتحدّثوا خلال الاجتماع عن شروطكم، لأنّنا إذا فقدنا القدرة على الاجتماع، فكيف يمكن أن نتحدَّث مع بعضنا البعض؟!

التّلاقي هو الحلّ

بعض أسباب المشكلة اللّبنانيَّة، أنَّ النّاس في المنطقة الشرقيَّة لا يجتمعون مع النّاس في المنطقة الغربيَّة، والعكس، وهم غير قادرين على الاجتماع في سباق الخيل ولا في سباق الحمير، ولهذا يجتمعون في تونس تحت رعاية جامعة الدّول العربيَّة..

لهذا، لا بدَّ من أن لا تكون هناك موانع أو حواجز عند الاجتماعات، ومن أن يعرف كلّ واحد وجهة نظر الآخر بدون وساطة، فقد تعقّد الوساطة المحادثات، لأنَّ الوسيط قد لا يعرف ماذا يريد هذا، وماذا يريد الآخر.

ونحن نشكر كلّ الجهود التي انطلقت في هذا السَّبيل، ولا نزال غير متشائمين، ونتصوَّر أنَّ هناك فرصاً كبيرة للوصول إلى نتائج إيجابيَّة، وعلينا أن نواكب هذا الواقع، بأن نخلق الأرضيَّة للوصول إلى نتائج تغلق الملفّ نهائيّاً.

ولا بدَّ للمتقاتلين في الضَّاحية أو بيروت أو إقليم التفّاح، من أن يكون هناك التزام بما تعاهدوا عليه من وقف النّار، لأنَّ على الإنسان إذا كان منفتحاً على ربّه، أن يفي بعهده، فإذا كان الجميع يتحدَّثون بلغة الإيمان، فلا بدَّ من الوفاء بالعهد، وربما يقول هذا الفريق بأنَّ ذاك بدأ والعكس، ولكنَّ الله يقول: {هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ الله عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[11]. وفي هذه القضايا، عليكم أن تكونوا أكثر تقوى والتزاماً.

لهذا، علينا أن نحافظ على وقف النّار، ووقف إطلاق النّار الإعلاميّ، ثم لا بدَّ للنَّاس جميعاً من أن يتذكَّروا كلَّ ما جاءنا من الله عن العفو والتَّسامح والصّلح، فهذه القيم التي نسيناها في دائرة التقاتل يجب أن نستعيدها.. وأن نحاول أن نهيِّئ الجوَّ ونضغط في سبيل أن يصل الجميع إلى نتائج إيجابيَّة لإغلاق هذا الملفّ نهائيّاً، حتّى بعد أن يغلق الملفّ، نتلو قول الله: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}[12].

إنّنا مشغولون بهذا الجوّ، وإسرائيل بدأت بإبعاد الجنوبيّين عن أرضهم، لأنَّهم لا يتجاوبون مع مخطَّطاتها تحت إمرة ما يسمّى بالجيش الجنوبيّ، وربما تتَّسع هذه الأمور، لهذا علينا أن نتعاون لنواجه كلَّ هذه المخطَّطات.

وهناك شغلٌ لإنتاج لبنان جديد، وهناك مخطَّط، وهناك لجنة سياسيَّة عربيَّة، وهناك أوضاع دوليّة تخطِّط للمسألة الفلسطينيَّة، إذا كنّا مشغولين بالحرب بهذا المستوى، ولا سيَّما في الجنوب، فكيف يمكن أن نواجه التحدّيات والمخطَّطات التي تأتي!؟

لهذا المرحلة من أصعب المراحل، وإن كنَّا نتمنَّى أن تكتشف الجامعة العربيَّة وغيرها ثغرةً مسدودةً في كلّ هذا الوضع، ولكن نحن ليس عندنا تفاؤل كبير باللّجنة العربيّة، لأنّنا جرّبنا اللّجان العربيّة، لكن لا مشكلة من التّجربة، وعلينا أن نكون واعين، لأنّه قد تأتي في المسألة على حساب مستقبل الشّعب اللّبناني.

ونكرِّر للّبنانيّين جميعاً، كما نقول في الدَّائرة الضيِّقة: اجتمعوا وتحدَّثوا في قضاياكم، لأنَّ النَّاس عندما يتحدَّثون مع بعضهم البعض، يعرفون طرائق الحلّ، بينما عندما يتحدَّث الآخرون عنهم، فالنَّتيجة هي الضَّياع وزيادة المشاكل، لهذا نكرّر الدَّعوة للّبنانيّين بالنِّداء للّقاء.

أفغانستان: للتمسّك بالوحدة

ونحن نعيش في هذه الأيّام أيضاً وضعاً إسلاميّاً في أفغانستان يقترب من نهايات المشكلة الأفغانيَّة، تماماً كما كان الوضع في إيران قبل انتصار الثّورة، لهذا يراد للوضع الأفغاني أن يعيش جوّاً معيَّناً يجعل المشكلة في الدّاخل، ولكنَّنا ندعو الأفغانيّين إلى أن يجدوا وحدتهم ليسقط عرش الطّاغوت هناك كما سقط عرش الطّاغوت في إيران.

إنّنا نتطلّع إلى هؤلاء المجاهدين بأن تكون لنا دولة إسلاميَّة أخرى تحكم بأمر الله، وهذا أمر نحتاج فيه لأن يكون المجاهدون هناك واعين لكلِّ اللّعبة الدوليَّة، حتى يفوّتوا عليها لعبة الاصطياد في الماء العكر.

لإغلاق ملفِّ الفتن

وأخيراً، نحن نعيش واقع الانتفاضة المستمرَّة الّتي لم تزدها الأيّام إلا انطلاقاً نحو التّحرير ونحو الرّوح الإسلاميّة.. وهناك كثير من المؤامرات والتّخطيطات التي يراد من خلالها محاصرة هذه الانتفاضة وإسقاطها، وإنّنا نثق بهذا الشّعب الّذي انطلق بهذه الثّورة، وعلينا أن نراقب الواقع الإسلامي حولنا الّذي تريد المخطّطات الدّوليَّة أن تحاصره.

ولهذا، لا بدَّ من إغلاق الملفِّ الدَّامي في الحروب الداخليَّة وفي هذه الفتنة، ونكرّر: إنَّ الَّذين يتنازلون هم المنتصرون، لنتفرّغ للقضايا الكبيرة الّتي تواجهنا في لبنان وفي كلِّ الواقع الإسلاميّ.


[1] [الأحزاب: 33].

[2] وسائل الشّيعة، الحرّ العاملي، ج 27، ص 204.

[3] الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص 420.

[4] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 10، ص 432.

[5] الكافي، ج 2، ص 74.

[6] المصدر نفسه، ج 2، ص 75.

[7] [الأحزاب: 21].

[8] [الصف: 2].

[9] نهج البلاغة، خطب الإمام علي(ع)، ج 3، ص 120.

[10] المصدر نفسه، ج 1، ص 124.

[11] [النّساء: 109].

[12] [آل عمران: 103].

ألقى سماحة العلامة السيِّد محمد حسين فضل الله خطبة الجمعة من على منبر مسجد الإمام الرّضا(ع) في بئر العبد، بتاريخ 20/6/1409هـ/ الموافق: 27 كانون الثّاني1989م، وذلك بحضور حشدٍ من المؤمنين. ومما جاء فيها:

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[1]، ويقول رسول الله(ص): "إنّي تارك فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"[2].

الخطُّ الأصيل للإسلام

ونحن عندما نلتزم أهل البيت(ع) في خطِّ الولاية الَّتي أكَّدها رسول الله(ص): "من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه"[3]، وركَّزها كخطٍّ في حياتنا فيما هو الفكر وفيما هو العمل، وعندما يؤكِّد الله طهارة أهل البيت من خلال إرادته، وذهاب الرّجس عنهم من خلال مشئيته، وعندما يؤكِّد لنا رسول الله ذلك من خلال أنَّه جعل الكتاب بأيدينا ليهدينا سواء السَّبيل، وجعل أهل البيت أئمّةً وقادةً في مسيرتنا، من أجل أن يعرّفونا كيف نفهم الكتاب، وكيف نعيش معه فيما يمكن أن يختلف النّاس فيه من تفسير الكتاب..

عندما نلتزم بذلك، ندرك أنَّ رسول الله(ص) لم ينطلق في هذا الخطِّ من أنَّه يريد لأهل بيته أن يكونوا القادة من موقع الوراثة أو القرابة، بل لأنَّه وجدهم في الخطِّ الأصيل للإسلام، فأراد للنّاس أن يسيروا مع الإسلام عندما يسيرون معهم.. ولهذا فهو عندما تحدَّث عن عليّ(ع)، لم يتحدَّث عنه بصفته ابن عمّه أو صهره، وإنما تحدَّث عن عليّ(ع) بصفته مع الحقّ: "عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، يدور معه حيثما دار"[4].

وهكذا كانت مسألة عليّ، أنّه كان مع الحقّ، فإذا سار النّاس معه، فإنّهم لا يسيرون مع عليّ الشّخص، بل مع عليّ الرّسالة.. وكأنَّ رسول الله(ص) يريد أن يقول: كونوا مع الحقّ تكونوا مع عليّ، أمّا إذا أردتم أن تكونوا مع الباطل، فلن تقتربوا من عليّ، لأنَّ عليّاً لا يكون مع مشاريع الباطل وخطوات الباطل..

وهكذا نفهم أنَّ الولاية لعليّ ولاية للإسلام، ونفهم أنَّ الإخلاص لعليّ إخلاص للإسلام، فمن التزم عليّاً بالطائفيَّة والحزبيَّة ولم يلتزمه بالإسلاميَّة، فإنَّه لم يلتزم بعليّ.. فالإسلام وعليّ خطَّان ملتصقان لا ينفصلان عن بعضهما البعض، ولهذا فإنَّ عليّاً يرفض الذين ينحرفون عن خطّ الإسلام ولكنّهم يتعصّبون له، لأنَّ عليّاً لو كان يريد أناساً يتعصّبون له تعصّب الطائفيّة، لحصل على ذلك الكثير، ولجامل النّاس، ولكنَّ عليّاً كان مع الحقّ كلّه، حتى قال:"ما ترك لي الحقّ من صديق".

ولهذا اكتشفوا عليّاً، فحيث يكون الحقّ في العقيدة فهناك عليّ، واكتشفوا عليَّاً عندما تتحركون في كلّ شرائع الإسلام وأحكامه، فقد انطلق عليّ ليكون الإسلام شريعة الحياة وقانون الناس.

لهذا، لا تجعلكم الطائفيَّة العشائريّة تحسبون أنَّ هناك انفصالاً بين الالتزام بعليٍّ والالتزام بالإسلام، فقد قالها حفيد عليّ(ع) الإمام الباقر(ع):"والله ما شيعتنا إلا من أطاع الله"[5]، و"من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع"[6].

التشيّع ليس مجرّد عاطفة تختزن فيها الحبّ هنا والبغض هناك، ولكنَّه حركة في خطِّ الإسلام على أساس المفاهيم الأساسيّة للإسلام.

الزّهراء القدوة

من هذا الجوّ نلتقي اليوم بأهل البيت، بفاطمة الزهراء(ع).. القمة الإٍسلاميّة الشّامخة التي عاشت كلّ حياتها القصيرة للإسلام، وكانت الطّفلة الواعية المنفتحة، والزوجة الإسلامية الملتزمة، والبنت المنفتحة على أبيها انفتاح أبيها على الله..

فهذا اليوم العشرون من جمادى الثانية هو مولدها، وهذا اليوم هو الَّذي جعله الإمام الخميني (حفظه الله)، يوم المرأة المسلمة ويوم المرأة كلِّها، حتى تنطلق المرأة في كلّ حياتها من خلال هذه الشخصيّة الإسلاميّة، لتكون القدوة لكلّ امرأة في عملها وإيمانها وصدقها وعفَّتها وانفتاحها على الله، لأنَّ الإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأة، كما يحتاج إلى الفكرة، يحتاج إلى القدوة، لكي تتعمَّق الفكرة في وجدانه وتتحرّك على الأرض.. ولهذا قال الله لنا: لا يكفي أن تقرأوا القرآن، بل لا بدّ لكم من أن تسيروا مع القرآن النّاطق، وهو رسول الله(ص)، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[7].. فكأنَّ النّاس يقرأون الآية في القرآن ويتطلَّعون إلى رسول الله، فإذا هو يجسِّد الآية في عمله.. ولهذا كانت مسألة القدوة كبيرةً جدّاً، بأن ينظر النّاس إلى الأشخاص الَّذين يعطون من سلوكهم وعملهم الصّدق والحقّ والإخلاص لله، لأنَّ المسألة في النّاس ليست مسألة (كلام)، فما أسهل أن تقدّم الكلام للنّاس! لكنّ المسألة هي مسألة الموقف، هل تكون كلمتك مطابقةً لفعلك، فتكون القدوة للنّاس!؟ أمّا إذا كنت غير ذلك، فالله يقول لك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}[8].

وهكذا كانت الزّهراء القدوة، لأنها كانت مجمعاً لكلّ الفضائل التي تشكّل أساس الإسلام وانطلاقته.. وهكذا رأينا أنها بعد هجرة رسول الله(ص) إلى المدينة، كانت تعيش معه حتى بعد أن تزوَّجت عليّاً، وقيل آنذاك، لو لم يكن هناك عليّ(ع)، لم يكن هناك كفء لفاطمة.

ولهذا رأينا أنَّ عليّاً وفاطمة عاشا حياتهما من دون أن تحدث أيّة مشكلة بينهما، لأنّ المسألة كانت انسجاماً في كلّ شيءٍ وانفتاحاً على الله، بالرّغم من قسوة حياتهما، فقد كانا من أفقر النّاس في المدينة..

وهكذا عندما دنت من رسول الله الوفاة، جاءت إليه، فضمَّها إلى صدره فبكت، ثم ضمّها إلى صدره فضحكت... فقالوا لها: لماذا بكيت أوّلاً وضحكت ثانياً؟ وبعد أن انتقل رسول الله(ص) إلى الرفيق الأعلى، قالت: حدَّثني في المرة الأولى أنه يوشك أن يدعى فيجيب.. ثم حدّثني مرة ثانية بأنني أوّل أهل بيته لحوقاً به.. ولو أنّ أيّ إنسان وأيّة امرأة قال لها أبوها إنها ستموت بعده بأشهر، فهل يمكن أن تشعر بالسّرور؟! إنّ الإنسان يحبّ الحياة، حتى لو مات كلّ القريبين إليه.

ولكنّ هذه العلاقة الروحيَّة بين فاطمة وأبيها جعلها تشعر بالسّعادة، وهي الشابّة والزوجة والأمّ، لأنّها لن تفارق رسول الله طويلاً..

تحمّل مسؤوليّة الدّعوة

إنها أم أبيها.. وهكذا رأينا في الشخصيّة الثّانية لفاطمة أنها كانت الزّوجة الّتي تحترم عمل البيت، ولم تكن تتعقَّد من ذلك، وأنَّ ذلك وإن لم يكن واجباً عليها، فإنّه يقرّبها من الله أكثر.. وعلى هذا الأساس، كانت فاطمة(ع) تعي أنها عندما تخدم أولادها وزوجها وترعى بيتها، تتعبَّد إلى الله في ذلك..

وكانت الزهراء(ع) تعيش المسؤوليَّة في حياتها تجاه الإسلام، كانت تجمع نساء المهاجرين والأنصار لتعظهنّ وترشدهنّ، ومع أنّها كانت تقوم بأشغال البيت، إلا أنّها كانت تشعر بأنها مسؤولة عن أن تعطي من علمها للنّاس.. وهذا يعلّمنا دور المرأة في المجتمع.. فالله حمّل المرأة مسؤوليّة الدّعوة إلى الله كما حمّلها للرجل..

وعلى هذا الأساس، فإنَّ على المرأة المسلمة أن تشعر بأنها مسؤولة في حجم طاقاتها، كما أنَّ الرجل مسؤول.

الحذر من الفتنة

في تلك الفتنة العمياء الّتي لا تزال آثارها تفتك بالواقع الإسلاميّ من خلال الخلاف حول الخلافة، كان عليّ صاحب الحقّ ـ فيما نعتقد ـ وجاء إليه ممن يريدون منه أن يقاتل، ولكنّه كان يرى أنَّ مصلحة الإسلام والمسلمين لا تسمح بذلك، ولهذا قال: "فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم..."[9].

وقال لبعض النَّاس: "لأسلمنَّ ما سلمت أمور المسلمين"[10].. كان يفكِّر في المصالح العامَّة للمسلمين.. وكان يعاون الخلفاء ويعطي الرأي... وقد قدم التّنازلات من أجل مصلحة المسلمين، وعندما اقتضت مصلحة المسلمين أن لا يقدِّم تنازلاً، وقف ورفض ذلك..

وهذا ما نريد أن نعيشه أمام الفتنة العمياء الّتي نعيشها كأقصى ما عشناه من فتنٍ في هذا البلد، إنَّ علينا أن ننطلق على أساس أن نواجه أمور المسلمين كلَّها.. وأن نعرف أنَّ إسرائيل الّتي دخلت على الخطّ، تستفيد من خلافاتنا وتوظّفها لمصلحتها..  

إنَّ هناك أكثر من جهة في المنطقة تريد أن تستفيد من هذه الفتنة، وقد أصبحت هذه الفتنة من الفتن الّتي تتحرَّك فيها كلّ قضايا المنطقة... ولهذا أصبح هناك متحمّسون لهذه الحرب، وهذا ما يفسّر التعقيدات التي تحصل، وأصبح الإعلام يتحرّك بطريقة لا يحاول أن يبحث فيها عن الدقّة في الأمور، بل عن طريقة الشّحن والانفعال.

ولهذا نقول: أسقطوا سلاحكم، ونقول للّذين يتحركون لإغلاق هذا الملفّ: لا تفرضوا على بعضكم البعض شروطاً للاجتماع، فهل تريدون أن تتفاوضوا كما لو كنتم تتحاربون؟! نقول لكلّ الذين يرفضون الاجتماع: اجتمعوا وتحدّثوا خلال الاجتماع عن شروطكم، لأنّنا إذا فقدنا القدرة على الاجتماع، فكيف يمكن أن نتحدَّث مع بعضنا البعض؟!

التّلاقي هو الحلّ

بعض أسباب المشكلة اللّبنانيَّة، أنَّ النّاس في المنطقة الشرقيَّة لا يجتمعون مع النّاس في المنطقة الغربيَّة، والعكس، وهم غير قادرين على الاجتماع في سباق الخيل ولا في سباق الحمير، ولهذا يجتمعون في تونس تحت رعاية جامعة الدّول العربيَّة..

لهذا، لا بدَّ من أن لا تكون هناك موانع أو حواجز عند الاجتماعات، ومن أن يعرف كلّ واحد وجهة نظر الآخر بدون وساطة، فقد تعقّد الوساطة المحادثات، لأنَّ الوسيط قد لا يعرف ماذا يريد هذا، وماذا يريد الآخر.

ونحن نشكر كلّ الجهود التي انطلقت في هذا السَّبيل، ولا نزال غير متشائمين، ونتصوَّر أنَّ هناك فرصاً كبيرة للوصول إلى نتائج إيجابيَّة، وعلينا أن نواكب هذا الواقع، بأن نخلق الأرضيَّة للوصول إلى نتائج تغلق الملفّ نهائيّاً.

ولا بدَّ للمتقاتلين في الضَّاحية أو بيروت أو إقليم التفّاح، من أن يكون هناك التزام بما تعاهدوا عليه من وقف النّار، لأنَّ على الإنسان إذا كان منفتحاً على ربّه، أن يفي بعهده، فإذا كان الجميع يتحدَّثون بلغة الإيمان، فلا بدَّ من الوفاء بالعهد، وربما يقول هذا الفريق بأنَّ ذاك بدأ والعكس، ولكنَّ الله يقول: {هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ الله عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[11]. وفي هذه القضايا، عليكم أن تكونوا أكثر تقوى والتزاماً.

لهذا، علينا أن نحافظ على وقف النّار، ووقف إطلاق النّار الإعلاميّ، ثم لا بدَّ للنَّاس جميعاً من أن يتذكَّروا كلَّ ما جاءنا من الله عن العفو والتَّسامح والصّلح، فهذه القيم التي نسيناها في دائرة التقاتل يجب أن نستعيدها.. وأن نحاول أن نهيِّئ الجوَّ ونضغط في سبيل أن يصل الجميع إلى نتائج إيجابيَّة لإغلاق هذا الملفّ نهائيّاً، حتّى بعد أن يغلق الملفّ، نتلو قول الله: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}[12].

إنّنا مشغولون بهذا الجوّ، وإسرائيل بدأت بإبعاد الجنوبيّين عن أرضهم، لأنَّهم لا يتجاوبون مع مخطَّطاتها تحت إمرة ما يسمّى بالجيش الجنوبيّ، وربما تتَّسع هذه الأمور، لهذا علينا أن نتعاون لنواجه كلَّ هذه المخطَّطات.

وهناك شغلٌ لإنتاج لبنان جديد، وهناك مخطَّط، وهناك لجنة سياسيَّة عربيَّة، وهناك أوضاع دوليّة تخطِّط للمسألة الفلسطينيَّة، إذا كنّا مشغولين بالحرب بهذا المستوى، ولا سيَّما في الجنوب، فكيف يمكن أن نواجه التحدّيات والمخطَّطات التي تأتي!؟

لهذا المرحلة من أصعب المراحل، وإن كنَّا نتمنَّى أن تكتشف الجامعة العربيَّة وغيرها ثغرةً مسدودةً في كلّ هذا الوضع، ولكن نحن ليس عندنا تفاؤل كبير باللّجنة العربيّة، لأنّنا جرّبنا اللّجان العربيّة، لكن لا مشكلة من التّجربة، وعلينا أن نكون واعين، لأنّه قد تأتي في المسألة على حساب مستقبل الشّعب اللّبناني.

ونكرِّر للّبنانيّين جميعاً، كما نقول في الدَّائرة الضيِّقة: اجتمعوا وتحدَّثوا في قضاياكم، لأنَّ النَّاس عندما يتحدَّثون مع بعضهم البعض، يعرفون طرائق الحلّ، بينما عندما يتحدَّث الآخرون عنهم، فالنَّتيجة هي الضَّياع وزيادة المشاكل، لهذا نكرّر الدَّعوة للّبنانيّين بالنِّداء للّقاء.

أفغانستان: للتمسّك بالوحدة

ونحن نعيش في هذه الأيّام أيضاً وضعاً إسلاميّاً في أفغانستان يقترب من نهايات المشكلة الأفغانيَّة، تماماً كما كان الوضع في إيران قبل انتصار الثّورة، لهذا يراد للوضع الأفغاني أن يعيش جوّاً معيَّناً يجعل المشكلة في الدّاخل، ولكنَّنا ندعو الأفغانيّين إلى أن يجدوا وحدتهم ليسقط عرش الطّاغوت هناك كما سقط عرش الطّاغوت في إيران.

إنّنا نتطلّع إلى هؤلاء المجاهدين بأن تكون لنا دولة إسلاميَّة أخرى تحكم بأمر الله، وهذا أمر نحتاج فيه لأن يكون المجاهدون هناك واعين لكلِّ اللّعبة الدوليَّة، حتى يفوّتوا عليها لعبة الاصطياد في الماء العكر.

لإغلاق ملفِّ الفتن

وأخيراً، نحن نعيش واقع الانتفاضة المستمرَّة الّتي لم تزدها الأيّام إلا انطلاقاً نحو التّحرير ونحو الرّوح الإسلاميّة.. وهناك كثير من المؤامرات والتّخطيطات التي يراد من خلالها محاصرة هذه الانتفاضة وإسقاطها، وإنّنا نثق بهذا الشّعب الّذي انطلق بهذه الثّورة، وعلينا أن نراقب الواقع الإسلامي حولنا الّذي تريد المخطّطات الدّوليَّة أن تحاصره.

ولهذا، لا بدَّ من إغلاق الملفِّ الدَّامي في الحروب الداخليَّة وفي هذه الفتنة، ونكرّر: إنَّ الَّذين يتنازلون هم المنتصرون، لنتفرّغ للقضايا الكبيرة الّتي تواجهنا في لبنان وفي كلِّ الواقع الإسلاميّ.


[1] [الأحزاب: 33].

[2] وسائل الشّيعة، الحرّ العاملي، ج 27، ص 204.

[3] الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص 420.

[4] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 10، ص 432.

[5] الكافي، ج 2، ص 74.

[6] المصدر نفسه، ج 2، ص 75.

[7] [الأحزاب: 21].

[8] [الصف: 2].

[9] نهج البلاغة، خطب الإمام علي(ع)، ج 3، ص 120.

[10] المصدر نفسه، ج 1، ص 124.

[11] [النّساء: 109].

[12] [آل عمران: 103].

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير