الشورى أمرٌ إلهي الاستبداد بالرأي مخالف لسنّة الرسول(ص)

الشورى أمرٌ إلهي الاستبداد بالرأي مخالف لسنّة الرسول(ص)

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبتا صلاة الجمعة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء فيهما:

الشورى أمرٌ إلهي

الاستبداد بالرأي مخالف لسنّة الرسول(ص)

من أخلاق الرسول(ص)

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159].

هذا خطاب الله لنبيّه(ص) الذي أرسله إلى الناس حتى {يخرجهم من الظلمات إلى النور} [البقرة:257]، والذي كان عقله ينفتح على الحقيقة كلها وينطلق بالرأي السديد، وكان القائد الذي انطلق بلطف من الله ورحمة من أجل أن يرفع مستوى العالم، بما يبلّغه للناس من وحي الله عزّ وجلّ. وكان خلقه يفتح قلوب الناس، لتنفتح عقولهم عليه.

وكان النبي(ص) ليّن اللسان، رقيق القلب، لأنه كان يريد أن يجذب الناس إلى رسالته ليحبّوه بعد أن يشعروا بمحبته لهم، ولذلك ابتعد عن أن يكون فظّ اللسان، غليظ القلب، فكان الحليم الذي يتّسع صدره للناس، سواء كانوا من الذين يوالونه ويؤمنون به، أو من الذين يعادونه ويكفرون برسالته، وكان الحكيم في كلامه، فلا يتكلم إلا حيث تكون الكلمة في موضعها ومحلّها، لتنفذ إلى عقول الناس وقلوبهم وإلى كل مجالات تفكيرهم.

وكان من خلقه العفو، فكان(ص) يعفو عن أخطاء الآخرين، سواء كانوا من المسلمين أو من الذين يعيشون الصراع معه، وكان يستغفر الله لهم ويدعوه إلى أن يغفر لهم خطاياهم وذنوبهم.

عصمة الرسول(ص) والشورى

وكان الله تعالى يريد لرسوله (ص) أن يشاور صحابته في كل الأمور التي يقدم عليها، فكان يشاورهم في قضايا الحرب والسلم، وفي كل القضايا التي تتعلق بشؤون المسلمين، مما يتصل بحياتهم العامة، مع أن الرسول(ص) كان المعصوم الذي أيّده الله تعالى بعلمه، وأنار له عقله ليكون كله نوراً لا ظلمة فيه، وقد كانت عصمته في الأمور كلها؛ في أمور التبليغ، وفي أمور التنفيذ، وفي كل القضايا الحياتية، لا كما تقول بعض المذاهب الإسلامية، إنّ النبي(ص) كان يعيش العصمة في الأمور التبليغية فقط. ولكننا نعرف أن العصمة لا تتجزأ، فقد كان(ص) معصوماً بكل ذاته؛ في عقله وقلبه وكل حركته في الحياة، لأن دوره هو أن يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، في ما يحملونه من فكر، أو يتحركون به في خط المسؤولية، أو يقومون به من عمل.

وهذا هو المنهج الذي على القادة أن يتبعوه، أن ينطلق القائد ليشاور الذين يتعاونون معه، فلا يستبدّ برأيه، حتى لو كان يملك فكراً حكيماً، لأن دور القائد هو أن يجعل أتباعه ومعاونيه مشروع قيادات، بحيث إذا غاب عنهم استطاعوا أن يتحركوا في الخط القيادي. ولذلك فإننا عندما نقرأ قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران:159]، نعرف أنّ النبي(ص) الذي لم يكن يحتاج إلى أن يشاور أحداً، لأن الحقيقة كانت ماثلة أمامه في كل ما يتحرك به، أراد أن يوحي إلى أصحابه بالثقة، ليعوّدهم على أن يفكروا في كل الأمور.

وهذا ما ينبغي لكل القادة، سواء كانوا دينيين، أو سياسيين، أو اجتماعيين أو عسكريين، أن يأخذوا به، فلا يستبدوا برأيهم، لأن الذي يستبد برأيه قد يخطئ من حيث يريد الصواب، وربما يقوده استبداده إلى أن يظلم الناس. وليس معنى أن يشاورهم في الأمر أن يُجبر على الأخذ برأيهم، بل ليتعرّف إلى وجهة نظرهم، فإذا كمل عنده الرأي انطلق به، {فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحبّ المتوكلين} [آل عمران:159].

مبـدأ الشورى

ونحن نجد أن القرآن الكريم يؤكد هذه المسألة وأهمية الأخذ بها، ليس فقط للقيادات، بل لكل أفراد المجتمع الإسلامي، فنقرأ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ ـ عندما آمنوا به وبرسوله ورسالته ـ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ ـ لإظهار عبوديتهم لله ـ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38]، فالمجتمع المسلم لا ينبغي أن ينطلق في إدارة شؤونه من استبداد أحد برأيه فيما يتّصل بقضاياه، بل لا بد من أن يدير القضايا التي تتصل بمسؤوليته بواسطة الشورى. وهذا الأمر قد يبدأ من الأسرة، بحيث يستشير أفرادها بعضهم بعضاً، وخصوصاً من يملك المعرفة منهم، في كل القضايا التي تتعلق بها، في مصالحها ومصارفها وعلاقاتها وامتداداتها، فلا يستبد أحد منهم برأيه، بحيث لا يجعل لأحد حقاً في أن يشير عليه، وهو ما نلاحظه في بعض الآباء أو الأزواج الذين يعيشون الاستبداد بالرأي، فلا يسمح لزوجته أو لأبنائه، حتى لو كانوا في أعلى مواقع العلم، أن يعطوا رأيهم في الأمور.

وهكذا تمتدُّ المسألة إلى علاقات الناس فيما بينهم، في كلِّ قضايا الحياة، ليعرف كل إنسان أن عليه أن لا ينطلق من هوى نفسه، بل عليه أن يشاور غيره، ولاسيما من يملك الخبرة في الأمور، لا أن يلجأ إلى الاستخارة كلّما أراد الإقدام على عملٍ ما، لأنّ الاستخارة إنما تكون بعد نفاذ كل الوسائل، من سؤالٍ أو استشارةٍ، دون الوصول إلى نتيجة.

وقد ورد عن الإمام عليّ(ع): "بعثني رسول الله إلى اليمن، فقال وهو يوصيني: يا عليّ، ما خاب من استخار ـ من طلب الخيرة في الأمور بواسطة التفكير ـ ولا ندم من استشار"، لأن ذلك سوف يوصله إلى الحقيقة. وورد عن رسول الله(ص): "الحزم أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره".

صفات المستشارين:

وعن الإمام الحسن(ع): "ما تشاور قومٌ إلا هدُوا إلى رشدهم". وورد عن الإمام الرِّضا(ع) لما ذُكر عنده أبوه: "كان عقله لا توازى به العقول ـ كان عقل الإمام الكاظم(ع) في القمة من العقول، ومع ذلك، كان يستشير خدّامه ـ وربما شاور الأسود من سودانه، فقيل له: تشاور مثل هذا؟ ـ وأنت بهذه العظمة وهذا العقل والموقع، فكيف تسأل هذا الخادم وتشاوره؟ ـ فقال(ع): إن الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه"، فلا طبقية عند الله، وربما فتح الله الحقيقة على لسانه.

وورد في وصية رسول الله(ص) لأمير المؤمنين(ع): "يا عليّ، لا تشاور جباناً، فإنه يضيّق عليك المخرج ـ لأنه يعيش الخوف من أن يخوض في هذا الأمر أو ذاك ـ ولا تشاور البخيل، فإنه يقصُر بك عن غايتك، ولا تشاور حريصاً فإنه يزيِّن لك شَرهاً". وورد عن الإمام عليّ(ع) لمالك الأشتر: "لا تُدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، ولا جباناً يُضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزيّن لك الشَرَه بالجور". وعنه(ع): "شاور في حديثك الذين يخافون الله"، لأنهم لن يستغلُّوا مشورتك لهم في الإضرار بك. وعنه(ع): "أفضل من شاورت ذو التجارب"، لأن التجربة تمنحه الخبرة. وقال رسول الله(ص): "من غشّ المسلمين فقد برئتُ منه". وعنه(ص): "من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبّه"، أي عقله.

علينا أن نعمل على أساس أن تكون الشورى هي الطابع الذي يطبع الواقع الإسلامي، ولاسيما عندما يعيش المسلمون واقع التحدي أمام الآخرين الذين يفرضون عليهم الدخول في الحرب أو السلم.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، فماذا هناك؟          

فلسطين: بين إرهاب الحكومة وإرهاب المستوطنين

يعيش كيان العدو في حالٍ من الاضطراب السياسي بعد المأزق الذي وضعته فيه المقاومة في لبنان وفلسطين، وبفعل ظروفه المعقدة داخلياً وخفوت نجم ما يسمونه القيادات التاريخية، ومن خلال التعقيدات السياسية والأمنية والانتخابية التي تضرب هذا الكيان.

ومع ذلك، فإن العدو يطلق يد مستوطنيه للهجوم على ممتلكات الفلسطينيين في الخليل، وإلقاء الحجارة على منازلهم وسياراتهم وتدنيس مقابرهم، ليأخذ العنف الإرهابي الصهيوني ضد الفلسطينيين طابعين: الإرهاب الذي تمارسه الحكومة وإرهاب المستوطنين.

ولقد أصبح جلياً للفلسطينيين، أن العدو كلما شعر بخطورة أوضاعه الداخلية وتفكك علاقاته السياسية التي ستقوده إلى انتخابات جديدة بعد فشل سياسته بتأليف حكومة جديدة، حاول الهروب إلى الأمام أكثر، بتصعيد ممارساته الإرهابية ضد الفلسطينيين، وإعطاء جرعات جديدة للمتطرفين، لقطع الطريق على أية مكاسب سياسية أو أمنية يمكن للفلسطينيين أن يحصلوا عليها من خلال حال الإرباك التي يعيشها العدو في الداخل.

وهذا ما ينبغي للفلسطينيين أن يدركوه، ليعرفوا كيف يتعاملون معه من خلال الأخذ بأسباب الوحدة الوطنية، وعدم الانزلاق خلف المطامع السلطوية والكمائن السياسية التي ينصبها الاحتلال تحت عنوان التفاوض وتهيئة الأجواء للسلام، لأن العدو لن يقدم شيئاً يذكر للفلسطينيين عندما يكون ضعيفاً، وسيعمل على تدمير واقعهم أكثر عندما يستعيد قوته الداخلية.

ولذلك، ليس أمام الشعب الفلسطيني من خيار إلا الإصرار على المقاومة والوحدة الداخلية، وهو ما يجب التمسك به في جولات الحوار القادمة التي نريدها أن تؤسس لاستراتيجية فلسطينية داخلية تواجه المراوغة الإسرائيلية في مسألة المبادرة العربية التي استعادها الصهاينة للعب مجدداً بأعصاب العرب الذين يتوق البعض منهم لسماع كلمات العدو، ولا ينفتح على قضايا أمته، ولا يحدثك إلا بالويل والثبور وعظائم الأمور عندما يُطرح خيار المقاومة، لأنه قرر أن يهرول خلف عنوان الاعتدال الذي مثّل الطعم الأمريكي للعرب، وخصوصاً في السنوات الأخيرة.

مجزرة سوريا: رسالة أمنية سياسية تهويلية

وفي ظل هذا الإصرار لدى كثير من العرب على مجاراة الحركة الأميركية، حتى مع الضعف الذي تعيشه إدارة المحافظين الجدد في أسابيعها الأخيرة، يتسلل الإرهاب الأميركي من العراق إلى سوريا، ليرتكب مجزرة جديدة ضد المدنيين والعمال والفقراء، وليبعث برسائل سياسية وأمنية تهويلية إلى أكثر من موقع عربي وإسلامي، في أسلوب تعوّد عليه الجيش الأميركي المحتل، حيث استهدف المدنيين الأبرياء في أعراسهم وتجمعاتهم القروية ومنازلهم الأمنية في أفغانستان وباكستان، وحيث توزعت مجازره في ريف الفقراء وأحزمة البؤس التي تضمهم في القرى والمدن العراقية من دون تمييز في هوية هؤلاء بين مذهب أو عرق ما داموا جميعاً مسلمين وما داموا مسالمين، وطالما أنهم يختزنون الرفض القوي للاحتلال ومشاريعه.

إننا في الوقت الذي ندين هذا الإرهاب الأميركي المتنقل، والذي يمثل الصورة الأبشع والأخطر لجيش يستخدم آخر تقنياته الحربية ضد العمال والفلاحين والمزارعين، ثم يضع ذلك في خانة الحرب على الإرهاب، وهو الذي يمثل المصداق للإرهاب الجبان بأوضح مشاهده وأبرز معاييره، نريد للحكومة العراقية أن تتحرك بسرعة لمنع الاحتلال الأميركي من أن يأخذ حريته في تهديد أمن العراق وأمن البلدان العربية والإسلامية المجاورة، كما نريد لبقية الدول العربية والإسلامية أن تتحمل مسؤولياتها الإسلامية والوطنية والعربية في استنكار هذه الجريمة الوحشية المتعمدة، وفي تحذير الجيش الأميركي المحتل من أن جرائمه هذه ستعود وبالاً عليه، لتبرز صورة الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة على وضوحها، بحيث لا يتساءل الأميركيون بعد كل هذه الجرائم: لماذا نكرههم؟ لأننا نقول لهم: علام نحبكم؟

الدول العربية: صمت داعم للإرهاب الأمريكي

إننا في الوقت الذي نستغرب صمت الكثير من البلدان العربية والإسلامية حيال هذه الجريمة بكل مقاييسها الإنسانية والسياسية، وبما تمثله من اعتداء صارخ على سيادة دولة عربية، نريد للعرب أن يلتفتوا إلى أن أمريكا ستعمل على توريطهم أكثر في مشروعها الإرهابي الجهنمي في المنطقة، لأنها تريدهم أن يكونوا شركاء لها في إذكاء نيران الفتنة في المنطقة بين الأكثريات والأقليات، وبين السنة والشيعة، كما تريد أن تعطيهم دوراً جديداً في مسألة تهجير الأقليات لحساب مشاريع تفتيتية، أو مشروع خاص لبعض المجموعات بما قد يلتقي مع المشروع الصهيوني، وهذا ما لمسنا بعض خيوطه في عمليات التهجير والتطهر العرقي والديني التي حدثت في العراق مؤخراً.

إننا نحذر العرب قبل غيرهم من الاسترسال في هذا الصمت المميت الذي يوحي بالموافقة على كل جرائم الحرب الأميركية، لأن النيران تقترب من مواقعهم وعروشهم، ونقول لهم: {اتّقوا فتنةً لا تصيـبنّ الذين ظلموا منكم خاصّة}.

لبنان: المصالحة توحِّد البلد

أما في لبنان، فإن الأجواء التصالحية بين المواقع السياسية اللبنانية، تطل على شيء من الانفراج الشعبي الذي كان اللاعبون الطائفيون والمذهبيون يعملون على استبعاده وعلى تعقيد العلاقات داخل الصف الوطني أو الإسلامي، من خلال إثارة الهواجس والحساسيات، والتركيز على بعض الأحداث بطريقة انفعالية غرائزية، وتضخيم بعض الوقائع لحسابات سياسية تتصل بمحاور إقليمية أو دولية لا تريد الخير للبنان، بل تتطلع إليه كساحة من ساحات مخابراتها وعبثها، وكموقع لمشاريعها الأمنية والسياسية.

إننا نتطلع إلى هذه المصالحات من زاوية المصارحات التي تدفع الجميع إلى التفكير ملياً، والتخطيط عملياً لما يعود بالخير على البلد، ولاسيما في المراحل القادمة، لأننا أمام استحقاقات داخلية تنفتح على صورة لبنان وموقعه ومستقبله، واستحقاقات خارجية تتمحور حول التحديات التي قد تطل على المنطقة في ظل المتغيرات القادمة على غير صعيد.

ونريد للحكومة اللبنانية أن تكون حكومة الوحدة الوطنية لا حكومة الأشخاص المرتبطين بالخارج، أو حكومة المحاور التي تتنازع داخل جلسات مجلس الوزراء، وأن تعمل على استقلال الساحة اللبنانية، وأن تسعى بكل طاقتها لتوفير الخدمات المعيشية والصحية والبيئية والاجتماعية الأساسية للبنانيين، وخصوصاً على أبواب فضل الشتاء، وفي ظل حاجة الناس في أكثريتهم الصامتة إلى الدفء أمام متغيرات الطبيعة، وإلى الدفء في علاقاتهم السياسية أيضاً.

إننا نتطلع إلى لبنان الدولة القوية العادلة، لا إلى المزرعة التي يحيط بها الجائعون للمواقع الاستغلالية، والطامحون للحصول على الامتيازات الطائفية والحزبية والمذهبية...

إن المرحلة بحاجة إلى كثير من الوعي والصدق والإخلاص، وقليل من الكلام والاستعراض، فهل يتحرك الواعون الصادقون المخلصون لإنقاذ البلد، أم يندفع الانفعاليون والعابثون والاستعراضيون نحو جولات جديدة من عنف الكلام وعنف السياسة وعبث الموقف والحركة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبتا صلاة الجمعة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء فيهما:

الشورى أمرٌ إلهي

الاستبداد بالرأي مخالف لسنّة الرسول(ص)

من أخلاق الرسول(ص)

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159].

هذا خطاب الله لنبيّه(ص) الذي أرسله إلى الناس حتى {يخرجهم من الظلمات إلى النور} [البقرة:257]، والذي كان عقله ينفتح على الحقيقة كلها وينطلق بالرأي السديد، وكان القائد الذي انطلق بلطف من الله ورحمة من أجل أن يرفع مستوى العالم، بما يبلّغه للناس من وحي الله عزّ وجلّ. وكان خلقه يفتح قلوب الناس، لتنفتح عقولهم عليه.

وكان النبي(ص) ليّن اللسان، رقيق القلب، لأنه كان يريد أن يجذب الناس إلى رسالته ليحبّوه بعد أن يشعروا بمحبته لهم، ولذلك ابتعد عن أن يكون فظّ اللسان، غليظ القلب، فكان الحليم الذي يتّسع صدره للناس، سواء كانوا من الذين يوالونه ويؤمنون به، أو من الذين يعادونه ويكفرون برسالته، وكان الحكيم في كلامه، فلا يتكلم إلا حيث تكون الكلمة في موضعها ومحلّها، لتنفذ إلى عقول الناس وقلوبهم وإلى كل مجالات تفكيرهم.

وكان من خلقه العفو، فكان(ص) يعفو عن أخطاء الآخرين، سواء كانوا من المسلمين أو من الذين يعيشون الصراع معه، وكان يستغفر الله لهم ويدعوه إلى أن يغفر لهم خطاياهم وذنوبهم.

عصمة الرسول(ص) والشورى

وكان الله تعالى يريد لرسوله (ص) أن يشاور صحابته في كل الأمور التي يقدم عليها، فكان يشاورهم في قضايا الحرب والسلم، وفي كل القضايا التي تتعلق بشؤون المسلمين، مما يتصل بحياتهم العامة، مع أن الرسول(ص) كان المعصوم الذي أيّده الله تعالى بعلمه، وأنار له عقله ليكون كله نوراً لا ظلمة فيه، وقد كانت عصمته في الأمور كلها؛ في أمور التبليغ، وفي أمور التنفيذ، وفي كل القضايا الحياتية، لا كما تقول بعض المذاهب الإسلامية، إنّ النبي(ص) كان يعيش العصمة في الأمور التبليغية فقط. ولكننا نعرف أن العصمة لا تتجزأ، فقد كان(ص) معصوماً بكل ذاته؛ في عقله وقلبه وكل حركته في الحياة، لأن دوره هو أن يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، في ما يحملونه من فكر، أو يتحركون به في خط المسؤولية، أو يقومون به من عمل.

وهذا هو المنهج الذي على القادة أن يتبعوه، أن ينطلق القائد ليشاور الذين يتعاونون معه، فلا يستبدّ برأيه، حتى لو كان يملك فكراً حكيماً، لأن دور القائد هو أن يجعل أتباعه ومعاونيه مشروع قيادات، بحيث إذا غاب عنهم استطاعوا أن يتحركوا في الخط القيادي. ولذلك فإننا عندما نقرأ قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران:159]، نعرف أنّ النبي(ص) الذي لم يكن يحتاج إلى أن يشاور أحداً، لأن الحقيقة كانت ماثلة أمامه في كل ما يتحرك به، أراد أن يوحي إلى أصحابه بالثقة، ليعوّدهم على أن يفكروا في كل الأمور.

وهذا ما ينبغي لكل القادة، سواء كانوا دينيين، أو سياسيين، أو اجتماعيين أو عسكريين، أن يأخذوا به، فلا يستبدوا برأيهم، لأن الذي يستبد برأيه قد يخطئ من حيث يريد الصواب، وربما يقوده استبداده إلى أن يظلم الناس. وليس معنى أن يشاورهم في الأمر أن يُجبر على الأخذ برأيهم، بل ليتعرّف إلى وجهة نظرهم، فإذا كمل عنده الرأي انطلق به، {فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحبّ المتوكلين} [آل عمران:159].

مبـدأ الشورى

ونحن نجد أن القرآن الكريم يؤكد هذه المسألة وأهمية الأخذ بها، ليس فقط للقيادات، بل لكل أفراد المجتمع الإسلامي، فنقرأ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ ـ عندما آمنوا به وبرسوله ورسالته ـ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ ـ لإظهار عبوديتهم لله ـ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38]، فالمجتمع المسلم لا ينبغي أن ينطلق في إدارة شؤونه من استبداد أحد برأيه فيما يتّصل بقضاياه، بل لا بد من أن يدير القضايا التي تتصل بمسؤوليته بواسطة الشورى. وهذا الأمر قد يبدأ من الأسرة، بحيث يستشير أفرادها بعضهم بعضاً، وخصوصاً من يملك المعرفة منهم، في كل القضايا التي تتعلق بها، في مصالحها ومصارفها وعلاقاتها وامتداداتها، فلا يستبد أحد منهم برأيه، بحيث لا يجعل لأحد حقاً في أن يشير عليه، وهو ما نلاحظه في بعض الآباء أو الأزواج الذين يعيشون الاستبداد بالرأي، فلا يسمح لزوجته أو لأبنائه، حتى لو كانوا في أعلى مواقع العلم، أن يعطوا رأيهم في الأمور.

وهكذا تمتدُّ المسألة إلى علاقات الناس فيما بينهم، في كلِّ قضايا الحياة، ليعرف كل إنسان أن عليه أن لا ينطلق من هوى نفسه، بل عليه أن يشاور غيره، ولاسيما من يملك الخبرة في الأمور، لا أن يلجأ إلى الاستخارة كلّما أراد الإقدام على عملٍ ما، لأنّ الاستخارة إنما تكون بعد نفاذ كل الوسائل، من سؤالٍ أو استشارةٍ، دون الوصول إلى نتيجة.

وقد ورد عن الإمام عليّ(ع): "بعثني رسول الله إلى اليمن، فقال وهو يوصيني: يا عليّ، ما خاب من استخار ـ من طلب الخيرة في الأمور بواسطة التفكير ـ ولا ندم من استشار"، لأن ذلك سوف يوصله إلى الحقيقة. وورد عن رسول الله(ص): "الحزم أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره".

صفات المستشارين:

وعن الإمام الحسن(ع): "ما تشاور قومٌ إلا هدُوا إلى رشدهم". وورد عن الإمام الرِّضا(ع) لما ذُكر عنده أبوه: "كان عقله لا توازى به العقول ـ كان عقل الإمام الكاظم(ع) في القمة من العقول، ومع ذلك، كان يستشير خدّامه ـ وربما شاور الأسود من سودانه، فقيل له: تشاور مثل هذا؟ ـ وأنت بهذه العظمة وهذا العقل والموقع، فكيف تسأل هذا الخادم وتشاوره؟ ـ فقال(ع): إن الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه"، فلا طبقية عند الله، وربما فتح الله الحقيقة على لسانه.

وورد في وصية رسول الله(ص) لأمير المؤمنين(ع): "يا عليّ، لا تشاور جباناً، فإنه يضيّق عليك المخرج ـ لأنه يعيش الخوف من أن يخوض في هذا الأمر أو ذاك ـ ولا تشاور البخيل، فإنه يقصُر بك عن غايتك، ولا تشاور حريصاً فإنه يزيِّن لك شَرهاً". وورد عن الإمام عليّ(ع) لمالك الأشتر: "لا تُدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، ولا جباناً يُضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزيّن لك الشَرَه بالجور". وعنه(ع): "شاور في حديثك الذين يخافون الله"، لأنهم لن يستغلُّوا مشورتك لهم في الإضرار بك. وعنه(ع): "أفضل من شاورت ذو التجارب"، لأن التجربة تمنحه الخبرة. وقال رسول الله(ص): "من غشّ المسلمين فقد برئتُ منه". وعنه(ص): "من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبّه"، أي عقله.

علينا أن نعمل على أساس أن تكون الشورى هي الطابع الذي يطبع الواقع الإسلامي، ولاسيما عندما يعيش المسلمون واقع التحدي أمام الآخرين الذين يفرضون عليهم الدخول في الحرب أو السلم.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، فماذا هناك؟          

فلسطين: بين إرهاب الحكومة وإرهاب المستوطنين

يعيش كيان العدو في حالٍ من الاضطراب السياسي بعد المأزق الذي وضعته فيه المقاومة في لبنان وفلسطين، وبفعل ظروفه المعقدة داخلياً وخفوت نجم ما يسمونه القيادات التاريخية، ومن خلال التعقيدات السياسية والأمنية والانتخابية التي تضرب هذا الكيان.

ومع ذلك، فإن العدو يطلق يد مستوطنيه للهجوم على ممتلكات الفلسطينيين في الخليل، وإلقاء الحجارة على منازلهم وسياراتهم وتدنيس مقابرهم، ليأخذ العنف الإرهابي الصهيوني ضد الفلسطينيين طابعين: الإرهاب الذي تمارسه الحكومة وإرهاب المستوطنين.

ولقد أصبح جلياً للفلسطينيين، أن العدو كلما شعر بخطورة أوضاعه الداخلية وتفكك علاقاته السياسية التي ستقوده إلى انتخابات جديدة بعد فشل سياسته بتأليف حكومة جديدة، حاول الهروب إلى الأمام أكثر، بتصعيد ممارساته الإرهابية ضد الفلسطينيين، وإعطاء جرعات جديدة للمتطرفين، لقطع الطريق على أية مكاسب سياسية أو أمنية يمكن للفلسطينيين أن يحصلوا عليها من خلال حال الإرباك التي يعيشها العدو في الداخل.

وهذا ما ينبغي للفلسطينيين أن يدركوه، ليعرفوا كيف يتعاملون معه من خلال الأخذ بأسباب الوحدة الوطنية، وعدم الانزلاق خلف المطامع السلطوية والكمائن السياسية التي ينصبها الاحتلال تحت عنوان التفاوض وتهيئة الأجواء للسلام، لأن العدو لن يقدم شيئاً يذكر للفلسطينيين عندما يكون ضعيفاً، وسيعمل على تدمير واقعهم أكثر عندما يستعيد قوته الداخلية.

ولذلك، ليس أمام الشعب الفلسطيني من خيار إلا الإصرار على المقاومة والوحدة الداخلية، وهو ما يجب التمسك به في جولات الحوار القادمة التي نريدها أن تؤسس لاستراتيجية فلسطينية داخلية تواجه المراوغة الإسرائيلية في مسألة المبادرة العربية التي استعادها الصهاينة للعب مجدداً بأعصاب العرب الذين يتوق البعض منهم لسماع كلمات العدو، ولا ينفتح على قضايا أمته، ولا يحدثك إلا بالويل والثبور وعظائم الأمور عندما يُطرح خيار المقاومة، لأنه قرر أن يهرول خلف عنوان الاعتدال الذي مثّل الطعم الأمريكي للعرب، وخصوصاً في السنوات الأخيرة.

مجزرة سوريا: رسالة أمنية سياسية تهويلية

وفي ظل هذا الإصرار لدى كثير من العرب على مجاراة الحركة الأميركية، حتى مع الضعف الذي تعيشه إدارة المحافظين الجدد في أسابيعها الأخيرة، يتسلل الإرهاب الأميركي من العراق إلى سوريا، ليرتكب مجزرة جديدة ضد المدنيين والعمال والفقراء، وليبعث برسائل سياسية وأمنية تهويلية إلى أكثر من موقع عربي وإسلامي، في أسلوب تعوّد عليه الجيش الأميركي المحتل، حيث استهدف المدنيين الأبرياء في أعراسهم وتجمعاتهم القروية ومنازلهم الأمنية في أفغانستان وباكستان، وحيث توزعت مجازره في ريف الفقراء وأحزمة البؤس التي تضمهم في القرى والمدن العراقية من دون تمييز في هوية هؤلاء بين مذهب أو عرق ما داموا جميعاً مسلمين وما داموا مسالمين، وطالما أنهم يختزنون الرفض القوي للاحتلال ومشاريعه.

إننا في الوقت الذي ندين هذا الإرهاب الأميركي المتنقل، والذي يمثل الصورة الأبشع والأخطر لجيش يستخدم آخر تقنياته الحربية ضد العمال والفلاحين والمزارعين، ثم يضع ذلك في خانة الحرب على الإرهاب، وهو الذي يمثل المصداق للإرهاب الجبان بأوضح مشاهده وأبرز معاييره، نريد للحكومة العراقية أن تتحرك بسرعة لمنع الاحتلال الأميركي من أن يأخذ حريته في تهديد أمن العراق وأمن البلدان العربية والإسلامية المجاورة، كما نريد لبقية الدول العربية والإسلامية أن تتحمل مسؤولياتها الإسلامية والوطنية والعربية في استنكار هذه الجريمة الوحشية المتعمدة، وفي تحذير الجيش الأميركي المحتل من أن جرائمه هذه ستعود وبالاً عليه، لتبرز صورة الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة على وضوحها، بحيث لا يتساءل الأميركيون بعد كل هذه الجرائم: لماذا نكرههم؟ لأننا نقول لهم: علام نحبكم؟

الدول العربية: صمت داعم للإرهاب الأمريكي

إننا في الوقت الذي نستغرب صمت الكثير من البلدان العربية والإسلامية حيال هذه الجريمة بكل مقاييسها الإنسانية والسياسية، وبما تمثله من اعتداء صارخ على سيادة دولة عربية، نريد للعرب أن يلتفتوا إلى أن أمريكا ستعمل على توريطهم أكثر في مشروعها الإرهابي الجهنمي في المنطقة، لأنها تريدهم أن يكونوا شركاء لها في إذكاء نيران الفتنة في المنطقة بين الأكثريات والأقليات، وبين السنة والشيعة، كما تريد أن تعطيهم دوراً جديداً في مسألة تهجير الأقليات لحساب مشاريع تفتيتية، أو مشروع خاص لبعض المجموعات بما قد يلتقي مع المشروع الصهيوني، وهذا ما لمسنا بعض خيوطه في عمليات التهجير والتطهر العرقي والديني التي حدثت في العراق مؤخراً.

إننا نحذر العرب قبل غيرهم من الاسترسال في هذا الصمت المميت الذي يوحي بالموافقة على كل جرائم الحرب الأميركية، لأن النيران تقترب من مواقعهم وعروشهم، ونقول لهم: {اتّقوا فتنةً لا تصيـبنّ الذين ظلموا منكم خاصّة}.

لبنان: المصالحة توحِّد البلد

أما في لبنان، فإن الأجواء التصالحية بين المواقع السياسية اللبنانية، تطل على شيء من الانفراج الشعبي الذي كان اللاعبون الطائفيون والمذهبيون يعملون على استبعاده وعلى تعقيد العلاقات داخل الصف الوطني أو الإسلامي، من خلال إثارة الهواجس والحساسيات، والتركيز على بعض الأحداث بطريقة انفعالية غرائزية، وتضخيم بعض الوقائع لحسابات سياسية تتصل بمحاور إقليمية أو دولية لا تريد الخير للبنان، بل تتطلع إليه كساحة من ساحات مخابراتها وعبثها، وكموقع لمشاريعها الأمنية والسياسية.

إننا نتطلع إلى هذه المصالحات من زاوية المصارحات التي تدفع الجميع إلى التفكير ملياً، والتخطيط عملياً لما يعود بالخير على البلد، ولاسيما في المراحل القادمة، لأننا أمام استحقاقات داخلية تنفتح على صورة لبنان وموقعه ومستقبله، واستحقاقات خارجية تتمحور حول التحديات التي قد تطل على المنطقة في ظل المتغيرات القادمة على غير صعيد.

ونريد للحكومة اللبنانية أن تكون حكومة الوحدة الوطنية لا حكومة الأشخاص المرتبطين بالخارج، أو حكومة المحاور التي تتنازع داخل جلسات مجلس الوزراء، وأن تعمل على استقلال الساحة اللبنانية، وأن تسعى بكل طاقتها لتوفير الخدمات المعيشية والصحية والبيئية والاجتماعية الأساسية للبنانيين، وخصوصاً على أبواب فضل الشتاء، وفي ظل حاجة الناس في أكثريتهم الصامتة إلى الدفء أمام متغيرات الطبيعة، وإلى الدفء في علاقاتهم السياسية أيضاً.

إننا نتطلع إلى لبنان الدولة القوية العادلة، لا إلى المزرعة التي يحيط بها الجائعون للمواقع الاستغلالية، والطامحون للحصول على الامتيازات الطائفية والحزبية والمذهبية...

إن المرحلة بحاجة إلى كثير من الوعي والصدق والإخلاص، وقليل من الكلام والاستعراض، فهل يتحرك الواعون الصادقون المخلصون لإنقاذ البلد، أم يندفع الانفعاليون والعابثون والاستعراضيون نحو جولات جديدة من عنف الكلام وعنف السياسة وعبث الموقف والحركة؟

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير