في رحاب يوم القدس: استحضار علي(ع) في علمه وجهاده...

في رحاب يوم القدس: استحضار علي(ع) في علمه وجهاده...

في رحاب يوم القدس: استحضار علي(ع) في علمه وجهاده...


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

هذا اليوم هو آخر جمعة في شهر رمضان، لأننا ـ حسب الثبوت الشرعي ـ سوف نستقبل عيد الفطر المبارك يوم الخميس القادم إن شاء الله تعالى، على أساس الحسابات الفلكية الدقيقة، مع إمكان الرؤية في البلدان التي نلتقي معها في جزء من الليل، لأن من الصعب جداً رؤية الهلال في دول المنطقة، وحتى في أوروبا، ولكن يمكن رؤيته في البلدان التي نلتقي معها في جزء من الليل، مثل جنوب أمريكا وما إلى ذلك.

وعلى ضوء هذا، فبحسب المبنى الاجتهادي الشرعي الذي نتّبعه، يكون يوم الخميس هو يوم عيد الفطر المبارك. نسأل الله أن يجعله عيداً سعيداً مباركاً مليئاً بالنصر للمؤمنين والمستضعفين جميعاً .

القدس رمز لفلسطين:

وهذا اليوم هو يوم القدس الذي أُريد له أن يذكّر الناس بالقدس على أساس أنها رمز لفلسطين كلِّها، فلسطين التي اغتصبها اليهود وأضاعها العرب والمسلمون، وحيكت حولها المؤامرات الدولية، وفي مقدمتها أمريكا وأوروبا والكثير من الدول التي شرّعت بقرار من الأمم المتحدة، استيلاء اليهود على فلسطين. وإذا كان هؤلاء قد اعتبروا القدس موضع نقاش، فإن الواقع هو أنهم يتحركون مع القرارات الإسرائيلية في ذلك .

لذلك، نحن بحاجة إلى أن نستعيد ذكرى سقوط القدس لتبقى في البال الإسلامي، حتى نستعيدها في المستقبل إذا استطاع المسلمون أن يأخذوا بأسباب القوة في حياتهم العامة .

علي(ع) العالِم والموحّد:

وفي هذا الموقف، لا نزال مع الإمام عليّ(ع)، الذي كان في كل حياته، وفي كلِّ مواقفه، مع الناس. كان يجاهد من أجل أن يعطي الناس عقلاً من عقله، وقلباً من قلبه، واستقامةً من استقامته. كان(ع) يريد أن يرفع الناس إلى المستوى الذي يقربون فيه من الله تعالى، أن يعيشوا معه ويوحّدوه في العقيدة والعبادة والطاعة. كان يقوم بين وقت وآخر في مسجده في الكوفة، وقبل ذلك في المدينة، ليعظ الناس ويحذّرهم وينذرهم، لأنه(ع) كان وصيّ رسول الله(ص) في رعاية الإسلام، كما كان وصيّه في إدارة الواقع الإسلامي .

لقد كان عليّ(ع) الشَّخص الوحيد بين الصحابة الذي يملك علم الإسلام كلَّه، وقد قال )ع): «علّمني رسول الله ألف باب من العلم، فُتح لي من كلِّ باب ألف باب»، وقال عنه رسول الله(ص): «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمن أراد المدينة فليدخل من الباب». ورأينا كيف أن عليّاً(ع) في كلِّ حياته بعد رسول الله(ص)، لم يحتج أن يسأل أحداً عن أيِّ فكرة أو مسألة، لأن الفكر كله والعلم كله كانا حاضرين بين يديه، وقد قال عنه أحد علماء العربية، وهو الخليل بن أحمد الفراهيدي، عندما سئل: «لماذا فضّلت عليّاً على غيره»؟ فقال: «احتياج الكل إليه، واستغناؤه عن الكل، دليل أنَّه إمام الكل»، لأن الكلَّ كانوا يحتاجون علياً(ع)، وكان الناس يأتون إلى المدينة من سائر الأديان، ويسألون الخلفاء الذين تقدّموا على عليّ(ع)، ولكن هؤلاء، وفي أحيان كثيرة، عندما كانوا يعجزون عن الجواب، كانوا يرسلونهم إلى عليّ(ع)، ومن هنا انطلق القول: «لولا عليّ لهلك عمر».

الالتزام بخطِّ الاستقامة:

ونحن في هذا الزَّمن نحتاج إلى عليّ الغائب عنّا بشخصه، والحاضر بيننا بعلمه وروحانيته وكل عناصر شخصيته.

من كلامه(ع)، وهو كلام ينفتح على كلام الله، ويفتح الناس على كلام الله، ليعلّمهم كيف يتعلّمون الإسلام من خلال قراءتهم للقرآن وتدبّرهم بكلِّ آياته، قال في بعض خطبه: «قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}(فصلت/30)، وقد قلتم رَبُّنَا اللَّهُ ـ فكلُّكم مسلمون، وأوَّل عقيدة المسلم؛ أن يقول ربي الله وحده لا شريك لـه، وذلك يعني أنَّ الله مرجعنا في كلِّ شيء؛ في العقيدة والشريعة وكلِّ شؤون حياتنا، لأن الله هو المهيمن على الأمر كلِّه، وهو الذي عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ـ فاستقيموا على كتابه ـ لأنّ الالتزام بربوبية الله لكم، تفرض عليكم أن تسيروا في خطِّ الاستقامة على كتاب الله _ وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته _ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً في كلِّ أموركم، والعبادة هي غاية الخضوع لله ـ ثم لا تمرقوا منها ـ لا تخرجوا منها ـ ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها، فإن أهل المروق منقطَع بهم عند الله يوم القيامة. ثم إياكم وتهزيع الأخلاق ـ تحريفها إلى ما غير أراد الله ـ وتصريفها، واجعلوا اللسان واحداً، وليخزن الرجل لسانه، فإن هذا اللسان جموح بصاحبه. والله، ما أرى عبداً يتقي تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه، وإنَّ لسان المؤمن وراء قلبه، وإن قلب المنافق وراء لسانه». فالقيادة عند المؤمن هي للعقل، واللّسان جنديٌّ من جنوده، أما عند المنافق، فالقيادة هي للسان، «لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبّره في نفسه، فإن كان خيراً أبداه، وإن كان شراً واراه، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه، لا يدري ماذا له وماذا عليه، وقد قال رسول الله(ص): لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ـ عقله ـ ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه. فمن استطاع منكم أن يلقى الله تعالى وهو نقيُّ الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللّسان من أعراضهم، فليفعل».

هذا هو خطُّ الاستقامة الذي نقف في كلِّ صلاة لنقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}(الفاتحة/6-7)، ونقرأ قولـه تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(الأنعام/153)، وهكذا ينبغي لنا أن نربي أنفسنا في هذا الشهر على خطِّ الاستقامة في طريق الله .

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وتحركوا في خط الاستقامة التي تؤكد لكم الوحدة فيما بينكم، والاعتصام بحبل الله جميعاً، وعدم التفرق عن ساحاتكم التي لا بد لكم أن تلتقوا فيها في مواجهة الكافرين والمستكبرين والظالمين، وأن تتحركوا على أساس أن تعرفوا ما هي مسؤولياتكم في كل قضاياكم العامة والخاصة، ولا سيما القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية في كلِّ موقع من مواقع المنطقة العربية والإسلامية .

إسرائيل: إمعان في التقتيل والتدمير:

في المشهد الفلسطيني، لا تزال إسرائيل تتصرَّف وكأنها لم تنسحب من غزَّة، بحيث إنها تعمل على تعطيل التوصُّل مع الفلسطينيين إلى اتفاق حول مسألة المعابر والطريق الرابط بين القطاع والضفّة، حسب تقرير المبعوث الخاص للّجنة الرباعية الدولية إلى إسرائيل، لأنها تنطلق من عقدة الحقد على الشعب الفلسطيني، بإثارة المتاعب اليومية في تصرّفاتها الأمنية، انطلاقاً من عقدة اليهود التاريخية تجاه العرب والمسلمين.

وهي إضافةً إلى ذلك، تواصل عمليات الاغتيال لمجاهدي الانتفاضة وكوادرها، وعمليات الاجتياح لأكثر من قرية أو مدينة في الضفَّة، وعمليات الاستباحة لقطاع غزَّة في غاراتها الجويَّة والمدفعية التي تطال المدارس تارةً، والجمعيات الخيرية تارةً أخرى، ما يؤدِّي إلى قتل المدنيين من أطفالٍ وشيوخ ونساء، تحت مبررات مفتعلة وواهية، ولم نرَ أو نسمع أيَّة إدانة أو إنكار من أمريكا أو من أية دولة أوروبية لهذه الأعمال التي ساهمت وتساهم في قصف التهدئة التي توافَقَ عليها الفلسطينيون ـ انتفاضةً وسلطةً ـ لأن إسرائيل تريد إبقاء المقولة التي تعتبر المسألة الفلسطينية أمنية لا سياسية، لتبرر بذلك امتناعها عن المفاوضات النهائية المباشرة، إلا بشرط إسقاط البنية التحتية للانتفاضة، بما يؤدِّي إلى الحرب الأهلية بين الفلسطينيين، وهو ما يجعل إسرائيل تحقق الانتصار من دون حرب.

عملية الخضيرة: رسالة إلى العدوّ:

وهكذا، انطلقت عمليات ردّ الفعل الفلسطيني على اغتيال القيادات الجهادية، في عملية استشهادية في الخضيرة، كرسالة إلى العدوّ بأن عدوانه لا يمر بدون عقاب. وهنا، نجد أن الدول الكبرى ـ ومعها السلطة الفلسطينية ـ تستنكر هذه العملية وتعتبرها إرهابية، من دون الدراسة الواقعية للأسباب التي دفعت إليها، لأن هذه الدول ـ وفي مقدّمتها أمريكا ـ ترى الحق لإسرائيل في التصرف بإبادة الشعب الفلسطيني، ولا ترى للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم، على الرغم من أنها تتحدث عن الحريات وعن حقوق الإنسان، ما يوحي بأن ذلك من حق اليهود عندها، لا من حق العرب والمسلمين.

إنها العنصرية الأمريكية المنفتحة على العنصرية الإسرائيلية، وهذا ما سمعناه من الرئيس الأمريكي عند لقائه رئيس السلطة الفلسطينية أثناء زيارته لواشنطن، في إدخال وعد الدولة الفلسطينية في المتاهات الزمنية، بما يتجاوز مرحلة الرئيس الأمريكي الحالي إلى مراحل أخرى، ريثما تستكمل إسرائيل مشروعها الاستيطاني والجداري الذي لا يبقي للفلسطينيين إلا البقايا من الأرض غير الصالحة لإقامة دولة قابلة للحياة.

لقد صنع الأمريكيّون وحلفاؤهم عنوان مكافحة الإرهاب، من أجل مكافحة المقاومة ضدّ الاحتلال وتأكيد حريّة الشعوب، فهم يطلقون إرهاب الدولة ويشرّعونه باسم الديمقراطية والحرية، لإسقاط الديمقراطية الشعبية والحريات السياسية والاقتصادية.

نخشى تهويد القدس:

وفي مناسبة يوم القدس العالمي، نجد أن أكثر الدول العربية والإسلامية تهرول نحو إسرائيل، تحت تأثير الخضوع للضغط الأمريكي عليها، ونخشى أن تتحرك اللعبة الدولية لتهويد القدس والمسجد الأقصى بالذات، من خلال إعطاء الشرعية الإسرائيلية لليهود في الدخول إليه تحت مبرِّر العبادة، الأمر الذي ينبغي للمسلمين ـ إذا كانوا يحترمون إسلامهم ـ أن يبادروا إلى التخطيط للمواجهة في سبيل حماية مقدّساتهم الدينية التي تمثِّل هويتهم الإسلامية، باعتبار أن القدس هي الرمز المقدّس للإسلام كلِّه وللمسلمين كلِّهم.

العراق: المطلوب طرد المحتلّ:

أمَّا العراق الغارق في أنهار الدماء التي تسيل من المدنيين الأبرياء بفعل حركة الإرهاب التكفيري، فإنه لا يزال يعيش الانقسام السياسي الذي يأخذ عناوين التنوّع المذهبي، حتى يكاد الوضع يتحرك نحو سقوط وطني طائفي لا يشعر العراقيون معه بالوحدة، ويُخشى معه أن تتجذّر الصفة الطائفية التي تدخل في نسيج الإنسان العراقي بكلِّ حدّةٍ وضراوة، بحيث بدأ الحديث عن مشكلة الشيعة مع السنّة، ومشكلة السنّة مع الشيعة، لا مشكلة الشعب مع الاحتلال الذي يتدخّل سفيره بطريقة وبأخرى في مفاصل الواقع السياسي والإداري، ما قد يوحي بأن الدولة لا تملك الحرية الحقيقية في إدارة شؤونها على الرغم من الشكل الظاهري للحرية.

إننا ندعو العراقيين إلى الارتفاع إلى مستوى المرحلة التاريخية التي تنتظرهم للحصول على الحريّة والاستقلال، وطرد المحتلّ من أرضهم بمختلف الوسائل، وعليهم أن يعرفوا أنَّ المحتلّ لم يكن ولن يكون منقذاً للشعوب، بل إنه يتحرك ضمن خططه في الاستغلال ورعاية مصالحه على حساب مصالح الناس.

لقد غرقت أمريكا ـ ومعها بريطانيا ـ في وحول الواقع العراقي بفعل مقاومة الشعب، وقد أصبحت تعاني من الرأي العام عندها الذي يطالبها بالانسحاب من العراق، لأن حربها عليه لم تكن حرباً مشروعة، بفعل انطلاقها من كذبة كبرى، وخروجها عن الشرعية الدولية للمجتمع الدولي، وللخسائر الكبيرة التي منيت بها في الأرواح. إن على الشعب العراقي أن يأخذ بأسباب وحدته الإسلامية والوطنية، حتى مع اختلاف وجهات النظر السياسية، بعيداً عن كل ما يخلّ بالوحدة.

لبنان: الدعوة إلى حوار وطني:

أما في لبنان، فلا تزال الخطة الأمريكية ـ ومعها فرنسا وبريطانيا ـ تتحرك من أجل مصالحها الخاصة على صعيد الأمن والسياسة والاقتصاد، للاستفادة من بعض التعقيدات اللبنانية للضغط على المنطقة، ولا سيما سوريا، التي تطالبها أميركا بالخضوع لمطالبها، في اتخاذ موقف من دعم الانتفاضة وقياداتها في مسألة تحرير الشعب الفلسطيني من الاحتلال الصهيوني الذي تدعمه أمريكا، لتطرد المجاهدين من أرضها، وتعتبرهم إرهابيين على الطريقة الأمريكية، كما تطالبها بدعم احتلالها للعراق الذي تعاني منه الكثير بفعل خسائرها هناك، إلى جانب اتّهامها لها بالتدخّل المخابراتي في الشؤون اللبنانية، إضافةً إلى الشروط التعجيزية المفروضة عليها من هذا الموقع أو ذاك.

إنَّ ما نريد تأكيده للّبنانيين، أن القضية المركزية في السياسة الأمريكية في لبنان ليست خدمة لبنان في حريته واستقلاله، بل هي نزع سلاح المقاومة وتطويق سلاح المخيّمات لحساب إسرائيل، واللعب بالورقة اللبنانية للضغط على سوريا في مطالبها في المنطقة، لأنها تحرّكَّ كل ضغوطها من أجل خدمة استراتيجيتها الواسعة.

وعلى ضوء هذا، لا بدَّ من دراسة الخطوط السياسية الأمريكية ـ ومعها الفرنسية ـ على أساس مصالح أمريكا وفرنسا، لا على أساس مصالح لبنان. لذلك، لا بدَّ من حوار وطني جديّ بين اللبنانيين لدراسة الواقع السياسي والأمني، ولا سيما في علاقة لبنان بسوريا، من خلال توثيق الروابط التاريخية من جديد.

وإننا نقدّر العنوان الكبير الذي طرحته مختلف الشخصيات السياسية في رفض العقوبات الاقتصادية والأمنية والسياسية على الشعب السوري، لأن ذلك سوف يتحوّل إلى مشكلة كبرى للبنان أيضاً، في الوقت الذي يعرف الجميع، أنّ الروابط التاريخية بين البلدين تفرض الحفاظ على المسيرة الواحدة في نطاق المواجهة للعدوّ وللتحديات الكبرى، التي تريد العبث بالقضية الكبرى التي توحّدهما في قضايا المصير، مع ملاحظة حيوية مهمة، وهي أنَّ الجميع متفقون على ضرورة أن ينال المجرمون ـ أيّاً كانوا ـ عقابهم في خطِّ العدالة القائمة على المعطيات القضائية المستندة إلى الحجة والبرهان في تأكيد الجريمة.

إنَّ المرحلة الصّعبة تحمل الكثير من التحدّيات والأخطار على صعيد المنطقة، من خلال التحالف الأمريكي ـ الإسرائيلي الذي يبتعد بقرارات الشّرعية الدولية عن إسرائيل في إرهابها وأسلحة الدمار الشامل عندها، ويركّز على القرارات المتصلة بالواقع العربي، ولا سيما لبنان، والواقع الإسلامي، ولا سيما إيران.

في رحاب يوم القدس: استحضار علي(ع) في علمه وجهاده...


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

هذا اليوم هو آخر جمعة في شهر رمضان، لأننا ـ حسب الثبوت الشرعي ـ سوف نستقبل عيد الفطر المبارك يوم الخميس القادم إن شاء الله تعالى، على أساس الحسابات الفلكية الدقيقة، مع إمكان الرؤية في البلدان التي نلتقي معها في جزء من الليل، لأن من الصعب جداً رؤية الهلال في دول المنطقة، وحتى في أوروبا، ولكن يمكن رؤيته في البلدان التي نلتقي معها في جزء من الليل، مثل جنوب أمريكا وما إلى ذلك.

وعلى ضوء هذا، فبحسب المبنى الاجتهادي الشرعي الذي نتّبعه، يكون يوم الخميس هو يوم عيد الفطر المبارك. نسأل الله أن يجعله عيداً سعيداً مباركاً مليئاً بالنصر للمؤمنين والمستضعفين جميعاً .

القدس رمز لفلسطين:

وهذا اليوم هو يوم القدس الذي أُريد له أن يذكّر الناس بالقدس على أساس أنها رمز لفلسطين كلِّها، فلسطين التي اغتصبها اليهود وأضاعها العرب والمسلمون، وحيكت حولها المؤامرات الدولية، وفي مقدمتها أمريكا وأوروبا والكثير من الدول التي شرّعت بقرار من الأمم المتحدة، استيلاء اليهود على فلسطين. وإذا كان هؤلاء قد اعتبروا القدس موضع نقاش، فإن الواقع هو أنهم يتحركون مع القرارات الإسرائيلية في ذلك .

لذلك، نحن بحاجة إلى أن نستعيد ذكرى سقوط القدس لتبقى في البال الإسلامي، حتى نستعيدها في المستقبل إذا استطاع المسلمون أن يأخذوا بأسباب القوة في حياتهم العامة .

علي(ع) العالِم والموحّد:

وفي هذا الموقف، لا نزال مع الإمام عليّ(ع)، الذي كان في كل حياته، وفي كلِّ مواقفه، مع الناس. كان يجاهد من أجل أن يعطي الناس عقلاً من عقله، وقلباً من قلبه، واستقامةً من استقامته. كان(ع) يريد أن يرفع الناس إلى المستوى الذي يقربون فيه من الله تعالى، أن يعيشوا معه ويوحّدوه في العقيدة والعبادة والطاعة. كان يقوم بين وقت وآخر في مسجده في الكوفة، وقبل ذلك في المدينة، ليعظ الناس ويحذّرهم وينذرهم، لأنه(ع) كان وصيّ رسول الله(ص) في رعاية الإسلام، كما كان وصيّه في إدارة الواقع الإسلامي .

لقد كان عليّ(ع) الشَّخص الوحيد بين الصحابة الذي يملك علم الإسلام كلَّه، وقد قال )ع): «علّمني رسول الله ألف باب من العلم، فُتح لي من كلِّ باب ألف باب»، وقال عنه رسول الله(ص): «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمن أراد المدينة فليدخل من الباب». ورأينا كيف أن عليّاً(ع) في كلِّ حياته بعد رسول الله(ص)، لم يحتج أن يسأل أحداً عن أيِّ فكرة أو مسألة، لأن الفكر كله والعلم كله كانا حاضرين بين يديه، وقد قال عنه أحد علماء العربية، وهو الخليل بن أحمد الفراهيدي، عندما سئل: «لماذا فضّلت عليّاً على غيره»؟ فقال: «احتياج الكل إليه، واستغناؤه عن الكل، دليل أنَّه إمام الكل»، لأن الكلَّ كانوا يحتاجون علياً(ع)، وكان الناس يأتون إلى المدينة من سائر الأديان، ويسألون الخلفاء الذين تقدّموا على عليّ(ع)، ولكن هؤلاء، وفي أحيان كثيرة، عندما كانوا يعجزون عن الجواب، كانوا يرسلونهم إلى عليّ(ع)، ومن هنا انطلق القول: «لولا عليّ لهلك عمر».

الالتزام بخطِّ الاستقامة:

ونحن في هذا الزَّمن نحتاج إلى عليّ الغائب عنّا بشخصه، والحاضر بيننا بعلمه وروحانيته وكل عناصر شخصيته.

من كلامه(ع)، وهو كلام ينفتح على كلام الله، ويفتح الناس على كلام الله، ليعلّمهم كيف يتعلّمون الإسلام من خلال قراءتهم للقرآن وتدبّرهم بكلِّ آياته، قال في بعض خطبه: «قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}(فصلت/30)، وقد قلتم رَبُّنَا اللَّهُ ـ فكلُّكم مسلمون، وأوَّل عقيدة المسلم؛ أن يقول ربي الله وحده لا شريك لـه، وذلك يعني أنَّ الله مرجعنا في كلِّ شيء؛ في العقيدة والشريعة وكلِّ شؤون حياتنا، لأن الله هو المهيمن على الأمر كلِّه، وهو الذي عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ـ فاستقيموا على كتابه ـ لأنّ الالتزام بربوبية الله لكم، تفرض عليكم أن تسيروا في خطِّ الاستقامة على كتاب الله _ وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته _ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً في كلِّ أموركم، والعبادة هي غاية الخضوع لله ـ ثم لا تمرقوا منها ـ لا تخرجوا منها ـ ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها، فإن أهل المروق منقطَع بهم عند الله يوم القيامة. ثم إياكم وتهزيع الأخلاق ـ تحريفها إلى ما غير أراد الله ـ وتصريفها، واجعلوا اللسان واحداً، وليخزن الرجل لسانه، فإن هذا اللسان جموح بصاحبه. والله، ما أرى عبداً يتقي تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه، وإنَّ لسان المؤمن وراء قلبه، وإن قلب المنافق وراء لسانه». فالقيادة عند المؤمن هي للعقل، واللّسان جنديٌّ من جنوده، أما عند المنافق، فالقيادة هي للسان، «لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبّره في نفسه، فإن كان خيراً أبداه، وإن كان شراً واراه، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه، لا يدري ماذا له وماذا عليه، وقد قال رسول الله(ص): لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ـ عقله ـ ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه. فمن استطاع منكم أن يلقى الله تعالى وهو نقيُّ الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللّسان من أعراضهم، فليفعل».

هذا هو خطُّ الاستقامة الذي نقف في كلِّ صلاة لنقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}(الفاتحة/6-7)، ونقرأ قولـه تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(الأنعام/153)، وهكذا ينبغي لنا أن نربي أنفسنا في هذا الشهر على خطِّ الاستقامة في طريق الله .

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وتحركوا في خط الاستقامة التي تؤكد لكم الوحدة فيما بينكم، والاعتصام بحبل الله جميعاً، وعدم التفرق عن ساحاتكم التي لا بد لكم أن تلتقوا فيها في مواجهة الكافرين والمستكبرين والظالمين، وأن تتحركوا على أساس أن تعرفوا ما هي مسؤولياتكم في كل قضاياكم العامة والخاصة، ولا سيما القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية في كلِّ موقع من مواقع المنطقة العربية والإسلامية .

إسرائيل: إمعان في التقتيل والتدمير:

في المشهد الفلسطيني، لا تزال إسرائيل تتصرَّف وكأنها لم تنسحب من غزَّة، بحيث إنها تعمل على تعطيل التوصُّل مع الفلسطينيين إلى اتفاق حول مسألة المعابر والطريق الرابط بين القطاع والضفّة، حسب تقرير المبعوث الخاص للّجنة الرباعية الدولية إلى إسرائيل، لأنها تنطلق من عقدة الحقد على الشعب الفلسطيني، بإثارة المتاعب اليومية في تصرّفاتها الأمنية، انطلاقاً من عقدة اليهود التاريخية تجاه العرب والمسلمين.

وهي إضافةً إلى ذلك، تواصل عمليات الاغتيال لمجاهدي الانتفاضة وكوادرها، وعمليات الاجتياح لأكثر من قرية أو مدينة في الضفَّة، وعمليات الاستباحة لقطاع غزَّة في غاراتها الجويَّة والمدفعية التي تطال المدارس تارةً، والجمعيات الخيرية تارةً أخرى، ما يؤدِّي إلى قتل المدنيين من أطفالٍ وشيوخ ونساء، تحت مبررات مفتعلة وواهية، ولم نرَ أو نسمع أيَّة إدانة أو إنكار من أمريكا أو من أية دولة أوروبية لهذه الأعمال التي ساهمت وتساهم في قصف التهدئة التي توافَقَ عليها الفلسطينيون ـ انتفاضةً وسلطةً ـ لأن إسرائيل تريد إبقاء المقولة التي تعتبر المسألة الفلسطينية أمنية لا سياسية، لتبرر بذلك امتناعها عن المفاوضات النهائية المباشرة، إلا بشرط إسقاط البنية التحتية للانتفاضة، بما يؤدِّي إلى الحرب الأهلية بين الفلسطينيين، وهو ما يجعل إسرائيل تحقق الانتصار من دون حرب.

عملية الخضيرة: رسالة إلى العدوّ:

وهكذا، انطلقت عمليات ردّ الفعل الفلسطيني على اغتيال القيادات الجهادية، في عملية استشهادية في الخضيرة، كرسالة إلى العدوّ بأن عدوانه لا يمر بدون عقاب. وهنا، نجد أن الدول الكبرى ـ ومعها السلطة الفلسطينية ـ تستنكر هذه العملية وتعتبرها إرهابية، من دون الدراسة الواقعية للأسباب التي دفعت إليها، لأن هذه الدول ـ وفي مقدّمتها أمريكا ـ ترى الحق لإسرائيل في التصرف بإبادة الشعب الفلسطيني، ولا ترى للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم، على الرغم من أنها تتحدث عن الحريات وعن حقوق الإنسان، ما يوحي بأن ذلك من حق اليهود عندها، لا من حق العرب والمسلمين.

إنها العنصرية الأمريكية المنفتحة على العنصرية الإسرائيلية، وهذا ما سمعناه من الرئيس الأمريكي عند لقائه رئيس السلطة الفلسطينية أثناء زيارته لواشنطن، في إدخال وعد الدولة الفلسطينية في المتاهات الزمنية، بما يتجاوز مرحلة الرئيس الأمريكي الحالي إلى مراحل أخرى، ريثما تستكمل إسرائيل مشروعها الاستيطاني والجداري الذي لا يبقي للفلسطينيين إلا البقايا من الأرض غير الصالحة لإقامة دولة قابلة للحياة.

لقد صنع الأمريكيّون وحلفاؤهم عنوان مكافحة الإرهاب، من أجل مكافحة المقاومة ضدّ الاحتلال وتأكيد حريّة الشعوب، فهم يطلقون إرهاب الدولة ويشرّعونه باسم الديمقراطية والحرية، لإسقاط الديمقراطية الشعبية والحريات السياسية والاقتصادية.

نخشى تهويد القدس:

وفي مناسبة يوم القدس العالمي، نجد أن أكثر الدول العربية والإسلامية تهرول نحو إسرائيل، تحت تأثير الخضوع للضغط الأمريكي عليها، ونخشى أن تتحرك اللعبة الدولية لتهويد القدس والمسجد الأقصى بالذات، من خلال إعطاء الشرعية الإسرائيلية لليهود في الدخول إليه تحت مبرِّر العبادة، الأمر الذي ينبغي للمسلمين ـ إذا كانوا يحترمون إسلامهم ـ أن يبادروا إلى التخطيط للمواجهة في سبيل حماية مقدّساتهم الدينية التي تمثِّل هويتهم الإسلامية، باعتبار أن القدس هي الرمز المقدّس للإسلام كلِّه وللمسلمين كلِّهم.

العراق: المطلوب طرد المحتلّ:

أمَّا العراق الغارق في أنهار الدماء التي تسيل من المدنيين الأبرياء بفعل حركة الإرهاب التكفيري، فإنه لا يزال يعيش الانقسام السياسي الذي يأخذ عناوين التنوّع المذهبي، حتى يكاد الوضع يتحرك نحو سقوط وطني طائفي لا يشعر العراقيون معه بالوحدة، ويُخشى معه أن تتجذّر الصفة الطائفية التي تدخل في نسيج الإنسان العراقي بكلِّ حدّةٍ وضراوة، بحيث بدأ الحديث عن مشكلة الشيعة مع السنّة، ومشكلة السنّة مع الشيعة، لا مشكلة الشعب مع الاحتلال الذي يتدخّل سفيره بطريقة وبأخرى في مفاصل الواقع السياسي والإداري، ما قد يوحي بأن الدولة لا تملك الحرية الحقيقية في إدارة شؤونها على الرغم من الشكل الظاهري للحرية.

إننا ندعو العراقيين إلى الارتفاع إلى مستوى المرحلة التاريخية التي تنتظرهم للحصول على الحريّة والاستقلال، وطرد المحتلّ من أرضهم بمختلف الوسائل، وعليهم أن يعرفوا أنَّ المحتلّ لم يكن ولن يكون منقذاً للشعوب، بل إنه يتحرك ضمن خططه في الاستغلال ورعاية مصالحه على حساب مصالح الناس.

لقد غرقت أمريكا ـ ومعها بريطانيا ـ في وحول الواقع العراقي بفعل مقاومة الشعب، وقد أصبحت تعاني من الرأي العام عندها الذي يطالبها بالانسحاب من العراق، لأن حربها عليه لم تكن حرباً مشروعة، بفعل انطلاقها من كذبة كبرى، وخروجها عن الشرعية الدولية للمجتمع الدولي، وللخسائر الكبيرة التي منيت بها في الأرواح. إن على الشعب العراقي أن يأخذ بأسباب وحدته الإسلامية والوطنية، حتى مع اختلاف وجهات النظر السياسية، بعيداً عن كل ما يخلّ بالوحدة.

لبنان: الدعوة إلى حوار وطني:

أما في لبنان، فلا تزال الخطة الأمريكية ـ ومعها فرنسا وبريطانيا ـ تتحرك من أجل مصالحها الخاصة على صعيد الأمن والسياسة والاقتصاد، للاستفادة من بعض التعقيدات اللبنانية للضغط على المنطقة، ولا سيما سوريا، التي تطالبها أميركا بالخضوع لمطالبها، في اتخاذ موقف من دعم الانتفاضة وقياداتها في مسألة تحرير الشعب الفلسطيني من الاحتلال الصهيوني الذي تدعمه أمريكا، لتطرد المجاهدين من أرضها، وتعتبرهم إرهابيين على الطريقة الأمريكية، كما تطالبها بدعم احتلالها للعراق الذي تعاني منه الكثير بفعل خسائرها هناك، إلى جانب اتّهامها لها بالتدخّل المخابراتي في الشؤون اللبنانية، إضافةً إلى الشروط التعجيزية المفروضة عليها من هذا الموقع أو ذاك.

إنَّ ما نريد تأكيده للّبنانيين، أن القضية المركزية في السياسة الأمريكية في لبنان ليست خدمة لبنان في حريته واستقلاله، بل هي نزع سلاح المقاومة وتطويق سلاح المخيّمات لحساب إسرائيل، واللعب بالورقة اللبنانية للضغط على سوريا في مطالبها في المنطقة، لأنها تحرّكَّ كل ضغوطها من أجل خدمة استراتيجيتها الواسعة.

وعلى ضوء هذا، لا بدَّ من دراسة الخطوط السياسية الأمريكية ـ ومعها الفرنسية ـ على أساس مصالح أمريكا وفرنسا، لا على أساس مصالح لبنان. لذلك، لا بدَّ من حوار وطني جديّ بين اللبنانيين لدراسة الواقع السياسي والأمني، ولا سيما في علاقة لبنان بسوريا، من خلال توثيق الروابط التاريخية من جديد.

وإننا نقدّر العنوان الكبير الذي طرحته مختلف الشخصيات السياسية في رفض العقوبات الاقتصادية والأمنية والسياسية على الشعب السوري، لأن ذلك سوف يتحوّل إلى مشكلة كبرى للبنان أيضاً، في الوقت الذي يعرف الجميع، أنّ الروابط التاريخية بين البلدين تفرض الحفاظ على المسيرة الواحدة في نطاق المواجهة للعدوّ وللتحديات الكبرى، التي تريد العبث بالقضية الكبرى التي توحّدهما في قضايا المصير، مع ملاحظة حيوية مهمة، وهي أنَّ الجميع متفقون على ضرورة أن ينال المجرمون ـ أيّاً كانوا ـ عقابهم في خطِّ العدالة القائمة على المعطيات القضائية المستندة إلى الحجة والبرهان في تأكيد الجريمة.

إنَّ المرحلة الصّعبة تحمل الكثير من التحدّيات والأخطار على صعيد المنطقة، من خلال التحالف الأمريكي ـ الإسرائيلي الذي يبتعد بقرارات الشّرعية الدولية عن إسرائيل في إرهابها وأسلحة الدمار الشامل عندها، ويركّز على القرارات المتصلة بالواقع العربي، ولا سيما لبنان، والواقع الإسلامي، ولا سيما إيران.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير