من وحي الجريمة الأولى في التاريخ لنزرع المحبة بدل الحقد، والخير بدل الشر.

من وحي الجريمة الأولى في التاريخ لنزرع المحبة بدل الحقد، والخير بدل الشر.

من وحي الجريمة الأولى في التاريخ
لنزرع المحبة بدل الحقد، والخير بدل الشر.


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى: 

جريمة قابيل درس للعبرة

تحدّث القرآن الكريم عن أول جريمة في تاريخ الإنسانية، لتكون عبرةً للناس، ولتخطّ القاعدة العامة التي تؤكد الاحترام الديني لحياة الإنسان، وهي قصة الأخوين قابيل وهابيل، هذان الولدان لآدم(ع)، ولا بد أنه قد حدّثهما عن مشكلته مع إبليس، عندما وسوس له ولزوجه ليخرجهما من الجنة، في عملية خداع استعمل فيها اليمين المغلّظة بالله بالطريقة التي لم يدع لهما أيّ شك في صدقه، وكان إبليس منطلقاً في تصرفه من عقدة الحسد، لأن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم ولم يأمرهم بالسجود لإبليس الذي يرى أن عنصره أفضل من عنصر آدم (ع)، لأن عنصره من النار وعنصر آدم من التراب، والنار تفني التراب.

ولكن المشكلة في بعض الأبناء والناس أنهم قد يستمعون الموعظة ويسمعون الدرس ولكنهم لا يتعظون بذلك، وتلك مشكلة هابيل وقابيل، فقد كان الله قد طلب من كلٍ منهما أن يقرّب قرباناً له، ويضعه في مكان فتأتي نار إلهية فإذا أكلت القربان كان ذلك علامة على قبول الله له، وإذا تركته على حاله كان ذلك دليلاً على عدم قبول الله لهذا القربان، وهكذا وقف قابيل وهابيل، فقرّبا قرباناً لله، فجاءت هذه النار القدسية الخاصة وأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، هنا ثار الحسد في قلب قابيل وهدد أخاه بأن يقتله، لا لشيء، إلا لأن الله تقبل قربان أخيه ولم ويتقبل قربانه.

بين نموذجي هابيل وقابيل

والقرآن الكريم يحدّثنا عن هذه القصة لنتأمل في خلفيات شخصية هابيل وقابيل، باعتبار أنهما شخصيتان تمثلان قيمتين مؤثرتين في الواقع الإنساني، قيمة سلبية في قابيل، وقيمة إيجابية في هابيل، ولأنّ الله تعالى يريد لنا أن نستوحي ذلك في كل المسيرة الإنسانية فلنقرأ بعض هذه الآيات، ولنستوحِ ما يفيدنا في حياتنا: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ـ بالقصة التي هي قصة حق لا باطل فيها ـ إذ قربا قرباناً فتُقبّل من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر قال الآخر ـ الذي لم يتقبل قربانه ـ لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ـ فلا علاقة لي بالأمر، لأن قضية قبول الله للقربان، هي أن الله تعالى يعلم صدق هذا الإنسان الذي يقرب قربانه في عبوديته لله وإخلاصه وطاعته له والتي هي دليل التقوى، فلماذا تلقي بالمسؤولية عليّ، وتنأى بنفسك عنها، ادرس حياتك، ما هي علاقتك بالله في روحك، وفي الالتزام بالحق في عقلك، وفي الانفتاح على الخير والمحبة في قلبك، وفي التأكيد على العدل في حياتك، ادرس نفسك لماذا لم تتق الله في حياتك ـ لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ـ فأنا لا أستحل الدم الحرام، فأنت أخي، ولم تقم حتى الآن بأي عمل ضدي يستوجب القتل، والله تعالى علّمني في رسالته أن لا أقتل الناس، بل أن أعيش معهم بالأسلوب السلمي، فليس العنف هو الأسلوب الذي يريدنا الله أن نتعامل به مع الناس في مجتمعاتنا، ولا يريد لهم أن يعتدوا على بعضهم البعض لمجرد اختلافهم في بعض الأفكار، ولا يريد للحسد أن يعيش في قلب الإنسان، لأنه يأكل قلبه ويجعله يعيش حالة من القلق والتعقيد، فيبتعد بذلك عن الصفاء الإنساني، لماذا تحسد الناس؟ إن الله يعطي الناس ما يعطيهم على حسب حكمته، فلماذا تتمنى زوال نعمة المحسود ليعطيك الله تلك النعمة، بل اطلب من الله أن يعطيك مثل ما أعطاه، فلماذا تحمل العقدة ضد المحسود، فقد عمل وتعلّم وأنت لم تعمل ولم تتعلّم، وإذا كنت تحسده على جماله، فإن الله هو الذي أعطاه هذا الجمال ـ إنني أخاف الله رب العالمين ـ والله تعالى نهاني عن قتل الناس بغير حق ـ إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك}.

وهنا، قد يطرح الناس سؤالاً: لماذا لم يدافع هابيل عن نفسه، وللإنسان الحق في الدفاع عن نفسه؟ ما هي الطريقة في القتل، هل كانت اغتيالاً أو أنه استسلم له، أم دافع عن نفسه ولكنه تغلّب عليه؟ القرآن الكريم لم يتحدث عن هذه الجزئيات، لأن القرآن ليس كتاب قصة يلهو بها الناس، ولكنه يمثل قصة يراد منها تخطيط المبادئ التي لا بد للناس أن يستوحوها من هذه القصة من أجل أن يستفيدوا منها، والله تعالى يقول: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}.

العصبيات تنتج التدمير

وحصلت الجريمة، وأصبح قابيل من الخاسرين في الدنيا والآخرة. هنا نحاول أن نستوحي هاتين الشخصيتين؛ شخصية الإنسان العدواني الذي يعيش في داخل عقده النفسية، والذي يربي نفسه على الحقد على الناس، نتيجة حسد أو مصلحة أو عصبية أو ما إلى ذلك، وهناك نموذج من الناس مثل العقرب الذي لا يعرف إلا أن يلسع، لأن من طبيعته اللسع، وهناك بعض الناس من طبيعته الحقد الذي يربي الآخرين عليه، كما يحدثنا القرآن الكريم عن بعض الناس الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، وهذا ما نلاحظه في العصبيات التي تعيش في مجتمعاتنا؛ العصبيات الحزبية والعائلية والشخصانية والطائفية، هذه العصبيات التي ترتكز على إلغاء الآخر، بحيث يكون غير مستعد للاعتراف به وبوجوده وبإمكاناته التي يحتاجها الناس، وهذه هي معادلة قابيل "أنا لا الآخر"..

هذا نموذجٌ من العصبيات التي تدفع صاحبها إلى العدوان على الآخر، سواء على طريقة قابيل بقتله جسدياً، أو على طريقة قتله معنوياً من خلال إسقاطه عند الناس؛ هذه العصبية التي تجعل الإنسان يعيش في داخل زنزانة، وهناك نموذج آخر يفكر بأن الحياة تتّسع لكل الناس، والله ربّ العالمين جميعاً يعطي كل الناس، ويمكن للمحبة أن تنتج كل ما يحتاجه الإنسان، أما الحقد فإنه لا ينتج إلا التدمير، ويمكن للناس أن يعيشوا مع بعضهم البعض ولو اختلفوا، لأن الاختلاف يمكن أن يُحلّ بالحوار، وهذه هي الفكرة "الهابيلية"، فكرة اللاعنف، والتي لا تتعارض مع مواجهة الذين يفرضون عليك القتال والاعتداء، أما على مستوى مجتمعاتنا، فعلينا أن نؤمن باللاعنف من أجل تقدّم الحياة ونموّها.

وهذا هو الذي يتحرك مع هذه المعادلة الإنسانية: "أنا والآخر"، لأننا معاً نستطيع أن نبني الحياة، ولأنّ الذين دمّروا الحياة إنما نسيتهم الحياة ولعنتهم، كما أن الذين ركّبوا الحقد في الناس وأنتجوه، وماتوا وبقي الذين أنتجوا المحبة.

وبعد أن قتل قابيل هابيل حمله على ظهره، لا يعرف ماذا يفعل به، فأراد الله تعالى أن يعلّمه كيف يدفنه، فبعث الله غرابين تقاتلا فقتل أحدهما الآخر، فأراه كيف يبحث في الأرض ليريه كيف يدفن أخاه، فقال قابيل: {يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين* من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس ـ بغير حالة قصاص ـ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ـ لأن الله تعالى لا يقبل المبدأ وهو قتل الحياة ـ ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}.

هذا درس ابني آدم، وما زال الكثيرون من أبناء آدم يحسدون ويتعصبون ويزرعون الحقد في الناس، فلنزرع المحبة بدلاً من الحقد، ولنزرع الخير بدلاً من الشر، ولنزرع التواصل بدلاً من التقاطع، لأن ذلك هو الذي يبني الحياة ويجعلنا عباد الله المؤمنين.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا كل الذين يعملون على أن يسقطوا الإنسان في عقله وروحه وكل حياته، ليدمروه في كل أوضاعه، استكباراً في الأرض، وحقداً على الإنسانية، وتحريكاً للفوضى لمصلحة الاستكبار والمستكبرين. واجهوا الموقف من أجل حماية الإنسان من الذين يريدون أن يظلموه ويقتلوا اقتصاده وسياسته وأمنه، فإننا مسؤولون جميعاً عن مواجهة كل المفسدين في الأرض الذين يقتلون النفس التي حرم الله، لا سيما وأننا نعيش في هذه المرحلة تحديات المفسدين الكبار الذين يعيشون الاستكبار، على مستوى إسقاط الشعوب المستضعفة تحت تأثير مطامعهم ومصالحهم. فماذا هناك؟

الشعب الفلسطيني يتابع الانتفاضة بالعمليات الاستشهادية، تأكيداً على أن حوار القاهرة لا يصل بالفصائل الجهادية إلى تجميد الانتفاضة بتجميد تلك العمليات، بالرغم من التنظير الأخلاقي الذي يحاول إعطاء هذه العمليات بُعداً غير إنساني وحركة غير سياسية، تماماً كما لو كانت المسألة مسألة عدوان على المدنيين الأبرياء من دون مناسبة، كأية عملية مفصولة عن كل الظروف المحيطة بها..

والسؤال لكل هؤلاء الذين يتبرّعون بتصريحات الشجب والاستنكار: ماذا يفعل الفلسطينيون ليرفعوا عن كواهلهم كل هذه الضغوط الصهيونية والعربية والدولية التي لا تحرّك ساكناً أمام الجرائم الإسرائيلية، تدميراً واغتيالاً وقتلاً للأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين، باستعمال الأسلحة المدمّرة التي هي من أسلحة الحروب الكبرى؟ وكيف يتخلّصون من الاحتلال؟ وماذا فعلت اللجنة الرباعية الدولية في تخفيف الآلام القاسية التي يعاني منها هذا الشعب، وهي التي تتحرك في نطاق المتاهات الإسرائيلية التي تنقل المشروع الرباعي من تاريخ إلى تاريخ، ومن تعديل إلى تعديل، من دون أيّ ضغط أمريكي؟

نموذج الديمقراطية الأمريكية: قتل وإرهاب

إن المسألة هي أن هذا الشعب قد حُشر في زنزانة سياسية واقتصادية وأمنية، وأن العدو يعمل على تدمير كل أمنه، وليس له إلا أن يقتحم الأمن الإسرائيلي بالآلية التي يملكها في مواجهة ذلك كله..

ثم، إننا نسأل الرئيس الأمريكي "بوش" الذي يتابع تصريحاته بمناسبة وأخرى، بالاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بالطريقة التي تراها مناسبة، إننا نسأله: ماذا عن إغلاق ثلاث جامعات علمية، وماذا عن تقطيع أوصال المناطق الفلسطينية المحتلة الذي يمنع الناس من التنقّل بين بلد وبلد؟ وماذا يعني العقاب الجماعي للشعب كله إذا لم يكن هذا جزءاً منه؟ وما هي حيثيات الدفاع عن النفس لدى الرئيس الأمريكي في منع السلطة الفلسطينية من الاجتماع لإصلاح أوضاعها كما تطالب اللجنة الرباعية الدولية بذلك؟ وما هي الحيثيات التي تمنع الوفد الفلسطيني من الذهاب إلى مؤتمر لندن الذي قيل إنه من أجل بحث قضية الإصلاح الفلسطيني؟ ثم، إذا كانت بعض الفصائل قد قامت بالعملية الاستشهادية، فهل يبرر ذلك العقاب الجماعي الذي يتولى فيه الجيش الصهيوني الهجوم على المخيمات المكتظة بالسكان، ما يؤدي إلى مزيدٍ من قتل المدنيين، لا سيما الأطفال؟!

ثم، هل يريد الرئيس "بوش" أن يقدّم للعالم العربي والإسلامي نموذجاً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تؤمن بها أمريكا، بإطلاق يد إسرائيل بتدمير شعب بأكمله واحتلال أراضيه تحت شعار المقولة الأمريكية بالدفاع عن النفس؟ وألا يجد هذا الرئيس وإدارته الجواب عن السؤال الدائم عندهم: لماذا يكرهنا العرب والمسلمون؟؟

حرب المصالح الأمريكية

وفي هذا الجو، تدق أمريكا طبول الحرب في المنطقة، لا لإنقاذ شعب العراق الذي أعلنت أنها ستفرض عليه احتلالها الطويل من أجل تحديث نظامه، تماماً كما هي الحجة التي كان يقدّمها الاستعمار القديم للشعوب بأنهم جاؤوا محررين معمّرين لا محتلين، وكانت الخدعة الكبرى التي يعرفها الجميع..

إننا نعتقد أن الشعب العراقي بحاجة إلى التخلّص من هذا الكابوس الجاثم فوق صدره، في الحصار الداخلي والخارجي الذي شرّد الملايين من بلدهم.. ولكن السؤال هو: هل يتحقق ذلك بالاحتلال الأمريكي للعراق، والكل يعرف أن المرحلة هي مرحلة سيطرة العصر الأمريكي على المنطقة كلها من أجل تحقيق المصالح الأمريكية الاقتصادية والأمنية والسياسية، وتحويل المنطقة ـ ولا سيما الخليجية ـ إلى قاعدة عسكرية للعدوان على كل شعوب المنطقة، ولمحاصرة إيران وسوريا وغيرهما في مواجهة أية معارضة للعدو الإسرائيلي الذي منحته أمريكا والأمم المتحدة حرية امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة النووية، من أجل العدوان على المنطقة العربية والإسلامية؟؟

التهديدات الإسرائيلية: حرب إعلامية وقائية

وأخيراً، لا تزال التهديدات الإسرائيلية تتوالى ضد لبنان، والتي لا تخرج ـ حتى الآن ـ عن الحرب الإعلامية الوقائية، لأن العدو يعرف جيداً الثمن الذي سوف يدفعه من العدوان على لبنان الذي لم يعد مكسر عصا له.. ولكن السؤال عن المستوى الذي بلغته السياسة اللبنانية من المستوى الهابط الذي لا يشرّف بلداً حضارياً في مستوى شعبه، ولا سيما في الدائرة الإعلامية التي تؤكد ـ دائماً ـ على أن الحرية فيها لا يجوز أن تصل إلى الحدّ الذي يعقّد علاقة لبنان بأشقائه وأصدقائه، مما لا يؤخّر أو يقدّم شيئاً في الموضوع..

ولكن نقول للمسؤولين: إذا كان لبنان دولة القانون ـ كما هو دولة الحريات ـ فلا بد للجميع من الخضوع للدستور الذي ينظّم للمسؤولين قراراتهم، كما يفرض على الشعب اللبناني مسؤولياته، وإذا كان هناك خطأ في بعض القوانين فعلى المجلس النيابي بالتفاهم مع السلطات التنفيذية أن يقوم بتصحيح ذلك الخطأ، من دون أن نعرّض البلد لهزّات حكومية أو شعبية بين وقت وآخر، بالدرجة التي يبتعد فيها الشعب كله عن مواجهة الأخطار المحدقة بالبلد داخلياً وخارجياً..

وفي جانب آخر، فإننا نستنكر الأعمال الإجرامية الثأرية التي حدثت مؤخراً في منطقة البقاع، وندعو العقلاء والمصلحين إلى السيطرة على هذه العادات المتخلّفة التي تؤدي إلى سقوط الأبرياء من هنا وهناك.. كما ندعو الدولة إلى الوقوف بحزم أمام هذه الجرائم المتحركة، بالإضافة إلى الجرائم الوحشية الأخرى في الاعتداء على القضاء وعلى الأبرياء من المواطنين..

كونوا المسؤولين.. المسؤولين

ونريد للدولة أن تعمل على الاهتمام بالمناطق المحرومة، ولا سيما البقاع وعكار، وذلك بالقيام بالمشاريع الإنمائية والإنتاجية، لأن ذلك هو الذي يؤدي إلى رفع المستوى الشعبي الذي يقبل على الحياة ويبتعد عن الموت، وأن لا يكون كلّ همّها أن تجعل من الشعب بقرة حلوباً، بفرض الضرائب التي تطال الفقراء والفئة المتوسطة أكثر مما تطال الأغنياء، بحجة تغطية عجز الموازنة التي تتحمّل الحكومات، ومنها هذه الحكومة، مسؤولية المديونية المليارية بفعل أكثر من سياسة خاطئة..

أيها المسؤولون: إن الشعب فقير فلا تفقروه أكثر، وإن الشعب جائع فلا تجوّعوه أكثر، وإن الشعب عاطل عن العمل فلا تفرضوا عليه البطالة أكثر.. أيها المسؤولون: كونوا المسؤولين المسؤولين.

من وحي الجريمة الأولى في التاريخ
لنزرع المحبة بدل الحقد، والخير بدل الشر.


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى: 

جريمة قابيل درس للعبرة

تحدّث القرآن الكريم عن أول جريمة في تاريخ الإنسانية، لتكون عبرةً للناس، ولتخطّ القاعدة العامة التي تؤكد الاحترام الديني لحياة الإنسان، وهي قصة الأخوين قابيل وهابيل، هذان الولدان لآدم(ع)، ولا بد أنه قد حدّثهما عن مشكلته مع إبليس، عندما وسوس له ولزوجه ليخرجهما من الجنة، في عملية خداع استعمل فيها اليمين المغلّظة بالله بالطريقة التي لم يدع لهما أيّ شك في صدقه، وكان إبليس منطلقاً في تصرفه من عقدة الحسد، لأن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم ولم يأمرهم بالسجود لإبليس الذي يرى أن عنصره أفضل من عنصر آدم (ع)، لأن عنصره من النار وعنصر آدم من التراب، والنار تفني التراب.

ولكن المشكلة في بعض الأبناء والناس أنهم قد يستمعون الموعظة ويسمعون الدرس ولكنهم لا يتعظون بذلك، وتلك مشكلة هابيل وقابيل، فقد كان الله قد طلب من كلٍ منهما أن يقرّب قرباناً له، ويضعه في مكان فتأتي نار إلهية فإذا أكلت القربان كان ذلك علامة على قبول الله له، وإذا تركته على حاله كان ذلك دليلاً على عدم قبول الله لهذا القربان، وهكذا وقف قابيل وهابيل، فقرّبا قرباناً لله، فجاءت هذه النار القدسية الخاصة وأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، هنا ثار الحسد في قلب قابيل وهدد أخاه بأن يقتله، لا لشيء، إلا لأن الله تقبل قربان أخيه ولم ويتقبل قربانه.

بين نموذجي هابيل وقابيل

والقرآن الكريم يحدّثنا عن هذه القصة لنتأمل في خلفيات شخصية هابيل وقابيل، باعتبار أنهما شخصيتان تمثلان قيمتين مؤثرتين في الواقع الإنساني، قيمة سلبية في قابيل، وقيمة إيجابية في هابيل، ولأنّ الله تعالى يريد لنا أن نستوحي ذلك في كل المسيرة الإنسانية فلنقرأ بعض هذه الآيات، ولنستوحِ ما يفيدنا في حياتنا: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ـ بالقصة التي هي قصة حق لا باطل فيها ـ إذ قربا قرباناً فتُقبّل من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر قال الآخر ـ الذي لم يتقبل قربانه ـ لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ـ فلا علاقة لي بالأمر، لأن قضية قبول الله للقربان، هي أن الله تعالى يعلم صدق هذا الإنسان الذي يقرب قربانه في عبوديته لله وإخلاصه وطاعته له والتي هي دليل التقوى، فلماذا تلقي بالمسؤولية عليّ، وتنأى بنفسك عنها، ادرس حياتك، ما هي علاقتك بالله في روحك، وفي الالتزام بالحق في عقلك، وفي الانفتاح على الخير والمحبة في قلبك، وفي التأكيد على العدل في حياتك، ادرس نفسك لماذا لم تتق الله في حياتك ـ لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ـ فأنا لا أستحل الدم الحرام، فأنت أخي، ولم تقم حتى الآن بأي عمل ضدي يستوجب القتل، والله تعالى علّمني في رسالته أن لا أقتل الناس، بل أن أعيش معهم بالأسلوب السلمي، فليس العنف هو الأسلوب الذي يريدنا الله أن نتعامل به مع الناس في مجتمعاتنا، ولا يريد لهم أن يعتدوا على بعضهم البعض لمجرد اختلافهم في بعض الأفكار، ولا يريد للحسد أن يعيش في قلب الإنسان، لأنه يأكل قلبه ويجعله يعيش حالة من القلق والتعقيد، فيبتعد بذلك عن الصفاء الإنساني، لماذا تحسد الناس؟ إن الله يعطي الناس ما يعطيهم على حسب حكمته، فلماذا تتمنى زوال نعمة المحسود ليعطيك الله تلك النعمة، بل اطلب من الله أن يعطيك مثل ما أعطاه، فلماذا تحمل العقدة ضد المحسود، فقد عمل وتعلّم وأنت لم تعمل ولم تتعلّم، وإذا كنت تحسده على جماله، فإن الله هو الذي أعطاه هذا الجمال ـ إنني أخاف الله رب العالمين ـ والله تعالى نهاني عن قتل الناس بغير حق ـ إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك}.

وهنا، قد يطرح الناس سؤالاً: لماذا لم يدافع هابيل عن نفسه، وللإنسان الحق في الدفاع عن نفسه؟ ما هي الطريقة في القتل، هل كانت اغتيالاً أو أنه استسلم له، أم دافع عن نفسه ولكنه تغلّب عليه؟ القرآن الكريم لم يتحدث عن هذه الجزئيات، لأن القرآن ليس كتاب قصة يلهو بها الناس، ولكنه يمثل قصة يراد منها تخطيط المبادئ التي لا بد للناس أن يستوحوها من هذه القصة من أجل أن يستفيدوا منها، والله تعالى يقول: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}.

العصبيات تنتج التدمير

وحصلت الجريمة، وأصبح قابيل من الخاسرين في الدنيا والآخرة. هنا نحاول أن نستوحي هاتين الشخصيتين؛ شخصية الإنسان العدواني الذي يعيش في داخل عقده النفسية، والذي يربي نفسه على الحقد على الناس، نتيجة حسد أو مصلحة أو عصبية أو ما إلى ذلك، وهناك نموذج من الناس مثل العقرب الذي لا يعرف إلا أن يلسع، لأن من طبيعته اللسع، وهناك بعض الناس من طبيعته الحقد الذي يربي الآخرين عليه، كما يحدثنا القرآن الكريم عن بعض الناس الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، وهذا ما نلاحظه في العصبيات التي تعيش في مجتمعاتنا؛ العصبيات الحزبية والعائلية والشخصانية والطائفية، هذه العصبيات التي ترتكز على إلغاء الآخر، بحيث يكون غير مستعد للاعتراف به وبوجوده وبإمكاناته التي يحتاجها الناس، وهذه هي معادلة قابيل "أنا لا الآخر"..

هذا نموذجٌ من العصبيات التي تدفع صاحبها إلى العدوان على الآخر، سواء على طريقة قابيل بقتله جسدياً، أو على طريقة قتله معنوياً من خلال إسقاطه عند الناس؛ هذه العصبية التي تجعل الإنسان يعيش في داخل زنزانة، وهناك نموذج آخر يفكر بأن الحياة تتّسع لكل الناس، والله ربّ العالمين جميعاً يعطي كل الناس، ويمكن للمحبة أن تنتج كل ما يحتاجه الإنسان، أما الحقد فإنه لا ينتج إلا التدمير، ويمكن للناس أن يعيشوا مع بعضهم البعض ولو اختلفوا، لأن الاختلاف يمكن أن يُحلّ بالحوار، وهذه هي الفكرة "الهابيلية"، فكرة اللاعنف، والتي لا تتعارض مع مواجهة الذين يفرضون عليك القتال والاعتداء، أما على مستوى مجتمعاتنا، فعلينا أن نؤمن باللاعنف من أجل تقدّم الحياة ونموّها.

وهذا هو الذي يتحرك مع هذه المعادلة الإنسانية: "أنا والآخر"، لأننا معاً نستطيع أن نبني الحياة، ولأنّ الذين دمّروا الحياة إنما نسيتهم الحياة ولعنتهم، كما أن الذين ركّبوا الحقد في الناس وأنتجوه، وماتوا وبقي الذين أنتجوا المحبة.

وبعد أن قتل قابيل هابيل حمله على ظهره، لا يعرف ماذا يفعل به، فأراد الله تعالى أن يعلّمه كيف يدفنه، فبعث الله غرابين تقاتلا فقتل أحدهما الآخر، فأراه كيف يبحث في الأرض ليريه كيف يدفن أخاه، فقال قابيل: {يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين* من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس ـ بغير حالة قصاص ـ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ـ لأن الله تعالى لا يقبل المبدأ وهو قتل الحياة ـ ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}.

هذا درس ابني آدم، وما زال الكثيرون من أبناء آدم يحسدون ويتعصبون ويزرعون الحقد في الناس، فلنزرع المحبة بدلاً من الحقد، ولنزرع الخير بدلاً من الشر، ولنزرع التواصل بدلاً من التقاطع، لأن ذلك هو الذي يبني الحياة ويجعلنا عباد الله المؤمنين.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا كل الذين يعملون على أن يسقطوا الإنسان في عقله وروحه وكل حياته، ليدمروه في كل أوضاعه، استكباراً في الأرض، وحقداً على الإنسانية، وتحريكاً للفوضى لمصلحة الاستكبار والمستكبرين. واجهوا الموقف من أجل حماية الإنسان من الذين يريدون أن يظلموه ويقتلوا اقتصاده وسياسته وأمنه، فإننا مسؤولون جميعاً عن مواجهة كل المفسدين في الأرض الذين يقتلون النفس التي حرم الله، لا سيما وأننا نعيش في هذه المرحلة تحديات المفسدين الكبار الذين يعيشون الاستكبار، على مستوى إسقاط الشعوب المستضعفة تحت تأثير مطامعهم ومصالحهم. فماذا هناك؟

الشعب الفلسطيني يتابع الانتفاضة بالعمليات الاستشهادية، تأكيداً على أن حوار القاهرة لا يصل بالفصائل الجهادية إلى تجميد الانتفاضة بتجميد تلك العمليات، بالرغم من التنظير الأخلاقي الذي يحاول إعطاء هذه العمليات بُعداً غير إنساني وحركة غير سياسية، تماماً كما لو كانت المسألة مسألة عدوان على المدنيين الأبرياء من دون مناسبة، كأية عملية مفصولة عن كل الظروف المحيطة بها..

والسؤال لكل هؤلاء الذين يتبرّعون بتصريحات الشجب والاستنكار: ماذا يفعل الفلسطينيون ليرفعوا عن كواهلهم كل هذه الضغوط الصهيونية والعربية والدولية التي لا تحرّك ساكناً أمام الجرائم الإسرائيلية، تدميراً واغتيالاً وقتلاً للأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين، باستعمال الأسلحة المدمّرة التي هي من أسلحة الحروب الكبرى؟ وكيف يتخلّصون من الاحتلال؟ وماذا فعلت اللجنة الرباعية الدولية في تخفيف الآلام القاسية التي يعاني منها هذا الشعب، وهي التي تتحرك في نطاق المتاهات الإسرائيلية التي تنقل المشروع الرباعي من تاريخ إلى تاريخ، ومن تعديل إلى تعديل، من دون أيّ ضغط أمريكي؟

نموذج الديمقراطية الأمريكية: قتل وإرهاب

إن المسألة هي أن هذا الشعب قد حُشر في زنزانة سياسية واقتصادية وأمنية، وأن العدو يعمل على تدمير كل أمنه، وليس له إلا أن يقتحم الأمن الإسرائيلي بالآلية التي يملكها في مواجهة ذلك كله..

ثم، إننا نسأل الرئيس الأمريكي "بوش" الذي يتابع تصريحاته بمناسبة وأخرى، بالاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بالطريقة التي تراها مناسبة، إننا نسأله: ماذا عن إغلاق ثلاث جامعات علمية، وماذا عن تقطيع أوصال المناطق الفلسطينية المحتلة الذي يمنع الناس من التنقّل بين بلد وبلد؟ وماذا يعني العقاب الجماعي للشعب كله إذا لم يكن هذا جزءاً منه؟ وما هي حيثيات الدفاع عن النفس لدى الرئيس الأمريكي في منع السلطة الفلسطينية من الاجتماع لإصلاح أوضاعها كما تطالب اللجنة الرباعية الدولية بذلك؟ وما هي الحيثيات التي تمنع الوفد الفلسطيني من الذهاب إلى مؤتمر لندن الذي قيل إنه من أجل بحث قضية الإصلاح الفلسطيني؟ ثم، إذا كانت بعض الفصائل قد قامت بالعملية الاستشهادية، فهل يبرر ذلك العقاب الجماعي الذي يتولى فيه الجيش الصهيوني الهجوم على المخيمات المكتظة بالسكان، ما يؤدي إلى مزيدٍ من قتل المدنيين، لا سيما الأطفال؟!

ثم، هل يريد الرئيس "بوش" أن يقدّم للعالم العربي والإسلامي نموذجاً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تؤمن بها أمريكا، بإطلاق يد إسرائيل بتدمير شعب بأكمله واحتلال أراضيه تحت شعار المقولة الأمريكية بالدفاع عن النفس؟ وألا يجد هذا الرئيس وإدارته الجواب عن السؤال الدائم عندهم: لماذا يكرهنا العرب والمسلمون؟؟

حرب المصالح الأمريكية

وفي هذا الجو، تدق أمريكا طبول الحرب في المنطقة، لا لإنقاذ شعب العراق الذي أعلنت أنها ستفرض عليه احتلالها الطويل من أجل تحديث نظامه، تماماً كما هي الحجة التي كان يقدّمها الاستعمار القديم للشعوب بأنهم جاؤوا محررين معمّرين لا محتلين، وكانت الخدعة الكبرى التي يعرفها الجميع..

إننا نعتقد أن الشعب العراقي بحاجة إلى التخلّص من هذا الكابوس الجاثم فوق صدره، في الحصار الداخلي والخارجي الذي شرّد الملايين من بلدهم.. ولكن السؤال هو: هل يتحقق ذلك بالاحتلال الأمريكي للعراق، والكل يعرف أن المرحلة هي مرحلة سيطرة العصر الأمريكي على المنطقة كلها من أجل تحقيق المصالح الأمريكية الاقتصادية والأمنية والسياسية، وتحويل المنطقة ـ ولا سيما الخليجية ـ إلى قاعدة عسكرية للعدوان على كل شعوب المنطقة، ولمحاصرة إيران وسوريا وغيرهما في مواجهة أية معارضة للعدو الإسرائيلي الذي منحته أمريكا والأمم المتحدة حرية امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة النووية، من أجل العدوان على المنطقة العربية والإسلامية؟؟

التهديدات الإسرائيلية: حرب إعلامية وقائية

وأخيراً، لا تزال التهديدات الإسرائيلية تتوالى ضد لبنان، والتي لا تخرج ـ حتى الآن ـ عن الحرب الإعلامية الوقائية، لأن العدو يعرف جيداً الثمن الذي سوف يدفعه من العدوان على لبنان الذي لم يعد مكسر عصا له.. ولكن السؤال عن المستوى الذي بلغته السياسة اللبنانية من المستوى الهابط الذي لا يشرّف بلداً حضارياً في مستوى شعبه، ولا سيما في الدائرة الإعلامية التي تؤكد ـ دائماً ـ على أن الحرية فيها لا يجوز أن تصل إلى الحدّ الذي يعقّد علاقة لبنان بأشقائه وأصدقائه، مما لا يؤخّر أو يقدّم شيئاً في الموضوع..

ولكن نقول للمسؤولين: إذا كان لبنان دولة القانون ـ كما هو دولة الحريات ـ فلا بد للجميع من الخضوع للدستور الذي ينظّم للمسؤولين قراراتهم، كما يفرض على الشعب اللبناني مسؤولياته، وإذا كان هناك خطأ في بعض القوانين فعلى المجلس النيابي بالتفاهم مع السلطات التنفيذية أن يقوم بتصحيح ذلك الخطأ، من دون أن نعرّض البلد لهزّات حكومية أو شعبية بين وقت وآخر، بالدرجة التي يبتعد فيها الشعب كله عن مواجهة الأخطار المحدقة بالبلد داخلياً وخارجياً..

وفي جانب آخر، فإننا نستنكر الأعمال الإجرامية الثأرية التي حدثت مؤخراً في منطقة البقاع، وندعو العقلاء والمصلحين إلى السيطرة على هذه العادات المتخلّفة التي تؤدي إلى سقوط الأبرياء من هنا وهناك.. كما ندعو الدولة إلى الوقوف بحزم أمام هذه الجرائم المتحركة، بالإضافة إلى الجرائم الوحشية الأخرى في الاعتداء على القضاء وعلى الأبرياء من المواطنين..

كونوا المسؤولين.. المسؤولين

ونريد للدولة أن تعمل على الاهتمام بالمناطق المحرومة، ولا سيما البقاع وعكار، وذلك بالقيام بالمشاريع الإنمائية والإنتاجية، لأن ذلك هو الذي يؤدي إلى رفع المستوى الشعبي الذي يقبل على الحياة ويبتعد عن الموت، وأن لا يكون كلّ همّها أن تجعل من الشعب بقرة حلوباً، بفرض الضرائب التي تطال الفقراء والفئة المتوسطة أكثر مما تطال الأغنياء، بحجة تغطية عجز الموازنة التي تتحمّل الحكومات، ومنها هذه الحكومة، مسؤولية المديونية المليارية بفعل أكثر من سياسة خاطئة..

أيها المسؤولون: إن الشعب فقير فلا تفقروه أكثر، وإن الشعب جائع فلا تجوّعوه أكثر، وإن الشعب عاطل عن العمل فلا تفرضوا عليه البطالة أكثر.. أيها المسؤولون: كونوا المسؤولين المسؤولين.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير