نموذجُ عمرُ بنُ سعد: خسرانُ الدّنيا والآخرة

نموذجُ عمرُ بنُ سعد: خسرانُ الدّنيا والآخرة

من بين نماذج أعداء الحسين (ع) عمر بن سعد، هذا الرَّجل الذي كان قريباً للحسين (ع) من موقع الخؤولة، فقد كانت هناك قرابة بينه وبين الحسين، ودعاه ابن زياد إلى أن يقود الجيش المتّجه لقتال الحسين في كربلاء، وحاول أن يعتذر، وكان ابن سعد على وعد بأن تكون له ولاية الريّ، فقال له ابن زياد: "أرجع إلينا عهدنا"، فقال له عندما رأى أنّه قد يفقد ولايته على الري: دعني أُفكِّر.. أمهلني ليلة.

وقالوا قضى الّليل كلّه وهو يتقلَّب على فراشه، يقلِّب الأمور، يفكِّر في الحسين وعظمة الحسين وقرابة الحسين منه، ويشعر بخطورة قتل الحسين، ويفكِّر في الجانب الثَّاني بملك الريّ، والزعامة والسلطة والمال وغير ذلك، فيجذبه ذلك إلى أن يقبل، وقد قيل عن لسانه أو هو كان يقول:

فوالله ما أدري وإنِّي لحائرٌ أُفكِّر في أمري على خطرينِ

أأترك مُلْكَ الرّيِّ والرّيُّ منيتي أم أرجع مأثوماً بقتلِ حسينِ

وهكذا كان يعطي لنفسه الفكرة أنَّ في قتل الحسين النَّار، ثمّ جاءه الشَّيطان يطرح عليه حلًّا.. راقبوا الحلول الشيطانيَّة فيما يطرحه عليكم في كثير من المواقف:

يقولون إنَّ الله خالق جنّة ونار وتعذيب وغلّ يدينِ

فإنْ صَدَقوا فيما يقولون إنَّني أتوبُ إلى الرَّحمن في سنتينِ

يعني، أقتل الحسين، ثمّ آخذ ملك الرّيّ، ثم أذهب للحجّ وأتوب لله بعد سنتين، فأكون قد حصَّلت الدّنيا والآخرة. ووافق على أن يقاتل الحسين، ولم يكتفِ بأن يقاتل الحسين بالشَّكل التقليدي، ولكن عندما جاء يوم عاشوراء، وأراد أن يعطي الإذن باعتباره القائد، أخذ سهماً ووضعه في كبد القوس وقال: اشهدوا لي عند الأمير أنَّني أوَّل مَن رَمَى.. أراد أن يثبت إخلاصه للأمير بأنّه أوَّل شخص رمى الحسين (ع).

هذا النموذج، هل هو نموذج عمر بن سعد فقط، أو أنَّ هناك أكثر من نموذج يتمثَّل بهذا الإنسان؟! سواء ممّن يكونون في مراكز القيادة، وقد ينطلقون في بداية حياتهم باسم الثَّورة وباسم الموقف الصَّلب ضدّ الاستكبار، ولكن يأتيهم الاستكبار والاستعمار من بين أيديهم ومن خلفهم، يعطيهم مالاً هنا وجاهاً هناك.. الاستعمار لا يعطي مالاً فقط، ولكنّه يقول لذاك وقّع لنا وواجه الذين يعارضوننا، وأنت يمكن أن تكون رئيس جمهورية، ويمكن أن تكون وزيراً أو رئيس وزراء، أو قائد جيش أو أيَّ شيء من ذلك، والكثيرون يعملون على أن يطووا صفحة تاريخهم "الثوري" و"المبدئي" ليسقطوا أمام ما سقط عمر ابن سعد أمامه، وهي مسألة الجاه والسلطة والمال والقوّة.

حدِّقوا بالنَّاس في أواخر مواقفهم لا في بداياتها، بعض الناس يظلّ يتحدَّث عن تاريخه، أنا فعلت، وأنا ثرت وأنا حرَّرت، وأنا انطلقت، نقول له: صحيحٌ أنَّك ثرت وحرَّرت وعملت، لكن أين أنتَ الآن، وفي أيّ موقع تقف؛ هل تقف مع الَّذين ثرت من أجلهم، أو مع الَّذين ثرت عليهم؟ لقد استطاعت أعمالك ومعارضاتك أن تجعلك الواجهة، وعند ذلك، جاء الآخرون ليأخذوا الواجهة، فيكتبوا عليها أشياء قد تجذب النَّاس إليك، ولكنّك تتحرَّك بالطريق الذي يسيء إلى مستقبل الناس.

لا يخدعنَّكم التَّاريخ وحده، فإنَّ كثيراً من النَّاس يعملون على أن يقرأوا عليكم تاريخهم، ولكن قولوا لهم إنَّ هناك كثيراً من النَّاس الذين ابتلوا بسوء العاقبة، نحن ندعو الله دائماً لنقول: "الّلهمَّ ارزقنا حُسْنَ العاقبة"، لأنَّ كثيراً من الناس ربّما تكون بدايتهم طيّبة ولكن تكون نهايتهم خبيثة...

هذا نموذج عمر بن سعد الذي خسر الدنيا والآخرة، والَّذي قتله المختار الثقفي بعد مقتل الحسين (ع) شرّ قتلة.. وبذلك نعرف، أنّه ليس من الضروريّ أن ينطلق بك أحد ليقول لك هذه الدّنيا أمامك، ليس من الضروريّ أن تحصل على الدّنيا، بل قد تخسر الدّنيا والآخرة، فاحتفظ بالآخرة لنفسك، فإنَّ الله هو الَّذي يعطيك الآخرة ويعطيك الدّنيا معها... والله هو الذي في السماء إلَه وفي الأرض إلَه، وهو الذي يملك الأمر كلّه، فانفتح على الله ولا تنفتح على غيره إلَّا من خلاله.

*من كتاب "آفاق إسلاميّة".

من بين نماذج أعداء الحسين (ع) عمر بن سعد، هذا الرَّجل الذي كان قريباً للحسين (ع) من موقع الخؤولة، فقد كانت هناك قرابة بينه وبين الحسين، ودعاه ابن زياد إلى أن يقود الجيش المتّجه لقتال الحسين في كربلاء، وحاول أن يعتذر، وكان ابن سعد على وعد بأن تكون له ولاية الريّ، فقال له ابن زياد: "أرجع إلينا عهدنا"، فقال له عندما رأى أنّه قد يفقد ولايته على الري: دعني أُفكِّر.. أمهلني ليلة.

وقالوا قضى الّليل كلّه وهو يتقلَّب على فراشه، يقلِّب الأمور، يفكِّر في الحسين وعظمة الحسين وقرابة الحسين منه، ويشعر بخطورة قتل الحسين، ويفكِّر في الجانب الثَّاني بملك الريّ، والزعامة والسلطة والمال وغير ذلك، فيجذبه ذلك إلى أن يقبل، وقد قيل عن لسانه أو هو كان يقول:

فوالله ما أدري وإنِّي لحائرٌ أُفكِّر في أمري على خطرينِ

أأترك مُلْكَ الرّيِّ والرّيُّ منيتي أم أرجع مأثوماً بقتلِ حسينِ

وهكذا كان يعطي لنفسه الفكرة أنَّ في قتل الحسين النَّار، ثمّ جاءه الشَّيطان يطرح عليه حلًّا.. راقبوا الحلول الشيطانيَّة فيما يطرحه عليكم في كثير من المواقف:

يقولون إنَّ الله خالق جنّة ونار وتعذيب وغلّ يدينِ

فإنْ صَدَقوا فيما يقولون إنَّني أتوبُ إلى الرَّحمن في سنتينِ

يعني، أقتل الحسين، ثمّ آخذ ملك الرّيّ، ثم أذهب للحجّ وأتوب لله بعد سنتين، فأكون قد حصَّلت الدّنيا والآخرة. ووافق على أن يقاتل الحسين، ولم يكتفِ بأن يقاتل الحسين بالشَّكل التقليدي، ولكن عندما جاء يوم عاشوراء، وأراد أن يعطي الإذن باعتباره القائد، أخذ سهماً ووضعه في كبد القوس وقال: اشهدوا لي عند الأمير أنَّني أوَّل مَن رَمَى.. أراد أن يثبت إخلاصه للأمير بأنّه أوَّل شخص رمى الحسين (ع).

هذا النموذج، هل هو نموذج عمر بن سعد فقط، أو أنَّ هناك أكثر من نموذج يتمثَّل بهذا الإنسان؟! سواء ممّن يكونون في مراكز القيادة، وقد ينطلقون في بداية حياتهم باسم الثَّورة وباسم الموقف الصَّلب ضدّ الاستكبار، ولكن يأتيهم الاستكبار والاستعمار من بين أيديهم ومن خلفهم، يعطيهم مالاً هنا وجاهاً هناك.. الاستعمار لا يعطي مالاً فقط، ولكنّه يقول لذاك وقّع لنا وواجه الذين يعارضوننا، وأنت يمكن أن تكون رئيس جمهورية، ويمكن أن تكون وزيراً أو رئيس وزراء، أو قائد جيش أو أيَّ شيء من ذلك، والكثيرون يعملون على أن يطووا صفحة تاريخهم "الثوري" و"المبدئي" ليسقطوا أمام ما سقط عمر ابن سعد أمامه، وهي مسألة الجاه والسلطة والمال والقوّة.

حدِّقوا بالنَّاس في أواخر مواقفهم لا في بداياتها، بعض الناس يظلّ يتحدَّث عن تاريخه، أنا فعلت، وأنا ثرت وأنا حرَّرت، وأنا انطلقت، نقول له: صحيحٌ أنَّك ثرت وحرَّرت وعملت، لكن أين أنتَ الآن، وفي أيّ موقع تقف؛ هل تقف مع الَّذين ثرت من أجلهم، أو مع الَّذين ثرت عليهم؟ لقد استطاعت أعمالك ومعارضاتك أن تجعلك الواجهة، وعند ذلك، جاء الآخرون ليأخذوا الواجهة، فيكتبوا عليها أشياء قد تجذب النَّاس إليك، ولكنّك تتحرَّك بالطريق الذي يسيء إلى مستقبل الناس.

لا يخدعنَّكم التَّاريخ وحده، فإنَّ كثيراً من النَّاس يعملون على أن يقرأوا عليكم تاريخهم، ولكن قولوا لهم إنَّ هناك كثيراً من النَّاس الذين ابتلوا بسوء العاقبة، نحن ندعو الله دائماً لنقول: "الّلهمَّ ارزقنا حُسْنَ العاقبة"، لأنَّ كثيراً من الناس ربّما تكون بدايتهم طيّبة ولكن تكون نهايتهم خبيثة...

هذا نموذج عمر بن سعد الذي خسر الدنيا والآخرة، والَّذي قتله المختار الثقفي بعد مقتل الحسين (ع) شرّ قتلة.. وبذلك نعرف، أنّه ليس من الضروريّ أن ينطلق بك أحد ليقول لك هذه الدّنيا أمامك، ليس من الضروريّ أن تحصل على الدّنيا، بل قد تخسر الدّنيا والآخرة، فاحتفظ بالآخرة لنفسك، فإنَّ الله هو الَّذي يعطيك الآخرة ويعطيك الدّنيا معها... والله هو الذي في السماء إلَه وفي الأرض إلَه، وهو الذي يملك الأمر كلّه، فانفتح على الله ولا تنفتح على غيره إلَّا من خلاله.

*من كتاب "آفاق إسلاميّة".

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير